بالوضع "الدراما-تيك" اللي عايشينو، بعد في شي "فن-تاستيك" بحياتنا؟
أكيد في… الفن هو شعاع النُّور والأوكسيجين بقلب هالعتمة الخانقة.
لهيك رح ناخد هدنة إيجابية مع فنان، لنبعد معو شوي عن الوضع "الدراما-تيك"، وندردش سوا عن قصص "فن-تاستيك" بحياتو.
واليوم مع الممثّلة رندة كعدي.
-رندة، "حبّيتك تنسيت النوم" لفيروز، هي الأغنية المفضّلة عندك. شو رأيك ننسى كل شي "دراما-تيك" بحياتك اليوم، ونركّز على القصص ال "فن-تاستيك" اللي بتعطيكي أمل ببكرا أحلى؟
يلّا، أنا مستعدّة. أصلاً نحنا اللبنانيّي منحاول ننسى ونطنّش لنقدر نكمّل.
-وسط كلّ السّواد المحيط فينا بلبنان والكهربا الدايماً مقطوعة، مين الشخص اللّي بيقلبلك مزاجك فوراً، وبيخلّي عيونك يضوّوا؟
من أوّل ما وعيت على هالدنيي، وأنا عايشة هالسواد. بس عن جدّ كل شخص منّا في عندو ضو، قد ما يكون شحيح، بيشعشع وسط كل هالعتمة. الضوّ اللي بيغيّرلي مزاجي وبيخلّي عيوني وقلبي يضوّوا هني بناتي، بترا وتمارا، خصوصاً لمّا شوفن مبسوطين وعم بيحقّقوا أحلامن وذاتن رغم كل هالسواد. كمان في بنات إخواتي، نيكول وداني. داني أنا سمّيتا، ومن قبل ما صير ماما، كنت حسّا وبعدني بحسّا بنتي. بناتي هنّي الفرح بحياتي، وهنّي ضوّ 24 فولت و24 ساعة من دون أي انقطاع.
-بناتك هنّي الفرح بحياتك، طيّب في عندك شي مطرح رائع، بينقلك فوراً من حالة نفسيّة بالويل لحالة باللوج؟
أكيد في عندي مطرح "فنتاستيك"، وهوّي موقع التصوير. شو ما يكون ووين ما يكون. حتى لو كان حيّ بسيط، "معتّر، مطحبش"، ما بعرف كيف بتحوّل، بنفصل وبصير غير إنسانة. بصير فوراً الشخصية، بدوب فيها، بالشوارع وبالبيئة، بصير من ريحة المطرح، بحسّ إني وصلت على المطرح اللي كنت عم بتخايلو وحسّو لمّا قريتو عالورق. كتير بنبسط لمّا خيالي بيوصل عالواقع الحقيقي بمكان التصوير، وبلاقيه مدهش وأحلى من اللي كنت عم بتخيّلو.
-مش بس موقع التصوير بيعنيلك كتير، كمان زحلة. خبّرينا كيف بتفصلي لمّا تكوني بزحلة، وشو اللي بيحسّنلك فوراً المود؟
زحلة بحدّ ذاتها مدينة "فنتاستيك"، وما في شعور أحلى من إنك تكوني محاطة باللّي بتحبّيهن، حاطّين مازة وكاس عرق على هالبلكون بزحلة وعم منغنّي ونرقص ونضحك. يا الله، رغم كل المآسي، هيدي اللّحظة بتنقلني لعالم تاني. نحنا اللبنانيّي منطاحش لنعيش، منعمل المستحيل لنلاقي لحظة حياة وفرح وسلام رغم كل المآسي. أنا بفصل لما كون بزحلة ومع العيلة. نحن عيلة فنّية، بنتي تمارا بتمثّل وبترقص، وبترا بتغنّي، وجوزي بيعزف موسيقى، وأنا بنسحر لما يكونوا أحبابي وأصحابي حواليي، ونحنا كعيلة عم نعطيهن الفرح، بقعداتنا اللي فيها رقص وأغاني وموسيقى وكاس وهيصة وما في بروتوكول.
-عن جدّ إنك بنت زحلة. كاس العرق والمازة إلهن تأثير رائع عليكي. بس عادةً بيقولوا إنّو الشوكولا بيخلّينا نحسّ بالسعادة. إنتي أيّ أكلة بترفعلك معنوياتك فوراً؟
إيه واللّه كل الأكل بيرفعلي معنوياتي، لأني كتير بحب آكل. الكبّة على أنواعها، من النيّة مع كاس عرق للكبّة بالصينية اللي بسرعة بتخلّيني صير "بترغل".
-طيّب، خلّينا نروح لغذاء الروح. شو أكتر لحظة أو موقف بتعتبريه "فنتاستيك" بحياتك؟
لحظة اللّي استلمت شهادتي من معهد الفنون الجميلة بفرن الشبّاك. كنت حاملة بنتي بترا على إيدي، وعم ناقش أطروحتي حول أوديب الملك، قدام أساتذتي. ع فكرا أنا كنت حامل إيام الجامعة، وإستاذ ريمون جباره، اللّه يرحمو، قلّلي رح تجيبي بنت ورح تسمّيها بترا. وهيك صار، ولمّا كنت عم ناقش رسالتي، كان أستاذ ريمون عم يلعِّب بترا ويغنّيلا ويغنّجها .هيدي اللحظة من أحلى لحظات حياتي، لأني قدرت حقّقتْ حلمي وشغفي بالفن، ودرست وصار معي شهادة بدرجة جيّد جدّاً.
في لحظة تانية رائعة بحياتي الفنية، لحظة اللي طلعت أول مرّة على المسرح مع إستاذي موريس معلوف. كان كتير فخور فيّي وكان يقلّي "أيوااا رنوود، واضح إنك بنت مسرح". أصلاً الوقفة عالمسرح لحظة رائعة بكل وقت، بتخلّيني إطلع من حالي. هاللّحظات بتذكَّرن دايماً بفترات اليأس، وهنّي اللي بيعطوني شحنة من الحنين والحياة الحلوة اللي منستاهلها.
-بالمسرح منستعيد كلّ يوم ذات الاحداث والشخصيات. مين الشخص اللي بطّل موجود بمسرح حياتك، بس بحال استرجعتيه، حياتك بتصير رائعة وكاملة؟
يا مين يرجّعني صغيرة وياخد مالك يا دني... يا ريت فيني إسترجع إمي وبيّي وستّي لترجع حياتي متل ما كانت، غنج وضحك وكلمتي ما بتصير اتنيْن مع أهلي. بتعرفي؟ لمّا يفلّوا، بيصيروا ساكنين فينا. بيّي ساكن فيّي بطموحاتو اللّي ما تحقّقت بأحلامو وشغفو بالمسرح. كان يقلّي"يا بيّي انتي حلمي اللي عم شوفو قدام عينيّي عم يمشي. دخيلك حققيه". هوّي راح وتركلي حلمو، ويا ريت بيرجع حتى قلّو عم حاول وعم جرّب، بس مش كتير عم تزبط. أنا حلمي كان ما وقّف شغل على المسرح، بس ما زبطت لأن ما في دعم للمسرح بلبنان. أنا مستعدة قدّم على المسرح كلّ طاقتي ونبض ببلاش حتى يحسّ هيدا التفاعل الرائع مع الجمهور. شعور "فنتاستيك" ما ممكن أيّ شعور يضاهيه. غير أمي وبيّي، هيدي الأحلام أنا خسرتا، وبحاجة إسترجعها لأرجع حسّ بالحياة.
-يمكن مش كتير عم تُوقَفي على المسرح، بس أكيد الدراما زابطة معك. صحيح انحبستي معظم الوقت بشخصية الأم، بس أي دور بتعتبريه الأهم والأروع بمسيرتك لليوم؟
كل الأدوار اللي لعبتا، حطّيت فيها قلبي ونبضي وصدقي وإحساسي، لأني بتحوّل وبكلّ شخصية بصير هي مش أنا.
-هيدا جواب "كليشيه" يا رندة!
بس هيدي الحقيقة. كلّ الأدوار اللي قدّمتا كانت بتعنيلي. صحيح انحبستْ بدور الأم، ولكن كلّ أم عطيتا بصمة، إسم، نبض، مشية، صوت، حالة. بس طبعاً ما فيني إنكر إنو من أهم الحالات اللي قدّمتا وبكِيت فيها ووجّعتني كتير، شخصية أم الشهيد، مارتا الخَوْتة بمسلسل "ومشيت" مع كارين رزقالله. أووووف، هيدا الدَّوْر بعدو لهلأ طابع فيي، واللّي عم بِخلّيه يضلّ مطبوع هوّي إستمرار هالحالة بلبنان.
-رندة، بعيداً عن دور الأم، أكيد في دور بتحلمي تجسّديه وما بيشبه الأدوار اللي انحبستي فيها. لو قادرة اليوم تنتجي مسلسل أو فيلم أو مسرحية، أي دور بتقدّميه؟
عبالي كتير كون الممثّلة اللي جوّاتي، يعني المرا اللّي ما بدّا تكبر، جوّاتها في نبض بيقلّها بعد عندك كتير إشيا جوّا، وأنوثتك ما خلصت. عبالي فيلم سينما أو مسرحيّة، ضوّي من خلالن على المرأة، على الأنثى، على إحساسها المرهف، على الحاسة السادسة، على الطاقة اللّي مش موجودة بأيّ كائن حي، لأنها امرأة، بتقشع لبعيد وعندا الحدس القوي. هيدي المرا فيها تكون إمبراطورة، ملكة، خوتة، داشرة على الطريق وعم تحكي عن أنوثتها، وتفوت الكاميرا جوّات العيون وتاخدها على كل المطارح لتبرهن لحالا ولكلّ حدا عم يحضر، إنو هون المرأة، فوق. المرا مش رخيصة ومش دعاية.
-طيّب، هيدول الصفات والأحاسيس، بأي إمراة بتشوفيهن، وعبالك تجسّديهن على الشاشة؟
شي ملكة مناضلة وقوية وقيادية، عندا الأنوثة، السلطة، الغضب المبطّن. كلّ الأحاسيس اللي بتختصر قوّة المرأة. يا ريت! "فنتاستيك" إذا بجسّد شخصيات متل نيفرتيتي، كليوبترا، زنوبيا، إليسار ملكة قرطاج . وإذا بدي إختار شخصيّة معاصرة، بختار الملكة إليزابيث.
-الملكة بحاجة لملك. أيّ ممثّل ، لبناني أو عربي أو حتى عالمي، بتحسّي إذا مثّلتي معو، رح بتشكّلوا سوا ثنائي "فن-تاستيك"؟
أنا عملت ثنائيات عديدة وحلوة كتير مع ممثّلين كبار متل غبريال يمّين، ورفيق علي أحمد، وأحمد الزَّين. بس إذا فيني إحلم وإتمنّى، بقول إنو الثنائي "الفنتاستك" كان ممكن يكون مع أنطوني كوين، وإلعب معو فيلم زوربا... يا ريت.
-مش بس أنطوني كوين هوّي الممثّل "الفنتاستيك" برأيك، كمان ميريل ستريب بتعتبريها رائعة. أصلاً إنتي ملقّبة بميريل ستريب لبنان. بيرضيكي هاللقب؟
بشكر الصحافة والإعلام وكلّ المحبّين والنقّاد اللّي منحوني ألقاب كتيرة، من ضمنها "ميريل ستريب لبنان" و"سيدة الشاشة اللبنانية" و"أيقونة الدراما". للأسف لقب "ميريل ستريب لبنان" بيذكّرني بمنتج قال لي بيوم من الأيام "إسمك ما بيبيع برّات لبنان"، لهيك أنا اليوم بصدد المشاركة بدَوْر خارج لبنان، بتمويل عربي، بيرضي طموحي أولاً وقبل أيّ شي تاني، بتقديم شخصية جديدة، قوية، ومش معلّبة.
بتعرفي شو الشغلة "الفنتاستيك" أكتر من اللّقب؟ هيّي إحترام الموهبة والخبرة والقيمة الفعلية مادياً ومعنوياً. أنا شخص متواضع كتير، بس التواضع ما بيعني التغاضي عن قيمتي ومكانتي.
يا ريت كلّ شخص بدّو يعرض عليّي دور، يشوفني فعلاً ميريل ستريب لبنان، بالماديّات اللّي بتحفظلي كرامتي ومكانتي. يا ريت بيحترمو حقّي قول بدّي هالدور أو ما بدّي، من دون ما يزعل منّي حدا ويعمل عليّي "فيتو". بيحقلّو الممثّل يقرّر الدَّوْر المناسب، بيحقلّو يشوف إذا الدَّوْر بيليق فيه أو لأ. ويا ريت بِقْدِر متل ميريل ستريب ما إتعلّب بدَوْر محدّد. ميريل ستريب قدّمت أدوار عديدة، من طبّاخة لرئيسة جمهورية لمجنونة لنجمة روك. ما بتصوّر إنو في شركة إنتاج بتقول لميريل ستريب "اتفضّلي ستّ ميريل، هيدا النص إلك"، وهي بتقلّن OK. هيّي بيحقلّا تنقّي وتطلب وتشترط مدرّب يساعدها تغوص أكتر بالشخصية وتلاقي تفاصيلا.
-أخيراً، بالرّغم من كل شي عم منعيشو بهالبلد، أنا بعرف قديش إنتي معلّقة بلبنان. بتسافري لتصوّري بتركيا، بس بترجعي عطول. حدّديلي قصص بتعشقيها بلبنان، وبتقولي كرمالا كل شي بيهون.
لبنان في عندو سحر خاص. مش لأنو تغنّوا فيه كل الشعرا والفنانين والناس، أنا بحبّو. بحبّو لأنو وطني وإنتمائي وهويتي. هوّي كلّ الموروثات اللي أخدتا من أهلي وجدودي. هوّي كل شي بيمشي بدمّي من عادات وتقاليد. هوّي صمودنا وإحساسنا إنو ما في شي بيركّعنا. حتى لو تركت لبنان، رح آخدو معي، لأنّو ساكن فيي. أكيد مش رح لاقي لبنان اللي هون، برّا. حتى لو حاملة لبنان جوّاتي، لبنان رح يصير يوجعني أكتر، بدو يرجع للبنان. هيدا لبنان. القصص الرائعة بلبنان هنّي الناس، الحياة الحلوة، الفن، الأدب، الثقافة، الجنون، الخوات. لبنان وبس، هوّي الحلا.