رمال جوني -

‪ قرار المجذوب يُربك مدارس النبطية فهل ينجح التعليم المدمج؟‬

8 أيلول 2020

02 : 00

الطلاب والملاعب

ينطلق العام الدراسي في الثامن والعشرين من ايلول الحالي محفوفاً بمخاطر وباء "كورونا". مع بداية تشرين، تفتح المدارس أبوابها لتستقبل الطلاب ضمن دوام تدريس مدمج، ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه: هل المدارس الرسمية تحديداً مؤهّلة لاستقبال الطلاب وِفق هذا النظام؟ وهل تستطيع فِعلاً تطبيق نظام التباعد بينهم ووضع 15 طالباً فقط في الصفّ؟ ربّما يكون السؤال: هل المدارس الرسمية مُجهّزة أصلاً لتطبيق هذا الأمر، خصوصاً وأنّ المدارس الرسمية تشهد نزوحاً كبيراً من الخاصة اليها، مع ما يحمله الأمر من أعداد كبيرة قد لا تستوعبها المدارس. ووِفق هذه الأعداد، كيف سيكون مبدأ التباعد؟

منذ سنوات والمدارس الرسمية تشهد اكتظاظاً بحيث أنّ عدد طلاب الصفّ الواحد في كثير منها يصل الى 34 طالباً، ونسبة كبيرة من المدارس وصل عدد طلابها الى 800 طالب، فيما تواجه صعوبة في تأمين صفوف لهذا العدد، فكيف مع مبدأ التباعد؟ وإن طُبّق داخل الصفوف، ماذا عن الملاعب، سيما وأنّ المدارس الرسمية لا تحوي سوى ملعبين، ملعب شتوي وآخر صيفي؟

كلّ هذه الهواجس لم يلحظها وزير التربية الذي أوعز الى مدراء المدارس البدء بالتجهيز لانطلاق العام الدراسي بنسخته الـ"كورونية"، من دون أن يقدّم خريطة طريق واضحة للعمل، ولم يتمّ تزويد المدراء بأي آلية تُحدّد رؤية التدريس، ما أدّى الى حالة تضعضع في صفوف المدراء الذين يقفون عاجزين عن وضع تصوّر واضح للعام الدراسي الحالي.

يقول مدير إحدى المدارس الرسمية في منطقة النبطية: "حتى الساعة، لا آلية واضحة لمنهجية التعليم، سيناريوات عدّة مقترحة ولكنّ المشكلة تكمن في التفاصيل، والمدرسة تقف عاجزة عن تطبيق المدمج، ففي حال نجحنا في تطبيق مبدأ التباعد في الصفوف، ماذا عن الكادر التعليمي؟ حتماً هناك معضلة حقيقية، فعدد المعلّمين لا يكفي، وبالتالي نقع في مشكلة إضافية أخرى، تتمثّل في تقسيم ساعات المدرّس الذي يرتبط في كثير من الأحيان مع مدارس أخرى، فأي سيناريو يرتئيه الوزير في هذه الحال، فتح باب التعاقد، أم تمديد دوامات المدرسة؟". من جهتها، تؤكّد أوساط تربوية أنّ السيناريو المُحتمل للتدريس هذا العام المدمج، ولكنّها تشدّد على أنّ "بداية العام الدراسي مرتبطة بالوضع الصحّي، وما سيصدر عن منظّمة الصحّة العالمية، المؤكّد أنّ هناك إيعازاً مباشراً لمدراء المدارس ببدء التحضير للعام الجديد".

هذا الإيعاز، رأته مديرة إحدى المدارس المتوسّطة في منطقة النبطية ضبابياً، علماً انّها تنكبّ منذ أيام على وضع سيناريوات وإستراتيجيات تعليمية واضحة لمسار التدريس داخل المدرسة، لكنّها لم تتوصل الى أي رؤية حتّى الساعة، بالرغم من تأكيدها على جهوزية المدرسة للتعليم المدمج "مع صعوبة كبيرة، لكنّنا نفتقد الى الآلية التي ستُعتمد، وننتظر قرار وزير التربية لتحديدها". وتخشى من أن "يغلبنا الوقت، بتنا على مشارف العام الدراسي وحتّى الساعة كلّ شيء مُبهم وضبابي، إذ لا منهجية واضحة للتدريس".

حالة ارباك كبيرة تواجه المدراء، ممّن باتوا مُقتنعين بأنّ التعليم أمر محتم ولا ينبغي الإستسلام، من دون أن يغيب عن بالهم اتّخاذ كافة التدابير الصحّية المُفترضة، من تعقيم وتوزيع كمّامات واعتماد التباعد.


تفاوت بين مدرسة وأخرى

وتوضح مديرة إحدى الثانويات أنّ "المسألة تتفاوت بين مدرسة وأخرى، وثانوية وأخرى، وِفقاً لعدد الطلاب، فهناك ثانويات يتجاوز عدد طلابها الـ900 طالب، وأخرى لا يتعدّى الـ160، وهذا حتماً له إنعكاساته السلبية والإيجابية معاً". وأكثر ما تخشاه المديرة هو "مسألة النقل وتوفير الانترنت والأيباد للطلاب، في حال رسا خيار التعليم على المدمج، وبهذه الحال الضائقة المعيشية تؤثّر على الامر، سيّما وأنّ الانترنت او الحواسيب غير متوفرة في منازل قسم كبير من الطلاب، أضف الى بطء الانترنت الذي قد يؤّثر على التعليم بشكل كبير، كلّ تلك المعوقات والتحدّيات تجعل التعليم صعباً ولكن ليس مستحيلاً، فلسنا مؤهلين للأمر، سيّما وأنّنا نواجه تعثّراً مالياً ومشاكل أخرى غير وباء "كورونا"، كل ذلك يضع التعليم في مواجهة تحدّيات خطيرة".

غير أنّ المديرة نفسها تطرح حلولاً تتمثّل "بالاستفادة من محطات القرى عبر Satellite لشرح الدروس، وهذا يُخفّف من وطأة الأعباء الإقتصادية عن كاهل الأهالي بالنسبة للانترنت، ويمكّن الطلبة من الإستفادة أكثر"، وتُضيف: "كلّها سيناريوات مطروحة، وحده وزير التربية يحسم كل الجدل والتخبّط الحاصل".

قبل "كورونا"، كانت معظم المدارس الرسمية وحتّى الخاصة تواجه أزمات جمّة، لعلّ أبرزها التعثّر المالي الذي يُعيق تطوّرها وتأمين كافة المستلزمات، فكيف مع "كورونا" وعلى المدرسة تأمين المعقّمات والكمّامات وغيرها؟ أين يقف دور وزارة التربية؟ هل ستؤدّيه أم ستترك المدارس تتخبّط وحدها؟

هنا، تعلّق إحدى المديرات بالقول: "قد تبرز أزمة اخرى تتمثّل برفض الأهالي إرسال أولادهم الى المدرسة، خصوصاً وأنّ هناك خطراً كبيراً يتمثّل في النقل داخل الفان، فإن نجحنا في خلق التباعد داخل الصفوف، ماذا عن الإكتظاظ داخله"؟

أمام كلّ هذا الإرباك الحاصل لدى مدراء المدارس، يقتنع الجميع بأنّنا متّجهون نحو مناعة القطيع، وعليهم التعامل مع الوباء كأمر واقع، إلّا إذا طرأ أمر ما خارج الحسبان، يؤخّر إنطلاق العام الدراسي أو يحوّله online.


MISS 3