ريتا ابراهيم فريد

مسلسل "بيت الرفاعي"... الحقد تحت أقنعة الودّ

مشهدان من المسلسل

لا شكّ في أنّ حضور النجم المصري أمير كرارة يشكّل بحدّ ذاته عنصر جذبٍ لآلاف المشاهدين كي يتابعوا أيّ عمل درامي لمجرّد مشاركته فيه. فكرارة الذي يمتلك شخصية جذّابة بقامته الفارهة وبنيته القوية وعينيه الخضراوين، يتميّز كذلك بقدرته على تجسيد أحاسيس متناقضة من خلال نظراته، حتى من دون أن ينطق بحرفٍ واحد. وقد دخل السباق الرمضاني هذا العام من خلال مسلسل «بيت الرفاعي» بشخصية الدكتور ياسين، حيث يلعب دوراً مختلفاً عن الأدوار التي أداها سابقاً، والتي كان أبرزها ظهوره في شخصية الضابط في «كلبش» و»الإختيار».



«بيت الرفاعي» دراما مصرية تُعرض خلال شهر رمضان المبارك، من كتابة بيتر ميمي وسيناريو وحوار هند عبدالله وعمرو أبو اليزيد، وإخراج أحمد جلال وإنتاج شركة «سينرجي»، من بطولة أمير كرارة، أحمد رزق، سيد رجب، ميرنا جميل، صفاء الطوخي، رحاب الجمل، أحمد فؤاد سليم، ملك قورة، إيناس كامل، مع نخبة من الممثلين المصريين.

يدور العمل حول أسرة آل الرفاعي الثرية التي يُقتل كبيرها الحاج محمود (الفنان أحمد فؤاد سليم) في نهاية الحلقة الأولى. وتتجه كلّ الأدلّة صوب إبنه البكر الدكتور ياسين الذي كان قد دخل في شجار معه قبل دقائق من مقتله. وهُنا تنقلب حياة أفراد الأسرة رأساً على عقب خلال ليلة واحدة. وبعدما تمّ توقيفه، ينجح ياسين بالفرار بعد تعرّض الشاحنة التي تنقله نحو السجن الى حادث اصطدام. مع الإشارة الى أنّ مشهد هروب السجين بهذه الطريقة بالذات ليس جديداً، وقد شاهدناه في أعمالٍ عربية وأجنبية، من بينها فيلم «إغتيال» الذي جسّدت فيه الفنانة ناديا الجندي مشهداً مشابهاً.

وهُنا يسير الدكتور ياسين في رحلة شاقّة لإثبات براءته والبحث عن القاتل الحقيقي لوالده. وتتجه أنظار المشاهدين في البداية نحو إبن عمّه فاروق (الفنان أحمد رزق) الذي صبّ كل غضبه على أفراد الأسرة وطردهم من المنزل بعد مقتل عمّه، خصوصاً أنّ الأخير كان قد ترك له كلّ الإرث ونصّبه كبيراً على عائلة آل الرفاعي. فتكبّر بالفعل وتجبّر، وقرّر أن ينتقم من ياسين. ثم يظهر القاتل الحقيقي في حلقات لاحقة. أما الدكتور ياسين الذي يواجه اختبارات صعبة بعدما تتوالى عليه المصائب تباعاً، بداية من اغتيال والده اثم اتهامه بالجريمة، الى هروبه وخوفه على ابنته وشقيقتيه، ثم وفاة والدته، فيقدّم أحاسيسه ببراعة تدفع بالمُشاهد لأن يضع نفسه مكانه متسائلاً بينه وبين نفسه كيف كان سيتصرّف فيما لو تعرّض لظروف مشابهة.



ملصق المسلسل




ومن العبارات اللافتة التي وردت في المسلسل جملة «أوقات الخاين بيبقى قدام عينيك بس من ثقتك فيه عمرك ما تشكّ فيه»، التي تختصر إحدى أبرز رسائل العمل. فهناك أكثر من شخصية تخفي جوانب معاكسة تماماً لما تُظهره للعلن. مثلاً الحاج محمود الرفاعي الذي يُعرف بقيامه بالأعمال الخيرية ومساعدته للمحتاجين، هو في الحقيقة تاجر آثار جنى ثروته بالمال الحرام. وشقيقه عبد الحميد (الفنان سيد رجب) الذي يبدو طيباً ومحباً ويُظهر الودّ للجميع، يتبيّن لاحقاً أنّه المجرم الحقيقي الذي قتل شقيقه بمساعدة عاملة المنزل عبر خطّة محكمة لتوجيه أصابع الإتهام نحو الدكتور ياسين.

ومن خلال مشاهد «الفلاش باك» التي تُعرض مع بداية كل حلقة وتعود بالمشاهدين نحو لقطة من أحداث الماضي، تتبيّن كمية الحقد الدفين التي يخفيها عبد الحميد في داخله تجاه شقيقه، وهو حقد يعود الى أيام الصبا. هذه المشاهد تُسجّل بطريقة عرضها نقطة قوة للعمل، إذ تتيح للمشاهد أن يحلّل في ذهنه دوافع تصرّفات الأبطال انطلاقاً من الماضي الذي عاشوه، فيربط بين المسار الحالي للقصة وبين أحداث سابقة، ما يزيد من عنصر التشويق.

من جهة أخرى، لا يخلو العمل من مشاهد كوميدية وحوارات طريفة في إطار عفوي مضحك، نجحت في أن تكسر الى حدّ ما قساوة الأحداث وحدّتها. لكنّ ذلك لم يعفه من انتقادات تمحورت حول القصة التي قيل أنها مقتبسة عن أعمال سابقة. وهُنا لا بدّ من الإشارة الى أنّ العمل بالفعل لم يقدّم جديداً بالمعنى الفعلي لجوهر القصة. فالمسلسل رغم كل أحداثه المتشعّبة، ورغم التفاصيل الشيقة والألغاز، والى جانب الأداء المبهر للنجوم المشاركين في العمل، لكنّه يدور في إطاره العام حول الصراعات العائلية على الميراث، وهي فكرة لطالما شاهدناها في أعمال درامية عربية سابقة.

*»بيت الرفاعي» يُعرض خلال شهر رمضان المبارك عبر قناة ON ومنصة Watch it