شربل لبكي

عاد إلى الشاشة "بُغية بناء وطن"

جو معلوف: لا أوافق على الانحياز إلى طرف فبرنامجي «للوطن»

بعد غياب ثلاث سنوات عن البرامج الاجتماعية، عاد الإعلامي جو معلوف إلى الشاشة الصغيرة من خلال برنامج «للوطن» عبر شاشة «MTV»، ليخاطب في مواضيعه كلّ الوطن والمواطنين. بعد 14 سنة من تقديم البرامج، يدرك معلوف جيّداً أنّ الغياب أحياناً ضروري للعودة لاحقاً بالجديد بمضمون دسم، على اعتبار أنّ «المحتوى هو الملك»، وهو ما يتّبعه حالياً في برنامجه الجديد. 



لا يهوى جو معلوف استنزاف طاقته لمجرّد الظهور أمام الكاميرا، إن لم يكن من ضرورة، لذا تفرّغ إلى عالم الموسيقى والسياحة والحفلات، إلى جانب الاهتمام بجمعيّته «كرامة» التي تعنى بحقوق الأحداث والأطفال. لكنّ الحرب أرجعته إلى الشاشة «بغية بناء وطن»، الأمر الذي رحّبت به إدارة محطة «MTV» ووافق عليه رئيس مجلس إدارتها الأستاذ ميشال المرّ.



يقول معلوف لـ «نداء الوطن» إنّ «العودة بدأت بإطلالات متعدّدة ضمن برنامج «صار الوقت» مع الإعلامي مارسيل غانم. وبفضل المنتج طارق كرم، الذي طرح فكرة البرنامج، باشرنا التحضير له». وهنا لا يقبل الإعلامي جو معلوف الردّ على من يتحدث عن مقارنة أو منافسة بينه وبين الإعلامي مارسيل غانم، ويعتبره «العرّاب والصديق منذ أكثر من 15 عاماً»، مضيفاً: «مارسيل داعم كبير لي وأنتظر اتصاله بي دائماً بعد كلّ حلقة».



إصرار على برنامج هادف

وعلى الرغم من حملة التخوين والتشويه الممنهجة التي تعرّضت لها قناة «MTV»، أصرّ معلوف على أن تكون عودته إلى المحطّة من خلال برنامج هادف يجمع اللبنانيين على بناء دولة جديدة، يستطيعون فيها التحدث مع بعضهم البعض بحضارة.


نسترجع مع جو بداية التحضيرات للبرنامج التي كانت صعبة بسبب تعرّض فريق العمل للمنع والقمع على الأرض عند التصوير وإجراء المقابلات في ظل الحملة التي كانت تتعرّض لها القناة. لكنّ الإحساس بالمسؤولية تجاه فريق العمل والمراسلين وتجاه سلامتهم «جعلني مع مدير المحطة الأستاذ ميشال المرّ أقرر عدم إرسال فريق العمل للتصوير. الآن بات الوضع مختلفاً وأفضل وأسهل، فقد صوّر فريق العمل تقارير في الضاحية والجنوب»، ويضيف «الهدف من التصوير هو المطالبة بحقوق المواطنين وإيصال أصواتهم».



صدامات وصدمة

لم يشأ صاحب برنامج «للوطن» أن تكون انطلاقته كما ظهرت على الهواء في الحلقة الأولى، «صراخاً وعراكاً وحوارات متطرفة»، معتبراً أنّ «زمن الصدامات على الهواء من أجل كسب نسبة المشاهدة ولّى»، وهو لا يطمح إلى استخدام هذا الأسلوب في الفترة المقبلة، مؤكداً «لا نتيجة للوطن والمواطنين من هذا الأسلوب». إلى ذلك، يفصح معلوف أنّ بعضاً من الصحافيين والناشطين السياسيين من الضيوف «كان صعباً إقناعهم بالمشاركة في البرنامج. لكن مع تغيير وجهته نجحنا في استضافة وجوه أخرى».



في تلك الحلقة الأولى، يقول معلوف إنه صُدم بردّ فعل ضيفه إيلي خوري، الذي يصنّف نفسه ناشطاً وخبير تواصل، والذي كان ينبغي أن يعي أدوات التواصل الجيّد والهادف. يقول معلوف عن الحادثة «انعكست سلباً عليّ. فالانطلاقة من جديد استنزفت منّي وقتًا طويلاً وعملاً مكثفاً، خصوصاً أنني حريص على التدخّل بأدق التفاصيل في برنامجي»، فجاءت النتيجة بعيدة عن التوقعات. كاد الضيف أن ينسحب من الحلقة المباشرة على الهواء، لولا استدراك معلوف للأمر وتوجيه الحوار بطريقة مختلفة. وكشف أنّ «الهدف كان الوصول إلى خطاب بنّاء لا يشبه ما نراه اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي وبين الأطراف المختلفة في المجتمع. عند انتهاء الحلقة قال لي خوري: عفواً نزعتلك برنامجك». يردّ جو معلوف عبر «نداء الوطن» بالقول: «لا أحد يستطيع ان يفشّل برنامجاً لجو معلوف طالما أنني صادق مع المُشاهد ومع نفسي. وأدعو المشاهدين لمشاهدة الحلقات التالية»، معتبراً أنّ «الحلقة الثانية هي الحلقة الأولى وعلى الجمهور أن يحكم».



يرفض جو معلوف خطاب التحريض. موضوع حاول طرحه في برنامجه لكنه لم يتمكّن من تناوله بشكل صحيح، ويوضح في هذا الإطار أنه لم يستطع «في الحلقة الأولى التحدث بموضوع الفقرة، «خطاب التحريض». كان الهدف من الحلقة أن نعي كيفية التواصل بين بعضنا البعض وطلبت من الضيوف أن يَدَعوا الناس تشاهدهم يتحدثون بهدوء، رغم أنّ آراءهم متطرفة بين موالٍ لـ «حزب الله» وبين معارض له. واكتشفت أنّ في هذا الوقت لا أحد يريد أن يسمع وعليّ تغيير وجهة البوصلة».



رسالة افتراضيّة


وعن الرسالة التي كان يمكن أن يوجهها للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله لو كان على قيد الحياة يقول معلوف «بحسب معرفتي به لم يكن ليسمح بالتهديد بالانتقام إلى هذه الدرجة وفي العلن، من العديد من الافرقاء. كنت سأتمنى عليه مصارحة اللبنانيين بأنّ قراره كان خاطئاً حتى لو كان من أجل القضية الفلسطينية التي ندعمها جميعاً قلباً وقالباً. لكن لا يستطيع لبنان أن يدفع الثمن وحده. وكنت أتمنى أن نسمع منه خطاب مصارحة مع اللبنانيين هدفه بناء دولة واحدة، كخطاب الإمام موسى الصدر».



أما عن المنتصر في هذه الحرب فيقول معلوف: «بالنسبة لي المنتصر في هذه الحرب هم الناس المضيفون والمُستضافون لأنهم استطاعوا الصمود خلال هذه المرحلة الصعبة بأقل خسائر ممكنة».



محتوى مختلف


عن ملفّ البيئة الذي طرحه برنامج «للوطن» في حلقته الثانية مع عدد من الأطباء الذين كشفوا وجود مواد كيماوية استخدمها الإسرائيليّون في القصف على لبنان وهي مضرة لصحّة الإنسان، قال معلوف إنه سيكون على طاولته بشكل مستمرّ وكشف أنه تحدّث «مع وزير الصحة وستكون الوزارة معنا لاستكمال الملف بعد انتشار المواد الكيماوية في منطقة بيروت والإضاءة على آثارها الخطرة على السكان وطرق المعالجة».



معلوف شاء ألا تكون حلقته الثالثة على الهواء بالتزامن مع النقل المباشر وإعلان وقف إطلاق النار»، معتبراً أنّ «تلك الليلة لم تكن لي»، يعبّر صراحة عن تغيّره من برنامج إلى آخر، ومن حلقة إلى أخرى. فوقع الحلقة الأولى من برنامج «للوطن» بدّله للأفضل، ليعود في الحلقة الثانية بمحتوى مختلف.


يغيّر جو معلوف بوصلة برنامجه، الذي يخرجه فادي الحداد، تماشياً مع الأحداث الآنيّة. فبعد الحرب يصبّ تركيزه على الحجر والبشر وتركيبة الدولة المقبلة، بعدما سلّط الضوء على المناطق التي تعرضت للقصف وأهميتها التاريخية، مثل مدينة بعلبك.



مواضيع ومسؤولية


ويشير الإعلامي الطموح إلى أنّ «هدف البرنامج تناول المواضيع كافة، والتي تطال جميع فئات المجتمع. لا أوافق على الانحياز إلى طرف دون سواه، لأنّ البرنامج اسمه «للوطن». سأبدأ طرح موضوع انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل السلطة التنفيذية وقضايا الفساد والوزارات. وطبعاً المواضيع الاجتماعية الإنسانية ستكون مطروحة على الطاولة وينبغي أن تطول الجميع، والتطرف ممنوع».



لا يخفي شعوره بالمسؤولية بتقديم برنامج اجتماعي يجمع كلّ الأخصام في لبنان ومباشرة على الهواء لمدة تقارب الثلاث ساعات كلّ أسبوع. بعد وقف النار، يعد معلوف بتقليص مدّة البرنامج ليستوعبها المشاهد أكثر بما يناسب قدرته على التحمّل. ولا يخفي، في مجال آخر، أنّ المعدّين والمراسلين ذوي الخبرة أصبحوا قلّة في لبنان، فمعظمهم غادر إلى خارج لبنان، ما يجعل من الصعب عليه أن يضمّ إلى فريقه من يعاون الإعلامية رنا أسطيح والصحافي جوزيف طوق في الإعداد.


يسعى معلوف لاستحداث أفكار جديدة وضيوف جدد غير مستهلكين على الشاشات، مستحدثاً فكرة مشاركة المُشاهد عبر «QR code» على الشاشة، ليعبّر من خلالها عن وجهة نظره ويبدي رأيه، كما يطمح لأن يشاركه الجمهور في البرنامج. ويكشف أنّ «البرنامج سيغيب ليلتَي الميلاد ورأس السنة»، وأنّه يُحضّر «لــ «فورما» جديد في العام المقبل ولكنني لست مستعجلاً».



وفي الختام يوجّه الإعلامي جو معلوف رسالة إلى اللبنانيين قائلاً: «أتمنى أن يجتمع المواطنون جميعاً ويحملوا العلم اللبناني علماً وحيداً. وتبقى المطالبة بحقوقهم في المقدّمة».