جاد حداد

Live to Lead... قصص قادة غيّروا وجه العالم

18 آذار 2024

02 : 00

قد يكون الوثائقي Live to Lead (عِشْ لكي تقود) على شبكة «نتفلكس» مصدر الإلهام الذي يحتاج إليه الجيل الجديد في الوقت الراهن، ويُفترض أن يشاهده كل من يريد تحقيق أكبر الإنجازات في مجال العدالة الاجتماعية. يهدف المسلسل في الأصل إلى تكريم نيلسون مانديلا ونضاله المتواصل لإحداث تغيير حقيقي في العالم المحيط بنا، وهو يحمل توقيع المخرج جيف بلاكويل من نيوزيلندا.

يمتدّ الوثائقي على سبع حلقات، وتتمحور كل حلقة منها حول شخصية بارزة من التاريخ الحديث. مع تقدّم الحلقات، يسهل أن نستنتج أن تصرّفات شخص واحد ومثابرته كفيلة بإحداث تغيير جذري في العالم.

تتراوح الشخصيات المؤثرة التي تشارك في هذا الوثائقي بين رئيسة المحكمة العليا الراحلة والناشطة في مجال حقوق المرأة، روث بادر غينسبيرغ، ورئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة جاسيندا أرديرن. يُعرّف دوق ودوقة ساسكس، الأمير هاري وميغان ماركل، عن هذه الشخصيات القيادية المتنوّعة، وتبدأ الحلقات بمقطع مميّز عن بطل الحلقة وهو يدعم قضيته، ثم تعود إلى جذوره عبر عرض مقابلات معه أو استعمال أساليب أخرى لسرد قصته.

تقتصر كل حلقة على ساعة واحدة، لكن يقدّمها صانعو العمل بأسلوب جميل عبر طرح حبكة جاذبة ومقاطع فيديو متقنة تتّسم بمدة مناسبة. كذلك، كان اختيار القادة دقيقاً ومثيراً للاهتمام لدرجة أن نرغب في إعادة مشاهدة كل حلقة للتركيز على جميع المعلومات المعروضة. يأتي المشاركون من خلفيات ومِهَن مختلفة، ما يجعل المسلسل مميزاً بسبب تنوّعه الفائق. لا مفرّ من أن يجد جميع المشاهدين، بغضّ النظر عن طبيعة اهتماماتهم، حلقة واحدة تثير اهتمامهم على الأقلّ.

لكن لا تخلو هذه القصص المُلهِمة من الصراعات أو المصاعب، وتشدّد المقابلات المعروضة على هذا الجزء من القصص، ما يسمح للشخصية المحورية في كل حلقة بالكشف عن التجارب الشاقة التي أوصلتها إلى هذه المرحلة من حياتها.

تناقش غينسبيرغ مثلاً المشاكل التي واجهتها بسبب التمييز على أساس الجنس حين أرادت أن تشغل منصباً في شركة محاماة، رغم تخرّجها من كلية الحقوق في جامعة «هارفارد». هي تتكلّم بكل صراحة أيضاً عن القلق الذي شعرت به حين تساءلت عن قدرتها على الاعتناء بطفل عندما كانت تدرس المحاماة.

في غضون ذلك، يَصِف لاعب الرغبي والناشط في الأعمال الخيرية سيا كولسي جزءاً من الصراعات التي واجهها في صغره، حين كان لا يجد ما يأكله، ويشدّد على شعوره الغامر بضرورة مساعدة جنوب أفريقيا حين تواجه أزمات مثل جائحة كورونا الأخيرة.

وفي حلقة أخرى، يتذكّر المحامي والناشط ألبي ساكس تجربة كادت تودي بحياته عند تفخيخ سيارته واستهدافه بعد مطالبته بالمساواة العرقية دعماً لحملة مانديلا الرامية إلى إنهاء الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

يبدو القادة المشاركون في الوثائقي صريحين لأقصى حدّ حين يتكلّمون عن مسار حياتهم، وتتّضح قوتهم واستعدادهم للظهور في موقف ضعيف أمام الرأي العام بطريقة لافتة وصادقة. يشدّد هذا المسلسل على كشف جميع التفاصيل، بما في ذلك المسائل الإيجابية والسلبية، كي يتمكّن المشاهدون من فهم الشخصيات المشارِكة بشكلٍ كامل واستيعاب مدى تمسّكهم بقضاياهم.

ربما يتعلّق النقص الوحيد في هذا الوثائقي بغياب حلقة عن شخصية أحدثت تغييراً كبيراً في مجال الطب، أو الرعاية الصحية، أو الأبحاث العلمية. حارب جميع القادة المشاركين في المسلسل من أجل تحسين مجالات مثل حقوق الإجهاض والتغير المناخي، لكن لم يتطرّق العمل إلى العدالة الصحية مثلاً.

بشكل عام، يناسب هذا الوثائقي كل من يبحث عن مصدر إلهام وتحفيز، أو يهتم بتاريخ الناشطين الاجتماعيين المعاصرين، أو يحاول تحديد أفضل طريقة لإحداث فرق حقيقي في العالم الذي نعيش فيه اليوم.

MISS 3