جاد حداد

اللقاحات في زمن كورونا

30 أيلول 2020

02 : 00

يتجنب الكثيرون في هذه الفترة الذهاب إلى عيادات الأطباء خوفاً من التقاط فيروس كورونا. لكنّ التخلي عن الرعاية الطبية قد يعني تفويت لقاحات أخرى نحتاج إليها. يقول الدكتور شيف بيلاي، خبير في علم المناعة وأستاذ طب في جامعة "هارفارد": "يطرح هذا الوضع مشكلة كبرى منذ الآن. لم يتلقَ أكثر من مئة مليون شخص حول العالم لقاحاتهم الاعتيادية على الأرجح بسبب الوباء المستجد".

قد تصبح أكثر عرضة لأمراض مثل الإنفلونزا إذا لم تتلقَ اللقاحات اللازمة. يوضح الدكتور أنثوني كوماروف، رئيس تحرير "رسالة هارفارد الصحية": "ما زلنا معرّضين لالتقاط العدوى بالقدر نفسه ونحتاج إلى اللقاحات لحماية أنفسنا. فيروس "كوفيد - 19" لا يغيّر هذا الوضع".

طريقة عمل اللقاحات

حين تغزو أي جرثومة الجسم، يحاربها جهاز المناعة عبر إفراز مواد كيماوية (من نوع الأجسام المضادة) وخلايا تتعرف على العنصر الدخيل وتهاجمه. يقول كوماروف: "عندما تصاب بعدوى معينة للمرة الأولى، يتجاوب معها جهاز المناعة ببطء. لكن إذا تكررت العدوى نفسها لاحقاً، يبدي جهاز المناعة ردة فعل سريعة لأنه يتذكر ذلك العنصر الدخيل هذه المرة".

بالطريقة نفسها، يتعرّف جهاز المناعة على جرثومة معينة عبر اللقاح (لكن من دون أن يمرض الفرد). في المرحلة اللاحقة، تتجاوب المناعة سريعاً ضد هجوم تلك الجرثومة عند التقاط العدوى مجدداً.

حماية مضاعفة

في حالات كثيرة، تتجاوز منافع اللقاحات حدود جهاز المناعة وتطاول الجراثيم التي يتعرّف عليها. قد تعطيك اللقاحات شكلاً من التفوق عند مواجهة جراثيم أخرى. يوضح بيلاي: "من خلال تنشيط جهاز مناعتك، قد يتحسن وضعك حين تواجه مشكلة مختلفة. الأمر أشبه بممارسة نوع معين من الرياضة لتحسين مستوى رشاقتك، لكن سرعان ما يسمح لك هذا التمرين بممارسة نشاطات أخرى أيضاً".

يظن الخبراء أن بعض اللقاحات قد يحمي من فيروس "كوفي - 19" بدرجة معينة، لا سيما لقاح شلل الأطفال ولقاح "عُصية كالميت غيران" المستعمل في بلدان عدة للاحتماء من داء السل. ربما يحصل ذلك لأن اللقاح لا يكتفي بمهاجمة شلل الأطفال والسل بل يحفّز جهاز المناعة أيضاً لاستهداف العنصر الدخيل الجديد. لكن لم تخضع هذه الفكرة اللافتة للاختبار بعد.

مع ذلك، أصبح المفهوم العام الكامن وراء تلك الفرضية قيد الدرس. يقول بيلاي: "يبدو أن البلدان التي يتلقى فيها جميع الناس لقاح "عُصية كالميت غيران" [يُؤخَذ مرة في الحياة] تسجّل عدداً أقل من حالات الوفاة بسبب فيروس "كوفيد - 19". هذا اللقاح لن يمنعك من التقاط العدوى، لكنه يُخفّض خطر الوفاة".

ماذا عن لقاح "كوفيد - 19"؟

بدأ العلماء في جامعة "هارفارد" ومعاهد أخرى يقتربون من إيجاد لقاح للوقاية من فيروس "كوفيد-19". حتى تاريخ صدور النسخة الأخيرة من "رسالة هارفارد الصحية" في آب 2020، وصل عدد اللقاحات التي تخضع للدرس إلى 170 وسبق وبدأ العمل على اختبار ثلاثة منها ضمن تجارب بشرية في الولايات المتحدة. يوضح بيلاي: "لدى الحيوانات، وفّرت اللقاحات الثلاثة مناعة وقائية ضد المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة 2 التي تُسبب "كوفيد - 19". تهدف هذه اللقاحات الواعدة إلى تنشيط جهاز المناعة وتحفيزه على إفراز أجسام مضادة لبروتين "سبايك" على سطح فيروس كورونا: إنه الجزء الذي يُمكّن الفيروس من الدخول إلى الخلايا البشرية.

تقضي الخطوة المقبلة بمعرفة إلى أي حد تُعتبر اللقاحات آمنة وفعالة وطويلة الأمد لدى البشر. يأمل بيلاي في اكتشاف الأجوبة خلال الربع الأول من العام 2021.

أهم الخطوات لتجنب العدوى

إلى حين ظهور لقاح ضد فيروس "كوفيد - 19"، تابع تطبيق التدابير التالية:

• ضع كمّامة على وجهك حين تخرج من المنزل.

• اغسل يديك بشكلٍ متكرر.

• تجنب لمس وجهك.

• لا تبقَ في الأماكن العامة الداخلية لفترات طويلة.

• حافظ على التباعد الجسدي مع الناس غير المقيمين معك (ستة أقدام على الأقل).

على صعيد آخر، يجب أن تتلقى اللقاحات التي يوصي بها الطبيب أيضاً وقد تشمل لقاح الإنفلونزا هذه السنة. يوصيك الخبراء بتلقيه في نهاية شهر تشرين الأول إذا لم تأخذه بعد.

بحسب عمرك وتاريخ استعمالك للقاحات، قد تحتاج أيضاً إلى لقاحات ضد الحصبة (إذا كنت مولوداً في العام 1957 وما بعده)، والتهاب الكبد "أ" و"ب"، والالتهاب الرئوي وتجرثم الدم والتهاب السحايا (لقاح المكورات الرئوية)، والقوباء المنطقية، والكزاز. إذا كنت تضع الكمامة دوماً ولا تتفاعل مع عدد كبير من الناس ولا تخرج كثيراً من المنزل، قد تكون أقل عرضة للإصابة بهذه الأمراض. استنتجت دراسة إيطالية مثلاً أن حالات الإنفلونزا تراجعت بنسبة كبيرة خلال فترة الإقفال التام.

لكن إذا لم ينصحك طبيبك بعدم الخروج من منزلك لتلقي هذه اللقاحات المهمة، يجب أن تفكر بأخذها حتماً في الظروف الراهنة.