أردوغان تلا آيات من القرآن والخطيب حمل سيفاً عثمانيّاً

المسلمون يُقيمون صلاة الجماعة في "آيا صوفيا"

02 : 00

أردوغان خلال أدائه الصلاة داخل "آيا صوفيا" وفي الإطار تدافع بين مواطنين والشرطة أمام الكاتدرائيّة (أ ف ب)

شارك آلاف المسلمين ظهر أمس في أوّل صلاة تُقام في "آيا صوفيا" منذ أكثر من 8 عقود، عقب "تحويلها"، الذي أثار غضباً عالميّاً، من متحف إلى مسجد، في مناسبة تلا خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان آيات من القرآن. وعلا الأذان من مآذن "آيا صوفيا" الأربع بعد تلاوة "السلطان" أردوغان، الذي اعتمر قلنسوة، "سورة الفاتحة" في أحداث نُقِلَت مباشرةً عبر الهواء.

وقال رئيس الشؤون الدينيّة في تركيا علي أرباش، الذي حمل سيفاً عثمانيّاً فوق المنبر، بما يرمز إلى غزو القسطنطينيّة على يد العثمانيين العام 1453: "نشهد لحظة تاريخيّة... انفصال طال مداه يصل إلى خاتمته"، وذلك وسط حضور جماهيري حاشد غصّت به الساحات والطرق القريبة رغم تفشّي الوباء، حيث توافد المواطنون الأتراك منذ فجر الجمعة، فيما أمضى البعض ليلتهم في المكان.

واعتبر أرباش أن "هذا اليوم هو اليوم الذي تهتزّ فيه قباب "آيا صوفيا" بالتكبير والتهليل والصلوات، وترتفع من مآذنه أصوات الأذان والذكر"، مضيفاً: "ها هي لهفة أحفاد الفاتح واشتياقهم، قد انتهت، كما أن صمت دار العبادة الجليل قد انتهى، فمسجد "آيا صوفيا" الشريف يلتقي اليوم من جديد بجموع المؤمنين والموحّدين"، في حين قال أردوغان عقب الصلاة "إنّ "أيا صوفيا" عادت مسجداً. وبمشيئة الله، ستبقى أبد الدهر مسجداً يؤمه المؤمنون كافة".

وهذه أوّل صلاة جماعة تستقبلها كاتدرائيّة "آيا صوفيا" السابقة، الصرح المعماري المسيحي البيزنطي المشيّد في القرن السادس الميلادي، منذ 86 عاماً. وكان أردوغان قد أقرّ بتحويل المكان إلى مسجد، مستنداً إلى حكم قضائي يُبطل قرار تحويلها متحفاً العام 1934 من رئيس الجمهوريّة التركيّة آنذاك مصطفى كمال أتاتورك.

وقالت آية نور ساعاتجي، 49 عاماً، وهي ربّة منزل قطعت عطلتها الصيفيّة للمشاركة في المناسبة: "إنّه حدث تاريخي. ليُبارك الله رجب طيب أردوغان الذي يقوم بكلّ هذه الأشياء الرائعة. أنا متأثرة للغاية". ويرى مراقبون أن أردوغان يهدف من تحويل "آيا صوفيا" مسجداً مجدّداً، إلى تحفيز قاعدته الإسلاميّة المحافظة في أجواء من الصعوبات الاقتصاديّة المتفاقمة. ولا تزال "آيا صوفيا" مرتبطة ارتباطاً وثيقاً في تركيا باحتلال العثمانيين للقسطنطينيّة بقيادة السلطان محمد الثاني "الفاتح".

كما قال التاجر صلاح الدين أرداش، الذي قدم إلى المكان للمشاركة في الصلاة: "إنّها اللحظة التي تُحطّم فيها تركيا القيود. سيكون بمقدورها القيام بما تشاء من الآن فصاعداً، من دون الخضوع للغرب"، مضيفاً: "لا أحد يقدر على إعادتها مسجداً سوى رئيسنا!"، بينما أعرب اسرافيل، بائع السجاد بالقرب من "آيا صوفيا"، عن خشيته من "أثر سلبي للقرار على السياحة التي أضرّ بها الوباء أصلاً"، معتبراً أن "كلّ هذا الاستعراض لأغراض سياسيّة".





وفي خطوة رمزيّة، اختار أردوغان لأوّل صلاة يوم الذكرى السابعة والتسعين لاتفاقيّة لوزان التي رسمت حدود تركيا الحديثة، إذ يُطالب الرئيس التركي الذي يحنّ إلى "الإمبراطوريّة العثمانيّة"، في أغلب الأحيان، بتعديلها. وتأتي صلاة الجمعة هذه في أجواء من التوتّرات الجيوستراتيجيّة الشديدة بين أنقرة وأثينا، مرتبطة خصوصاً بعمليّات استكشاف الطاقة في شرق المتوسط.

في المقابل، قُرِعَت أجراس الكنائس في كافة أرجاء اليونان حداداً على إقامة صلاة الجماعة في "آيا صوفيا"، "فهذا يوم حداد لكلّ المسيحيّة"، وفق رئيس أساقفة أثينا وكلّ اليونان إيرونيمس الثاني. وفي رسالة بمناسبة الذكرى السنويّة السادسة والأربعين لاستعادة الديموقراطيّة في اليونان، وصف رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، تركيا، بأنّها "مقلقة" ، معتبراً أن تحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد "إهانة لحضارة القرن الحادي والعشرين". وتابع: "ما يتكشّف في القسطنطينيّة اليوم، ليس دليلاً على القوّة بل دليلاً على الضعف".

من جهته، عبّر المفوّض الأوروبي، اليوناني الجنسيّة، مارغاريتيس سكيناس عن غضبه لإعادة تحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد، معتبراً أن القرار "نقطة انطلاق سيّئة للعلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي". وعبّرت الولايات المتحدة واليونان، اللتان تُتابعان بدقّة مصير التراث البيزنطي في تركيا، عن قلقهما سابقاً، في حين عبّر البابا فرنسيس عن "حزنه الشديد" لتحويل كنيسة "آيا صوفيا" إلى مسجد مجدّداً.


MISS 3