جاد حداد

6 Underground... التخبّط سيد الموقف!

18 أيلول 2020

02 : 00

يشكّل فيلم الحركة 6 Underground (ستة تحت الأرض) على شبكة "نتفلكس"، بأجوائه العائلية العابرة ومطاردات السيارات السريعة وسرقاته المفصّلة، إثباتاً دامغاً على رغبة المخرج مايكل باي في إخراج أي جزء من السلسلة الشهيرة Mission: Impossible (مهمة مستحيلة) أو Fast and Furious (السرعة والغضب). لكنه يكشف في الوقت نفسه أنها فكرة سيئة!

يكفي أن نشاهد خمس دقائق من هذا الفيلم كي ندرك أنه من إخراج باي. ثمة مشاهد مألوفة لنساء جميلات ومزحات ثقيلة، وتَقِلّ الجوانب التي تعكس عواطف بشرية حقيقية أو تتماشى مع القواعد الفيزيائية على أرض الواقع.

يتمحور الفيلم حول ملياردير انتقائي (راين رينولدز)، ونفهم ضمناً أنه اخترع خاصية الاهتزاز الذي نشعر به حين نتلقى رسالة نصية أو اتصالاً هاتفياً. يزيّف هذا الملياردير موته كي يغوص في عالم سري ويقود فريقاً من المرتزقة المتشابهين: يستطيع أعضاء الفريق تجاوز المحظورات لأداء مهام ترفض الحكومات العالمية القيام بها. في فيلمٍ مُصمَّم بكل وضوح ليصبح أول جزء من سلسلة متعددة الأجزاء، يكون عمل العناصر أشبه بانقلاب عسكري، فيسعون إلى الإطاحة بالقائد الشرير في بلد "تورغستان" الخيالي واستبداله بشقيقه الذي يحمل طابعاً أكثر سلمية. لكن لتحقيق هذا الهدف، قد تبرز الحاجة إلى قتل عشرات الناس خلال مشاهد حركة قوية تُذكّرنا ولو بشكلٍ مبهم بالمشاهد التي قدّمها مايكل باي في أفلام مثل Bad Boys II (الفتيان السيئون 2) وTransformers (المتحولون)، حتى أنه يحصل على فرصة استخدام صوت الروبوتات في ذروة الأحداث. يجب أن يستعد المشاهدون لما ينتظرهم: لا شيء بسيط في هذا العمل، بل تكثر الانفجارات وتفوق أعداد الجثث جميع التوقعات.





يُعرَف العناصر بأرقامهم حصراً (رينولدز هو الرقم 1)، ويتألف الفريق أيضاً من جاسوسة قاتلة من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (تقدم ميلاني لورانت أفضل أداء في الفيلم وتعطي عمقاً لأدوارها حتى في هذا النوع من الأعمال الترفيهية ويجب أن تشارك في أي جزء جديد من هذه السلسلة)، وقاتل محترف (مانويل غارسيا رولفو)، وفتى يقفز من السماء ونتعرف عليه وهو يخرج من كاتدرائية ركضاً، وقناص سابق مصاب باضطراب إجهاد ما بعد الصدمة (كوري هوكينز)، وامرأة شخصيتها ضعيفة لدرجة ألا نذكر اختصاصها (أدريا أرجونا). أما المخرج الإيراني الممتاز بيمان المعادي (من أعماله A Separation (انفصال)، فيجسّد دور الشقيق الذي يحاول الفريق إيصاله إلى السلطة.

يتعامل فيلم 6 Underground مع سياسات الشرق الأوسط بأسلوب غير احترافي. يبدو تنفيذ المشاهد في "تورغستان" ضعيفاً في أفضل الأحوال واستغلالياً وعدائياً في أسوئها، بما في ذلك مشهد مبكر يظهر فيه الأولاد وهم يتعرضون للقصف خلال هجوم حربي كيماوي، ومشهد متأخر يهدف إلى خلق أجواء مشابهة للربيع العربي. أمام هذه المشاهد، قد نتمنى إبعاد باي ومساعديه عن المسائل التي يُفترض ألا تتناولها أفلام الحركة التجارية ومنخفضة الميزانية، أو يجب ألا تظهر على الأقل داخل فيلم تبدو فيه تصاميم مشاهد الحركة كرتونية.

لا وجه للمقارنة بين رؤية رينولدز وهو يشعر بالتوتر لأن سائقه يستعد لدهس كلب إيطالي من جهة، ورؤية أولاد يتعرضون للقصف في مخيم للاجئين من جهة أخرى. لكن يبدو أن صانعي 6 Underground لا يجدون أي فرق بين المشهدَين. سرعان ما تترسخ مشاعرنا حول إيقاع الفيلم الكارثي، لا سيما حين تخسر مشاهد الحركة المنمقة مفعولها مع تلاحق اللقطات المشابهة، فتصبح عادية بدل أن تبقى ترفيهية. ثم يتابع الفيلم التطرق إلى مواضيع من الحياة الواقعية من دون أن يفهمها بالشكل المناسب.

لكن قبل الاحتجاج على المواضيع "المسموح بها" في أفلام الحركة، من المعروف أن آراء المشاهدين بالمسائل المطروحة في هذه الأعمال ليس لها أي أهمية لأن الهدف الأساسي من الأفلام التي تشبه6 Underground يكون ترفيهياً في المقام الأول. لا أحد يستطيع الاعتراض على ذلك. لكن ينهار هذا الفيلم فعلياً وفق المعايير التي تخدم هدفه الأصلي، فيصبح التكرار سيد الموقف وتفتقر الأحداث إلى المنطق في مناسبات كثيرة وتكتفي بخلق أجواء صاخبة، مع أن العمل يعطي كل شخصية قصة فريدة من نوعها في البداية، فلا يبقى أمامنا إلا ضجة فارغة في مراحل متقدمة من الأحداث. حتى أن إحدى الشخصيات تدرك في النهاية أن معظم المشاهدين سيأخذون هذا الانطباع عن الفيلم بعد مشاهدته، فتقول إن الفريق لا يزال قادراً على "فعل المساوئ بطريقة صاخبة على نحو مريع"!


MISS 3