ينجح الممثل عندما لا يمثل.
مقولة اثبتت الممثلة ماغي بو غصن صحتها، بعدما تحوّلت الرقم واحد والصعب في الدراما اللبنانية والعربية، من خلال دورين اثنين تحديدا: "سحر " في سلسلة "للموت"( تأليف ندين جابر واخراج فيليب اسمر) و"يسار" في مسلسل "عَ أمل"( تأليف ندين جابر واخراج رامي حنا).
قبل " للموت" و" "ع امل" لم يكن اسم ماغي يوما مرادفا لاسم "جنى" الشخصية التي قدمتها في مسلسل " يا ريت"، ولا "ديمة" التي لعبت دورها في " اولاد آدم"، ولا حتى "هيا" في " ٢٤ قراط". كانت وظلت ماغي بو غصن، وظلت تلك الادوار أدواراً، رغم إجادتها في تجسيدها.
ولكن فجأة حدث شيء ما. فجأة، واثناء عرض "للموت" وعلى مدى ثلاثة أعوام، اصبحت ماغي هي سحر، وسحر هي ماغي، لا فرق بينهما. لم تعد سحر دورا، اصبحت لحما ودما وروحا . واليوم، مع وصول " ع أمل" الى منتصف طريقه، قطعت يسار الطريق على سحر، واصبحت ماغي هي يسار. ما السر؟؟؟ انتاج ايغل فيلمز الضخم هو نفسه، وبراعة مخرجين وكتّاب مشهود لهم بالحرفية هي نفسها وان تغيّرت الاسماء، اذا ما السر؟ هل يكمن السر في كاتبة " للموت" و"ع أمل"، ندين جابر؟ الى حد ما نعم، فندين عرفت كيف تغوص في اعماق كل من الشخصية الوهمية والممثلة الحقيقية، وليس بالصدفة اصطادت الصفدة، ووجدت داخلها لؤلؤتين فيهما تموجات من الوان شخصية ماغي بو غصن الحقيقية. وهنا نصل الى صلب الموضوع والسر الحقيقي وراء نجاح ماغي بو غصن المدوي في السنوات الاربع الاخيرة، وتحديدا بعد " للموت" و" ع أمل". السر ببساطة أن الممثل ينجح عندما لا يمثل. وفي " للموت" و"ع امل" لم تكن ماغي تؤدي شخصيتين بعيدتين كل البعد عنها، فمهما امتلك الممثل موهبة وادوات وتقنيات، لا شيء يوازي احساسه الحقيقي بالشخصية التي يقدمها. وهذا سبب تألق ماغي بو غصن بشخصيتي"سحر" و" يسار" تحديدا، لأنهما كما ذكرنا، مرآة لجوانب عديدة من شخصيتها الحقيقية . ماغي تماما مثل سحر، امرأة قوية، طريفة ،لمّاحة، ذكية،صديقة وفية، عاشت تجارب قاسية في الماضي، وهذا ما جعلها تصمم على النجاح وتنجح.
ماغي تماما مثل يسار، تعرّضت للعنف من زوجها الأول، و كادت أن تموت بعدما ذاقت ابشع أنواع التعذيب، ولكنها انتفضت، ورفضت الاستسلام.
ماغي بو غصن نجحت دائما، ولكنها تألقت فعلا في اكثر شخصيتين استفزتا حقيقتها، فكشفت وجهها الحقيقي من خلالهما (ومن اصعب الامور كشف الوجه والجرح)، وحوّلت الشاشة مرآة، وقالت ، انظروا هذه الملامح هي بعض من أنا. فنظرنا وصفّقنا.