كارين القسيس

نتيجة تحدٍ وإرادة تتجاوزان الحدود

الرماية أصبحت رياضة نسائية في لبنان

إنّ المرأة هي ذلك الكائن الذي لا يعرف الخوف ولا يهاب التحدّي، بل يُقبل عليه بكل عزيمة وإرادة. في مجتمع كان يُنظر فيه إلى الرياضات القتاليّة والرماية على أنها حكر على الرجال، برزت المرأة اللبنانية لتكسر هذه القيود التقليدية، ولتُظهر للعالم أجمع أن لا شيء مستحيل أمام إرادتها.


الرماية، تلك الرياضة التي تتطلّب تركيزاً عقلياً حاداً وقدرة جسديّة استثنائيّة، أصبحت ساحة جديدة تبرز فيها شجاعة المرأة اللبنانية وقوّتها الداخلية. هذه الرياضة ليست مجرّد تحدٍ جسدي، بل هي أيضاً تحدٍ للعقول، وتُظهر بوضوح أن قلب المرأة لا يعرف الخوف بل يسعى دوماً إلى التفوّق والإبداع.


تؤكد المدربة الأولى على الأسلحة الحربية في الشرق الأوسط، سينتيا يعقوب، في حوارها مع «نداء الوطن» أنّ الرماية لا تُؤثر بأي شكل من الأشكال في أنوثة المرأة، بل هي على العكس، تُظهر قدرتها على التميّز والنجاح في مجال يتطلّب توازناً بين العقل والجسد. فالرماية لا تتطلّب قوّة بدنية هائلة، لأنّ أوزان الأدوات المستخدمة تتراوح بين 2 و3 كيلوغرامات فقط، ما يجعلها رياضة متاحة لجميع النساء بغضّ النظر عن بنياتهنّ الجسدية.


وتوضح أنّ الاهتمام بهذه الرياضة بين النساء قد شهد تطوّراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيثُ أصبحت الرماية تحظى بشعبية متزايدة بين النساء، ما يعزّز مشاركتهنّ في هذا المجال. كما أن التدريب مع مدرّبة نسائية يشجع الكثير من النساء على الانضمام خصوصاً أن التواصل بينهنّ يكون أكثر تشجيعاً وتحفيزاً مقارنة بالتواصل مع المدربين الرجال.


وأوضحت  يعقوب أن تطوّر الرماية بين النساء كان لافتاً. فبعد أن كانت الصفوف تضمّ خمس فتيات مقابل 30 شاباً، أصبحت الصفوف اليوم مخصصة بالكامل للنساء. كما أصبح التدريب يشمل فتيات وشابات وأمهات، ما يدل على أن الرماية أصبحت جزءاً من حياة الكثير من النساء في لبنان.


وأضافت: «يبدو أن الدوافع التي تدفع النساء لممارسة الرماية متنوّعة، منها الرغبة في الانضمام إلى الأجهزة الأمنية أو العسكرية، أو حتى التدريب للتخلّص من التوتر والضغوط النفسية. ففي ظل الظروف الحالية، حيث قد تعود النساء من أعمالهنّ أو جامعاتهن في وقت متأخر، يشكل التدريب على الرماية وسيلة فعّالة لرفع مستويات الأدرينالين والشعور بالراحة والطمأنينة».


وتابعت: «هذه الرياضة لا تعزز فقط الثقة بالنفس، بل تساهم في بناء شخصية قوية، خصوصاً في مجتمع مثل لبنان الذي كان يقيّد مشاركة المرأة في العديد من المجالات. والآن، تُثبت المرأة أن بإمكانها التفوّق في أي مجال تتوجّه إليه، حتى في الرياضات التي كانت تعتبر من اختصاص الرجال».


وفي ختام حديثها، كشفت يعقوب أن نسبة إصابة الأهداف لدى النساء تتفوّق بشكل ملحوظ على الرجال، وذلك بفضل تركيزهنّ العالي وهدوء أعصابهنّ أثناء التدريب. بينما يقترب الرجال من الرماية بتوجّه تنافسي، غالباً ما يؤثر في تركيزهم ويُضعف أداءهم».


لم تكتف المرأة اللبنانية بكسر القيود في ميادين العمل والتعليم، بل اختارت أن تفتح لنفسها مساحة في ميدان الرماية، لتثبت أن القوّة والشجاعة لا تحدّهما حدود، وأن التفوق في أي مجال ليس محصوراً بجنس معين، بل هو نتاج للإرادة والعزيمة اللتين لا تلينان.