رمال جوني

في عيد الأم... من يُعزّي والدة ريماس وليان وتالين؟!

21 آذار 2024

02 : 00

كأنّه كابوس. هكذا تبدو الحياة بالنسبة إلى هدى حجازي التي خسرت بناتها الثلاث ليان وريماس وتالين ومعهنّ الجدّة سميرة أيوب في مجزرة عيناتا. لم تتعافَ هدى من الصدمة، فالجرح ما زال دامغاً. بصعوبة تمرّ الأيام عليها، وحدها الصورة تبدو رفيقتها. يقول عنها خالها سمير أيوب إنّها «جبل الصبر»، تُغلّف حزنها بابتسامة.

قاسياً سيمرّ عيد الأم على هدى، هو العيد الأول من دون بناتها، كنّ رفيقاتها، العلاقة التي جمعتهنّ «غريبة» ومميزة، لم تتخيل أنها فقدت «فلذات كبدها» و»دينامو البيت». نادراً ما تخرج من المنزل، تلازم ذكرياتها، حنينها لمن ربّتهنّ «كل شبر بندر»، وإذ بالعدوان الإسرائيلي يأخذهنّ منها في «لحظة»، ويطفئ حلم «الأيام»، كما يقول أيوب الخال الأقرب لهدى. لا يهدأ بالها إلا حين تزورهن في المقبرة، تجالسهن، تحاورهن، تناقشهن في كل التفاصيل، حتى الأمور الدراسية، بحرقة يقول أيوب: «جرح هدى عميق، هي الأم المكسورة، لا تُصدّق أنّ بناتها أصبحنَ ذكرى، ومع ذلك تقاوم حزنها».

إنقلبت حياة هدى رأساً على عقب، تتخيل دخول بناتها من الباب، يحملن وردة وقبلة ودعاء، أمنية تحزن هدى. «الأم المكلومة تحتاج إلى وقت طويل لتمتص الصدمة وتستأنف حياتها من جديد». ويتحدّث أيوب عن حجم الوجع الذي طعن قلبها، عن دموعها التي تذرفها على الصورة التي تجمعها بهنّ. يشير إلى أنّها «لم تكن أماً لهنّ فحسب، كانت صديقتهنّ. الحوار كان سيد العلاقة بينهن، الإرتباط كان متيناً ونادراً». لا يمكن لسمير النظر إلى وجه هدى، «كيف لي رؤية هدى الحزينة، أشعر بألمها العميق، أنا ما زلت في صدمة ولم أصدق ما حصل».

خسر سمير ليس فقط بنات هدى، بل أخته التي كانت بمثابة أمه، يشعر وكأن عيد الأم قاسٍ عليه هذا العام، يأتي في زمن أسود، زمن القهر والحسرة، بدمعة يضيف: «لم أعِ بعد أنّ سميرة الأم الحنون، رابطة العائلة وصانعة الضحكة والإلفة قتلها العدو، لم تعد بيننا، لأنّ إجرامه كان أقوى من محبة سميرة وليان وتالين وريماس». يأتي مؤلماً عيد الأم هذه المرة، لهدى التي تحاول أن تتصالح مع فكرة فقدان بناتها. العيد الذي كان صانع الفرحة لها. كانت تنتظر قبلات البنات وهداياهن الجميلة، كانت تمضي معهن العيد وهنّ يزرعن الورد في حديقة منزلهن في بليدا. هذه المرة لن تكون هناك قبلات وورود، ولن تكون هناك تالين وريماس وليان، ستكون الصورة المؤلمة فقط. فمن الصعب، وفق سمير، «التعايش مع عدوّ يقتل كل الحياة فينا، هذا العدو الذي قتلنا جميعاً ونحن على قيد الحياة». يؤكد أنّ هدى «ستكمل حياتها. ولكن كيف، بحرقة بحزن، سرقت إسرائيل منّا كل شيء وتركتنا بلا حياة، الجرائم الذي ترتكبها تؤكّد أنها فاشية ونازية، لا تفرق بين الأطفال، بل تقتلهم بدم بارد. تمضي هدى يومياتها الحزينة في منزلها في بيروت، تزور بليدا وقبور بناتها كلّما هدأت الأوضاع الأمنية. تبكي، تذرف الدموع، تضع وردة، تحمل الصورة وتمضي، لأنه، بحسب سمير، «وحدها هذه الزيارة تشفي الأم الثكلى». ليست هدى وحدها الذي حُرمت أمومتها، هناك أمهات أخريات حرمنَ حقهنّ بالعيد، عيد الأم سيكون حزيناً عليهنّ، ومع ذلك لا يسعنا القول إلا كلمة واحدة: «الأم هي معجن الصبر الذي لا يهزمها الحزن مهما طال، بل سيقويها، لأنّها، أي الأمومة، هي رمز الحياة، بل هي الحياة بذاتها».

MISS 3