جاد حداد

Ticket to Paradise... كوميديا رومانسية باهتة

30 أيار 2024

02 : 00



عند مشاهدة فيلم Ticket to Paradise (تذكرة إلى الجنة)، لا مفرّ من التساؤل: كيف يُعقَل أن يعجز الثنائي الساحر جورج كلوني وجوليا روبرتس عن تقديم النوع نفسه من الكوميديا الرومانسية الآسرة التي كنا نشاهدها ونعشقها خلال التسعينات؟ ربما تتعلق المشكلة هذه المرة بطبيعة القصة الرومانسية المحيطة بهما في هذا الفيلم، فهي تفتقر بكل وضوح إلى أي تفاصيل مقنعة. تتمحور الحكاية حول «ليلي» (كايتلين ديفر التي تقدّم أداءً مرحاً لكن يبقى دورها سطحياً بشكل عام): تتخرّج هذه الشابة من الجامعة ثم تقرر الذهاب لتمضية العطلة في مدينة بالي الأندونيسية مع رفيقتها الممتعة والجذابة «رين» (بيلي لورد). هي تتلقّى دعوة للانضمام إلى شركة محاماة رفيعة المستوى عند عودتها من عطلتها.

بعد فترة قصيرة، تقرّر «ليلي» أن تتزوّج من شاب وسيم يزرع الأعشاب البحرية اسمه «غيد» (مكسيم بوتييه). هي تقع في حبّه سريعاً ويبدو مشهد لقائهما الأول مبتذلاً ومألوفاً لأقصى حد (من الأفضل اعتبار ذلك المشهد مجرّد لقاء عادي لأنه يفتقر إلى أبسط مظاهر المرح والرومانسية!). بدل أن تستمتع «ليلي» بوقتها مع «رين» وتمضي بعض الليالي الجامحة في الخارج ثم تعود لبناء المستقبل اللامع الذي ينتظرها، كما يُفترض أن تفعل أي شابة ذكية بمستواها، هي تقرّر أن تكرّس كامل حياتها ووقتها لحبيبها «غيد». لا خطب في الوقوع في الحب من النظرة الأولى في الحياة أو الأفلام، حتى أن البعض يفضّل هذا النوع من الحبكات المألوفة في الأعمال السينمائية عموماً، لكن هل يمكن الاقتناع بنزعة «ليلي» إلى اتخاذ قرار مصيري مثل الزواج والبقاء للعيش في بالي بسبب نزوة من هذا النوع؟ حتى حاصد الجليد القوي «كريستوف» في سلسلة Frozen (المتجمد) سخر من هذه الفكرة في أحد المشاهد، فقال: «هل تريدين إقناعي بأنك خطبتِ شخصاً التقيتِ به للتو؟». إنها ردّة فعل شخصية خيالية في أحد أفلام «ديزني» التي تدور أحداثها في القرن التاسع عشر!

عملياً، لا تقرر «ليلي» أن تتزوج من ذلك الشاب في اليوم نفسه. لكن يفتقر الفيلم عموماً إلى المقاربة التي تسمح ببناء علاقة رومانسية مقنعة بين الثنائي وتسليط الضوء على الكيمياء التي تجمعهما، لذا قد نشعر بأن قرارها متسرّع. يفضّل الكاتبان باركر ودانيال بيبسكي استعمال الحبكة المتعلقة بشخصية «ليلي» كعذرٍ للجمع بين «ديفيد» (جورج كلوني) و»جورجيا» (جوليا روبرتس): إنهما والدا «ليلي»، وقد تطلّقا في الماضي، وهما يتبادلان الكره على ما يبدو. يضطرّ الزوجان السابقان لأداء واجبهما التربوي، فينطلقان في مهمّة خاصة نحو بالي لإنهاء تلك النزوة السخيفة التي تعيشها ابنتهما باعتبارهما أبوَين مسؤولَين.

من الناحية الإيجابية، يقدّم الفيلم بعض التفاصيل الممتعة في المشاهد التي تجمع «ديفيد» و»جورجيا»، فتتلاحق المناوشات والخلافات الحادة بين الزوجَين السابقَين، لكنّ المقطع الترويجي للفيلم يكشف عن معظمها للأسف. مع ذلك، تتّسم مشاهد الثنائي بعفوية فائقة وتوتر جنسي واضح أثناء تبادلهما مشاعر الكره ظاهرياً، لكنّ الأجواء الإيجابية التي نشعر بها عند ظهورهما على الشاشة تتلاشى فوراً بسبب ظهور «ليلي» و»غيد» المتكرر وحبيب «جورجيا» الراهن (لوكاس برافو)، إذ يهدر صانعو العمل وقتاً مفرطاً على هذه التفاصيل. كان من الأفضل أن يُركّزوا مثلاً على الخطيبَين الشابَين لمساعدة المشاهدين على فهم العوامل التي تُميّز علاقتهما وتجعلهما مناسبَين لبعضهما. لكننا سننصدم لاحقاً حين ندرك أننا لا نعرف شيئاً عن أيّ منهما، باستثناء العاطفة التي يحملانها تجاه منطقة يعتبرانها «جميلة». لا مفرّ من أن تبدو مدينة بالي جميلة لأن معظم الأحداث تدور داخل منتجع فخم. هذا الواقع يجعل موقف الأبوين مضحكاً حين يتعاطفان مع قرار «ليلي» بالبقاء هناك، نظراً إلى وجودها في مكان فاخر من هذا النوع. من لا يرغب في البقاء داخل منتجع فخم؟

تُعرَض بعض اللقطات خارج ذلك المنتجع من وقتٍ لآخر، منها منزل جميل يعود إلى عائلة «غيد» التي تدعمه في جميع الظروف وبعض المواقع السياحية الأخرى. لكن يبدو صانعو العمل في هذا الفيلم غير مهتمين باستكشاف العلاقات العائلية القائمة أو أي جانب على صلة بمدينة بالي، فيكتفون مثلاً بعرض بعض التقاليد الزوجية بأسلوب سطحي. وفي العالم الذي يقدّمه هذا الفيلم، تبدو جميع العوامل مجرّد خلفية أو أعذار لتقريب المسافة بين جورج وجوليا. قد تكون «رين» أكبر ضحية لهذه المقاربة. تحمل بيلي لورد في هذا الدور خصائص مشابهة للممثلة الأميركية باميلا جين سولز، وهي تقدّم مشاهدها بشكلٍ ساحر طوال الوقت، فتنجح في التألق لدرجة أن تتفوّق على العروس بحد ذاتها. ربما ينسى الفيلم وجودها من وقتٍ لآخر انتقاماً منها لهذا السبب.

في النهاية، يستحقّ النجمان المخضرمان جورج كلوني وجوليا روبرتس الإشادة حتماً لأنهما يرفعان مستوى هذا الفيلم الباهت، حتى أنّهما يُسهّلان علينا التغاضي عن الجوانب غير المنطقية في أحداث هذا الفيلم. لكن لن يكون هذا العامل وحده كافياً لضمان نجاح العمل بالنسبة إلى كل من يبحث عن كوميديا رومانسية ترقى إلى مستوى الأعمال الغابرة.