العميد الركن المتقاعد ميشال حروق

هل سيناريو غزة قابل للتحقيق في لبنان؟

27 آذار 2024

01 : 59

منذ السابع من تشرين الاول (اكتوبر) 2023 قامت حركة حماس بعملية عسكرية صعبة جدافي غزة داخل فلسطين المحتلة كونها داخل منطقة مكتظّة بالسكان وهي تعرف بأدق العمليات وأصعبها في العلم العسكري اذ أن القتال يكون بين أبنية سكنية مما يتطلب نشر قوى عديدة مع وسائل متنوعة تشترك فيها كل القوى المسلّحة على مختلف تعددها من قوى برّية وجوّية بالاضافة الى قوى بحرية كما هو الوضع في غزة، كما ان التقدم والسيطرة يتطلبان وقتا طويلا فاذا كانت القاعدة في الهجوم توجب المهاجم ان تكون قواه بمعدل ثلاثة الى واحد فان القتال في المدن أو الاماكن السكنية Zones Urbaines فالنسبة هي ستة الى واحد مع الاخذ بعين الاعتبار ان المهاجم يتكبّد ارواحا أكثر من المدافع. هذا على الصعيد التكتي العملاني أما على الصعيد السياسي فرئيس حكومة اسرائيل وكذلك منظمة حماس اوجدا نفسهما في معادلة لا يمكن الخروج منها الا بالغاء الآخر. لا يستطيع ناتانياهو ايقاف القتال قبل القضاء على حماس وتحرير الاسرى، كما ان حماس لا يمكنها تحرير الاسرى لانه بذلك تكون قد وقّعت على نهايتها فلذا ستطول المعارك في غزة مهما طالت معاناة المواطنين وعذاباتهم.

امّا في لبنان الوضع يختلف، فالقتال هو لمساندة غزة وتأخير سقوطها لحين خلق وضع عالمي يوقف القتال، والوضع العملاني هومغاير لان طبيعة الارض او مسرح العمليات يختلف في غزة عن لبنان، الارض جبلية مع كثافة سكانية اقل من غزة انما المهم هو محاور التقدم وتوزع القرى والاحراج والتلال التي تتحكم بهذه المحاور عدا عن تفوق سلاح الجو الذي يسيطر كليا على الاجواء اللبنانية والتي يمكنه تأمين مساندة فورية للقوى المهاجمة وتأثيره اكبر من المناطق المأهولة.

لا شك ان حزب الله قد يكون قد تحضّر لذلك انما الثمن الذي سيدفعه لبنان من تدمير قراه ومدنه وانشاءاته الحيوية ستكون باهظة الكلفة وموجعة جدا وسيصعب عليه اعادة بنائها في ظل الاوضاع السياسية الحاضرة زيادة على ذلك لا يمكن الاتكال على قوى المتعددة الجنسيات اذ ان هذه القوة معتادة التعامل مع هكذا وضع اذ سبق وان خرقت القوات العدوة مرارا الحدود اللبنانية.


السؤال الذي يطرح هل بامكان الجيش الاسرائيلي القيام بعملية هجومية بنفس الوقت مع عملياته في غزة؟

الجواب هو نعم. الجيش الاسرائيلي هو من اقوى جيوش العالم (العاشرفي الترتيب العالمي زائد السلاح النووي) مع أحدث الاسلحة الهجومية والدفاعية كالدبابة ميركافا والطائرة F35 وهي الوحيدة المستعملة في غير الولايات المتحدة التي تصنعها وحوالي خمسماية الف جندي مع الاحتياط لان كل مواطن في اسرائيل هؤ جندي احتياط ذكرا كان ام انثى لذا يمكنه القتال على اكثر من محور والدخول الى لبنان لن يكون بصعوبة القتال في غزة لان طبيعة الارض مختلفة كليا.



مضت ستة اشهر وسكان شمالي فلسطين المحتلة خارج قراهم واماكن سكنهم ولن يعودوا الاّ اذا حلت مشكلتهم سلما ام حربا. لهذه الاسباب يمكن ان يحصل دخول القوات الاسرائيلية الى لبنان وسيناريو غزة قابل للتنفيذ، وهنالك تهديد للبنان كل يوم من المسؤولين الاسرائيليين لا يمكن الاّ اخذه بعين الاعتبار. مقابل ذلك القسم الاكبر من اللبنانيين هو مع القرار 1701 وهو الدخول المنطقي والمتوفر الى الحل اذ انه قرار دولي وسهل التنفيذ لان القوات الدولية متواجدة على الارض اللبنانية والمطلوب فقط اعادة انتشارها، غير ان هناك حكومة تصريف اعمال وشعب منقسم وظروف دولية بالغة التعقيد ولبنان البلد الضحية الذي اعلن مكون فيه "التقسيم"واصبح يدير طائفته غير آبه بمتطلبات وحاجات المكونات الاخرى فهو يعلن الحرب دون موافقة الحكومة وخلافا للمادة 65 من الدستور

لديه مصارفه، جيشه، نظامه الصحي، مستشفياته، مطاره، مرفأه ، مناطقه...جمهورية حزب الله قائمة فليفعلها ويعلنها ولا حاجة لعملية القضم المموه " Nebuleuse" . للراغبين الأنضمام اليها من باقي الطوائف فيعلن ولاءه لجمهورية ولاية الفقيه حتى لا نقضي باقي اعمارنا نتكهن ما هو مستقبلنا ومستقبل اولادنا. فلنقسّم المناطق حبيا او غير ذلك لا فرق انما لنبت بهذا الامر اليوم قبل الغد حتى تترحم علينا اجيال المستقبل.



ان بقاء الوضع على ما هو عليه وعدم تدخل الحكومة سيؤسس لصراع بين مكونات الوطن وليس فقط من المكون المسيحي انما ايضا من المكون السني الذي بالرغم من الخطاب المهذب والمدروس لسماحة المفتي يعكس رفض الواقع السيء: "من غيرالجائز ان تبقى دولتنا من دون رئيس لها,ولايمكن ان يحصل لبنان على ثقة الأشقاء العرب والأصدقاء ودول العالم اذا لم نعد ألأعتبار الى الدولة ومؤسساتها".



كذلك قال:"ان دار الفتوى لا ولن ترضى السير في مشاريع لا يحكمها ألعقل والمنطق والحكمة,والمنطق السليم,لحساب مصالح شخصية ضيقة يضيع لبنان بسببها ويندثر دوره في أداء رسالته الوطنية والعربية النبيلة التي لا يكون الا بها."



هل هناك عقال في لبنان يسمعون هذه النداءات؟


MISS 3