على الرغم من أن لبنان يترقب ولادة قيصرية لانتخاب رئيس للجمهورية. تبرز قضية مبكرة لأوانها تتجلى بإعادة الإعمار سيما أن مهلة الـ 60 يوماً لم تنته، ومصير الحرب ما زال معلقاً على خشبة تطبيق اتفاقية وقف إطلاق النار من عدمها.
قد يكون من الطبيعي أن تفكر الحكومة بمسألة إعادة الإعمار لكن بعد أن تتأكد بشكل قاطع من وقف الأعمال العدائية والحربية، الأمر الذي لم يحصل بعد.
غير أن المثير للريبة هو الاستمرار بنهج المحاصصة والزبائنية السياسية وتقاسم المغانم، على الرغم من كل ما حدث إبتداءً من الثورة وصولاً إلى الحرب وتداعياتها. فعلاً، إنه المرض الذي لا يمكن أن يُشفى منه سياسيو المنظومة الحاكمة.
فبدل إعادة الإعمار حسب الأصول العلمية والفنية والقانونية والبيئية، ها هو التلزيم بالتراضي يسلك مجراه والتحاصص على أشلاء الوطن يأخذ مداه المعتاد بين الطبقة الحاكمة.
قد يتراءى للبعض أن مسألة إعادة الإعمار مسألة سهلة، غير أن الحقيقة أنه يتوجب إخضاعها لعدد من الشروط والإجراءات التي ترتبط بالقوانين المرعية الإجراء وبالأمور التنظيمية أبرزها، القوانين المتعلقة بالتخطيط المدني والعمراني بحيث يتوجب الحصول على التراخيص اللازمة من السلطات المحلية والإدارية، كما يجب التقيد بالمخططات التوجيهية وبالسلامة العامة، كما أنه يتوجب حل مسألة النزاعات العقارية والأخذ بعين الاعتبار الأثر البيئي، أما الأهم أن تخضع التعويضات والتمويل إلى آلية شفّافة منعاً من الهدر والفساد والمحسوبيات.
ولكي تنتظم مسألة إعادة الإعمار قد يكون من المستحسن إصدار قانون خاص بهذا الإطار لتسهيل العملية وضمان تنفيذها، غير أن إصدار القانون ليس شرطاً قانونياً لكنه يُعتبر أداة فعالة لتحقيق إعادة الإعمار بشكل منظَّم وعادل.
تنتهج المنظومة الحاكمة في لبنان سياسة "مصائب قوم عند قومٍ فوائدُ". فهي تعمد إلى تغذية نفسها من آلام شعبها ومعاناتهم، تزيد ثرواتها ومقدراتها من خسارة قومها لممتلكاتهم وجنى عمرهم. هي لا تأبه لشيء سوى لنفسها ومصالحها.
لا يجوز أن يمر إعادة الإعمار على حساب الشعب تحت أي مسمّى أو اعتبار. لا يجب أن يمر المشروع كأننا لسنا في خضم شرق أوسط جديد وفي مخاض تغيير نهج الحكم في لبنان من طريقة التفكير إلى طريقة آلية الحكم.