المنتجات المصنّعة تُسرّع شيخوختك

02 : 00

تشير التيلوميرات إلى الهياكل الواقعة على أطراف الكروموسومات. قد لا تحتوي على معلومات وراثية، لكنها تحافظ على سلامة الكروموسومات عبر منع تفكك أطرافها. تصبح التيلوميرات قصيرة وأقل فعالية مع مرور الوقت تزامناً مع تكاثر الكروموسومات. يعتبرها العلماء مؤشرات على العمر البيولوجي على مستوى الخلايا. يرصد البحث الجديد رابطاً بين استهلاك منتجات عالية التصنيع وتسارع وتيرة تقصير التيلوميرات وشيخوخة الخلايا.

طرح باحثون من جامعة "نافارا" في "بامبلونا"، إسبانيا، نتائجهم خلال "المؤتمر الأوروبي والدولي للبدانة" في شهر أيلول من هذه السنة. تظهر استنتاجاتهم أيضاً في تقرير نشرته "المجلة الأميركية للتغذية العيادية". جرت الدراسة تحت إشراف لوسيا ألونسو بيدريرو، باحثة دكتوراه في الجامعة نفسها.

شيوع المنتجات المُصنّعة

يشهد استهلاك المنتجات عالية التصنيع شيوعاً متزايداً حول العالم. تحتوي هذه السلع الغذائية المُصنّعة على العناصر الأساسية التي تتألف منها المأكولات الطبيعية: بروتينات معزولة، سكريات، دهون، زيوت. غالباً ما تُستخرَج مكوناتها من مصادر طبيعية لكن تبقى كمياتها ضئيلة أو معدومة مقارنةً بالأغذية الطبيعية. تضيف شركات التصنيع نكهات ومستحلبات لتحسين مذاق المنتجات، فضلاً عن مواد مُلوِّنة ومضافات تجميلية أخرى للحصول على الشكل المطلوب. نتيجةً لذلك، تُعتبر هذه المنتجات ضعيفة وغير متوازنة من الناحية الغذائية.

يحصد المنتجون أرباحاً طائلة لأنهم يستعملون مقادير رخيصة ويتكلون على عمليات تصنيع فعالة ومقبولة الكلفة وتدوم منتجاتهم لوقتٍ طويل على رفوف المتاجر. في المقابل، ينجذب إليها المستهلكون نظراً إلى سهولة تناولها ومدة صلاحيتها الطويلة نسبياً.

لم ترصد الأبحاث السابقة روابط مؤكدة بين المنتجات عالية التصنيع عموماً وطول التيلوميرات. لكن لاحظ الباحثون روابط بين طول التيلوميرات والكحول، والمشروبات المُحلاة بالسكر، واللحوم المُصنّعة، والأغذية الغنية بالدهون المشبعة والسكر. وتشير أبحاث أخرى إلى وجود رابط بين المنتجات عالية التصنيع وأمراض حادة مثل البدانة، وارتفاع ضغط الدم، والاكتئاب، ومتلازمة الأيض، وبعض أنواع السرطان، والنوع الثاني من السكري. لكن تكون هذه الحالات مرتبطة بالسن عموماً، لذا يصعب التأكيد على ارتباطها باستهلاك تلك المنتجات.


المنتجات عالية التصنيع وطول التيلوميرات


يصنّف نظام "نوفا" الأغذية بحسب درجة التصنيع في عملية الإنتاج مقارنةً بمحتواها الغذائي. أرادت ألونسو بيدريرو وزملاؤها تحليل أثر استهلاك المنتجات عالية التصنيع لدى كبار السن عبر استخدام هذا النظام كوسيلة لتصنيف المنتجات المستهلكة.

بدأ الباحثون تحليلهم استناداً إلى بيانات مشروع "صن" الذي تجريه جامعة "نافارا" بالتعاون مع جامعات إسبانية أخرى. انطلقت الدراسة عبر تسجيل المتطوعين في العام 2000 واختارت مشاركين فوق عمر العشرين. طُلِب منهم ملء استبيانات وتقديمها كل سنتين.

في العام 2008، انضم جميع المشاركين في المشروع فوق عمر الخامسة والخمسين إلى دراسة وراثية تشكّل ركيزة للبحث الجديد. قدّم 886 فرداً (645 رجلاً و241 امرأة) عينات من لعابهم لتحليل حمضهم النووي ودوّنوا المأكولات المستهلكة يومياً. بلغ متوسط أعمارهم 67.7 عاماً.

قسّم الباحثون المشاركين على أربع مجموعات متساوية، بحسب عدد حصص المنتجات عالية التصنيع المستهلكة يومياً:

• كمية منخفضة: أقل من حصتَين.

• كمية متوسطة أو شبه منخفضة: بين حصتين وحصتين ونصف.

• كمية متوسطة أو شبه مرتفعة: بين حصتين ونصف و3 حصص.

• كمية كبيرة: أكثر من 3 حصص.

على مستوى التيلوميرات، رصد العلماء رابطاً واضحاً بين طولها واستهلاك المنتجات عالية التصنيع.

زاد احتمال تراجع طول التيلوميرات بطريقة جذرية مع زيادة حصص تلك المنتجات، بدءاً من المجموعة التي تستهلك كمية متوسطة أو شبه منخفضة. كانت هذه المجموعة أكثر عرضة لتراجع طول التيلوميرات بنسبة 29%. وبلغت هذه النسبة 40% في المجموعة التي تتناول كمية متوسطة أو شبه مرتفعة، و82% في المجموعة الأخيرة التي تستهلك أكبر الكميات.

يستنتج الباحثون: "في هذه الدراسة المستعرضة عن كبار السن الإسبان، أثبتنا وجود رابط قوي ومتين بين استهلاك المنتجات عالية التصنيع وطول التيلوميرات. لكن ثمة حاجة إلى إجراء أبحاث إضافية ضمن دراسات طولية أكبر حجماً، مع تكرار قياسات طول التيلوميرات للتأكد مـــــن هذه الاستنتاجات".

طرح العلماء أيضاً عدداً من الملاحظات العامة حول الفئة التي تستهلك أكثر من ثلاث حصص من المنتجات عالية التصنيع يومياً، فتبيّن أن المشاركين في هذه المجموعة هم أكثر عرضة لمرض السكري، أو لديهم تاريخ عائلي بأمراض القلب والأوعية الدموية، أو يحملون مستويات غير طبيعية من دهون الدم تحت الجلد. كذلك، كان هؤلاء المشاركون أكثر ميلاً إلى الأكل عشوائياً بين وجبات الطعام الرئيسية، وقد استهلكوا كميات أقل من البروتينات، والكربوهيدرات، والألياف، والفاكهة والخضار، وزيت الزيتون، ومغذيات دقيقة أخرى.

على صعيد آخر، يبدو أن المجموعة التي تستهلك حصصاً إضافية من المنتجات عالية التصنيع تكون أقل ميلاً إلى الالتزام بحمية متوسطية صحية. لكنها تتناول في المقابل كميات مضاعفة من الدهون، والدهون المشبعة، والدهون متعددة عدم الإشباع، والصوديوم، والمشروبات المُحلاة بالسكر، والكولسترول، والوجبات السريعة، واللحوم المُصنّعة. اكتشف الباحثون أيضاً رابطاً محتملاً بين استهلاك أكبر كميات من المنتجات عالية التصنيع والاكتئاب، لا سيما إذا تراجعت النشاطات الجسدية في الوقت نفسه.

أخيراً، ربطت النتائج بين استهلاك المنتجات عالية التصنيع والوزن الزائد، وارتفاع ضغط الدم، وحالات الوفاة لمختلف الأسباب.

تربط دراسة جديدة بين استهلاك المنتجات الغذائية عالية التصنيع وتقصير التيلوميرات في جسمك


MISS 3