جاد حداد

عبّر عن مشاعرك كي لا تكتئب

19 أيلول 2020

02 : 00

تكشف دراسة جديدة أن الإفصاح عن المشاعر أمام الآخرين يُعتبر من أفضل الطرق لتجنب الاكتئاب. في المقابل، يبدو أن القيلولة النهارية وتمضية وقت طويل أمام التلفزيون تزيدان مخاطر الاكتئاب.

تعتبر منظمة الصحة العالمية الاكتئاب أول سبب للإعاقة، وتشير تقديراتها إلى إصابة أكثر من 264 مليون شخص بهذا الاضطـــراب حول العالم.

لهذا السبب، يجب أن يصبّ التركيز على تحديد العوامل البيئية وتلك التي ترتبط بأسلوب الحياة ويستطيع الناس تعديلها لتقليص مخاطر إصابتهم بالاكتئاب.

أطلق باحثون من مستشفى "ماساتشوستس" العام في بوسطن أحدث محاولة في هذا الإطار، فحللوا بيانات أكثر من 100 ألف مشارك في "البنك الحيوي البريطاني" (برنامج بحثي يراقب صحة نصف مليون متطوع في المملكـــة المتحدة منذ العام 2006).

تقول المشرفة الرئيسة على الدراسة، كارميل تشوي، باحثة في مجال الطب النفسي في مستشفى "ماساتشوستس" العام وكلية "تي إتش تشان" للصحة العامة في جامعة "هارفارد": "تقدم دراستنا أوضح صورة حتى الآن عن العوامل القابلة للتعديل التي تستطيع التأثير على مخاطر الاكتئاب".


عوامل قابلة للتعديل

ركّزت تشوي وزملاؤها على 106 عوامل قابلة للتعديل قد تؤثر على خطر الإصابة بالاكتئاب، وهي تنقسم على ثلاث فئات:

• أسلوب الحياة، بما في ذلك الرياضة وأنماط النوم واستعمال وسائل الإعلام والحمية الغذائية.

• العوامل الاجتماعية، بما في ذلك شبكات الدعم والتواصل الاجتماعي.

• العوامل البيئية، بما في ذلك التلوث والوصول إلى المساحات الخضراء.

حدّد الباحثون في البداية المشاركين المعرّضين أصلاً للاكتئاب بسبب معطياتهم الوراثية أو تعرّضهم لصدمة سابقة خلال طفولتهم. ثم أجروا مسحاً شاملاً لقاعدة البيانات لرصد العوامل المرتبطة بنشوء الاكتئاب خلال فترة المتابعة.

أخيراً، استعملوا تقنية إحصائية اسمها "العشوائية المندلية" لحصر العوامل الأكثر قدرة على التسبب بالاكتئاب أو منع تطوره لدى المشاركين بدل الاكتفاء برصد روابط مبهمة. تفترض تقنية "العشوائية المندلية" وراثة جينات محددة عشوائياً، كتلك التي تؤثر على خطر الإصابة بالاكتئاب، وهي تستخدم هذا المبدأ لقياس احتمال أن تُسبّب عوامل أخرى الأمراض أو المشاكل. استناداً إلى هذه التقنية، يبدو أن عدداً من العوامل القابلة للتعديل يحمي الناس من الاكتئاب. يقول جوردن سمولر، باحث في مجال الطب النفسي في مستشفى "ماساتشوستس" العام شارك في الإشراف على الدراسة الجديدة: "من بين جميع العوامل الخاضعة للدراسة، كان الإفصاح عن المشاعر أمام الآخرين الأكثر فاعلية وبفارق كبير عن العوامل الأخرى. برزت منافع لزيارة العائلة والأصدقاء أيضاً. تُسلّط هذه العوامل كلها الضوء على الأثر الواقي للترابط الاجتماعي والتماسك الاجتماعي. تُعتبر هذه العوامل مهمّة اليوم أكثر من أي وقت مضى لأننا نعيش في زمن التباعد الاجتماعي والانفصال عن الأصدقاء والعائلة".

تذكر الدراسة أيضاً أن الإفصاح عن المشاعر يُخفّض خطر الاكتئاب بنسبة 24%. حتى أن الترابط الاجتماعي يمنح الناس درجة من الحماية إذا كانوا معرّضين أصلاً للاكتئاب بسبب معطياتهم الوراثية أو صدمة سابقة.

نُشرت نتائج البحث في "المجلة الأميركية للطب النفسي".

مؤشرات على قلة الحركة؟

تكشف الدراسة أيضاً أن القيلولة النهارية وتمضية وقت طويل أمام التلفزيون تزيدان على ما يبدو خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 34 و9% على التوالي. لكن يشدد الباحثون على ضرورة إجراء أبحاث إضافية للتأكد من وجود رابط مباشر بين مشاهدة التلفزيون والقيلولة ومخاطر الاكتئاب، لأن تلك النشاطات قد تعكس بكل بساطة قلة الحركة في أسلوب حياة الناس. من المعروف أن النشاط الجسدي أصبح طريقة مثبتة للوقاية من الاكتئاب أو معالجته.

في النهاية، يستنتج سمولر: "يؤثر الاكتئاب بشدة على الأفراد والعائلات والمجتمع، ومع ذلك لا نعرف الكثير بعد عن سبل الوقاية منه. تحمل هذه المسائل أهمية كبرى في مجال الصحة العامة وقد أثبتنا أن استهدافها بات ممكناً الآن عبر مقاربة واسعة النطاق ومبنية على بيانات لم تكن متاحة منذ بضع سنوات. نتمنى أن يُمهّد هذا البحث لتكثيف الجهود الرامية إلى تطوير استراتيجية فاعلة للوقاية من الاكتئاب".


MISS 3