جوزيفين حبشي

٢٠٢٤... يستحق علامة ٢٤ على ٢٠

2 نيسان 2024

12 : 07

" حتى تصنع فيلماً رائعاً، أنت تحتاج الى ٣ عناصر: السيناريو ثم السيناريو ثم السيناريو".

هذا ما قاله أحد أعظم المخرجين في العالم ألفرد هيتشكوك، وهذا ما كنت انا شخصياً مقتنعة به ١٠٠٪؜ الى أن شاهدت الحلقات الـ٧ الاولى من مسلسل ٢٠٢٤ (١٥ حلقة من انتاج الصبّاح).



ليس تقليلاً من شأن السيناريو في مسلسل ٢٠٢٤، فهو جيّد جداً، ولكنه ليس بالجديد، بل هو متوقّع وشبيه بآلاف الحبكات التي تدور في فلك العصابات وتجّار المخدّرات ورجال الشرطة والانتقام.

إذاً ليس تقليلاً من شأن السيناريو، وإنّما كلمة حق تقال، وبالإذن من هيتشكوك، ٣ عناصر هي السبب الأساسي في النجاح الكبير الذي يحققه اليوم مسلسل ٢٠٢٤: المخرج ثم المخرج ثم… الممثّلون.



نعم المخرج المايسترو فيليب اسمر، أوّلاً وثانياً وثالثاً حتى، فهل تتخيّلون القصّة والأحداث والانتاج الضخم من دون عبقرية هذا المخرج الشاب والاستثنائي؟ هل تتخيّلون الحلقة الخامسة من دون إبداع فيليب اسمر؟ هل تتخيّلونها من دون عينه الراداريّة تصويرياً ومشهدياً وايقاعياً وتوليفياً (مونتاج) وموسيقياً؟ هل تتخيّلونها من دون براعته في ادارة هكذا خلطة مبهرة من الأكشن الهوليوودي والتشويق المصاب بارتفاع في ضغط لا تنفع معه أي حبّة concor لخفضه، والاضاءة والصوت ومواقع التصوير الساحرة والدراما المتفجّرة والانفعالات والأداءات القوية لممثّلين بإدارة سمفونية، أثناء هرب النقيب سما وابنتها، والمطاردة التي انتهت بمقتل الضابط أيمن؟ أنا شخصياً لا استطيع ولا أريد تخيّل هكذه مطاردة وهكذا احداث وهكذا مسلسل من دون فيليب اسمر، رغم الميزانية الضخمة التي رصدتها له شركة الصبّاح.



مجدداً، نجاح ٢٠٢٤ يعتمد على المخرج ثم المخرج ثم… الممثلين.

نادين نسيب نجيم التي اشتقنا لها ولتمثيلها الذي لطالما توِّج مثلها ملكاً على عرش الاداء الطبيعي، تعود بقوّة مع إمكانات فيليب اسمر الفنيّة وقدرات شركة الصبّاح المادية. هل تتخيّلون هذه التركيبة؟ لا داع للتخيّل والخيال، فالواقع نشاهده كلّ ليلة بأمّ العين، إتقاناً وإبهاراً. نادين نسيب نجيم العائدة الى ملعبها في الدراما والأكشن على حدّ سواء، سدّدت بقوّة الهدف في شِباك التميّز وعلى "شبّاك تذاكر" أعلى المشاهدات في العالم العربي.


المضحك أنّ هناك من تجرّأ على الاستهزاء، من خلال تشبيه النّقيب سما بلارا كروفت (دور حركة شهير قدّمته انجلينا جولي)، وكأنّ في الامر إهانة. الحقيقة، وكلمة الحق تقال، نادين لا تقارن بأنجلينا جولي، لأنّها لا تقلّ عنها ابداً، بل تتفوّق عليها بكامل أدواتها الفنية والادائية والجسدية.


مذهلة نادين بالتحامها بهذه المرأة الضابط التي تمرّست على الانضباط والقوّة والمرونة في القتال، والأم التي تشرّبت بالفطرة الحنان والضعف المطلق أمام قطعة من قلبها وروحها. رائعة باعتمادها على "ماكياج" من انفعالات واحاسيس وجروح دامية، وكدمات داكنة، وشعر مجبول بالعرق والتعب، من دون أي لمسة أحمر شفاه وكحل عيون، هي التي لطالما إتُهِمت بتركيزها على جمالها الخارجي، في زمن الممثلات المستيقظات من النوم وكأنّهن خارجات من أشهر صالونات التجميل.



لا، نادين نسيب نجيم ليست "لارا كروفت لبنان والعرب"، ونعم، انجلينا جولي هي "نادين نسيب نجيم هوليوود". نعم، لا تقارنوا نجومنا بنجوم هوليوود بعد الآن، فلو أتيحت لممثّلي لبنان كافة الفرص والأبواب المفتوحة والامكانات الهوليوودية، لوضعوا أهمّ نجوم العالم في جيبهم الصغير.



أداء مبهر آخر، عالمي بإمتياز، هو اداء كارمن لبّس بشخصية رسمّية المستفزّة بقسوتها وتناقضاتها ووفائها لعالمها وناسه من دون اي مساومات. كارمن الجميلة شكلاً، هي الاخرى مثل نادين، ممثّلة جميلة جداً، جميلة الى درجة عدم الخوف من ارتداء ملامح استرجال وقبح وشامة نافرة وشعر أشعث وثياب تخفي أي معالم انوثة تحتها. جميلة الى درجة الالتحام مع رسميّة، فاستحقت شهادةً رسميّةً في الاتقان، موقّعة من مئات الآلاف من المشاهدين في العالم العربي.



الشهادة بالاتقان تُمنح ايضاً وعن جدارة لمعظم نجوم ٢٠٢٤، من كبيرهم الى صغيرهم، من محمد الاحمد صاحب الاداء المغنطيسي الجاذب بتناقضات شخصيته، ووسام صليبا المعجون حبّاً أوصله للاسف الى انتهاء دوره سريعاً، ويوسف حداد الذي فُصّلت على مقاسه شخصية قائد الامن، وغابريال يمّين الاضافة "العرابيّة" الفاخرة، ورفيق علي احمد بحضوره الآسر والأخآذ الذي سينطلق ابتداء من الحلقة ٨.


أما ختامها، فمسك مع الموهبة الكبيرة جداً جداً، تالين ابو رجيلة (ابنة شقيقة فيليب اسمر) التي تثبت مقولة "الولد لو بار، تلتيّنه للخال". تالين رغم صغر سنّها، ممثلة كبيرة، تتقمّص الحالة، تعيش الشخصية، تتماهى مع الدور، فتنسى وتنسينا انّها تالين، ولكن من المستحيل الاّ تفوز وعن جدارة بعلامة ٢٤ على ٢٠.

MISS 3