عماد موسى

أنا متعبٌ نفسياً

1 تشرين الأول 2020

02 : 00

أنا متعب نفسياً.

صعدت قبل أيام إلى العلالي ـ فيلادج، حيث أمارس الجهاد الزراعي منذ شهر أيار/ مايو وأحاول أن أريح نفسيتي بين شتلات البندورة وأثلام البطاطا وفي قطف التينة ومراقبة الديك الموتور "مرصبان" يجغّل على 7 دجاجات وُجدت لتلبية رغباته الدنيئة. دلفت إلى القن كعادتي متفقداً الركن المخصص للبيض، فلم أعثر على شيء. دجاجاتي متقاعسات عن القيام بأبسط واجباتها على الرغم من كل الرعاية المتوافرة لها. في تلك اللحظة تلقيت على هاتفي النقال ما يشبه الشماتة، صديقي الساكن "أوصادي" بعث إلي بصورة لسبع بيضات، ولم يشر في الرسالة المرفقة بالصورة الى أنه ينوي تقاسمها معي.

أنا متعب نفسياً.

صرفت نصف تنكة بنزين أي 13 ألف ليرة، بحثاً عن كرتونة بيض بـ 12 ألفاً و500 بحسب تسعيرة الوزير غير المستقيل من خدمة الشعب راؤول نعمة. إختفت كراتين البيض المدعوم عن الرفوف أما البيض البلدي الغالي الثمن فمتوافر. 6 بيضات بسعر دجاجة. في طريق عودتي إلى البيت كنت شبه يائس من العثور على "طرمبة" تستقبل الزائرين لكن حظي لم يكن بالسوء الذي تصورته. أخذت دوري خلف 10 سيارات، وصل دوري. حاولت فتح فمي فزجرني عامل من الجالية البنغلاديشية: "عشرين ألف معلّم بس" وقد قرأ في عيني رغبة في "التفويل".

أنا متعب نفسياً.

مع أن المرشد الأعلى للجمهورية يوزع علينا، نحن مواطنوه، من وقت إلى آخر، عزّة وكبرياء ومعنويات كي نصرفها مع عوائلنا براحة واطمئنان إلى أن يحين موعد المونولوغ التالي.

أنا متعب نفسياً.

لأنني أعيش في بلد الفرص الضائعة والخيبات المتلاحقة، في بلد يسرق أموالك من إئتمنته عليها، ويسرق أحلامك من تعهد بتحقيقها، ويسرق حياتك من يغامر بها لمصلحة قوى إقليمية، ويسرق دولة موّلتها أنت من عرقك.

أنا متعب نفسياً.

لأنني راجعت دفتر حساباتي ولاحظتُ أنني عشت ثلاثة أرباع عمري مخطوفاً في وطن الأرز والحرية والتعدد. وهناك خاطف أعرفه جيداً، خطفني أول مرة سنتين كرئيس حكومة عسكرية. خطفني كي يحررني ثم عاد ليخطفني مرة ثانية، ليستكمل ما بدأه. وهو اليوم مثلي متعب نفسياً، بحسب ما كتبت الزميلة ملاك عقيل. متعب عن جد. لا لأن دجاجاته تلتهم الأعلاف ولا تبيض. ولا لأن برّاده فاضي. ولا لأن مديراً في مصرف يمننه بتحرير 1000 دولار من مدّخراته، ولا لأن المازوت مقطوع. الرئيس متعب نفسياً لأنه خاطف ومخطوف في آن. لا يعرف كيف يحرر نفسه ولا كيف يريح نفسه كأن يمضي سنتين أو أكثر في منتجع سويسري هادئ إلى درجة الملل، فيريحني ويريح الشعب العظيم قبل فوات الأوان.