باريس- نداء الوطن

واشنطن تعزّز تحرّكها بشأن أوكرانيا

زيارة موفدي ترامب باريس تثير تساؤلات حول دور أوروبا في مفاوضات السلام

الموفد الأميركي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو في قصر الإليزيه بباريس (رويترز)

بعد شهرين على مبادرته لإجراء محادثات غير مباشرة بين كل من روسيا وأوكرانيا، يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستعجلاً لتحقيق تقدّم ملموس كخطوة أولى على طريق تنفيذ وعده بإنهاء الحرب من دون أن يحقّق خطوات عملية ملموسة حتى الان لوقف المعارك.



ووسط هذا الإستنتاج، أوفد الرئيس الأميركي الى باريس كلاًّ من وزير خارجيته ماركو روبيو وموفده الخاص ستيف ويتكوف، بعد لقاء أجراه ويتكوف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية الأسبوع الماضي.



وزارة الخارجية الأميركية مهدت لهذه الزيارة ببيان أعلنت فيه ان واشنطن أطلقت نقاشاً من أجل التقدم على طريق تحقيق هدف الرئيس ترامب بوقف الحرب في أوكرانيا. في حين استبقت موسكو نتيجة لقاءات باريس بإصدار بيان من الكرملين وآخر من وزارة الخارجية حملا فيهما أوروبا مسؤولية استمرار الحرب عبر تزويد أوكرانيا بالسلاح.



وإذا كانت ترامب استبعد أوروبا وتفرّد بمساعي وقف النار في أوكرانيا، فإن زيارة الموفدين الاميركيين لها هدف من اثنين لم يتضح أي منهما بشكل نهائي: إما ممارسة الضغط على الأوروبيين لوقف تقديم السلاح والذخيرة والمال لأوكرانيا لحرمانها من أي مساعدة تمكنها من الصمود في وجه الهجوم العسكري الروسي للقبول بشروط وقف المعارك، وإما طلب المساعدة من الأوروبيين للانضمام الى مساعي وقف النار بعدما تبين لترامب أن أوروبا عنصر أساسي لا يمكن استبعاده.



وفي الحالتين فإن الأوروبيين أمام استحقاق سيحدّد موقعهم على الخارطة الجيوسياسية للسنوات المقبلة لذلك استبق الرئيس الفرنسي لقاءه ظهر أمس بالموفدين الأميركيين باجتماع صباحي مع مستشاري الأمن الوطني في كلّ من المملكة المتحدة وألمانيا وهما البلدان الاوروبيان اللذان يقفان الى جانب فرنسا في دعم أوكرانيا والتصدي للنفوذ الروسي المتمدد.



صحيح أن محادثات باريس ستتناول الوضع في الشرق الأوسط والنووي الإيراني والرسوم الجمركية ولكنها ستتركز بشكل أساسي على أوكرانيا. ويعتقد الأوروبيون أن الفرصة سانحة لفرض حضورهم عنصراً أساسياً في مفاوضات السلام في أوكرانيا ولمراقبة وقف النار من خلال إرسال قوة بريطانية - فرنسية الى شرق أوكرانيا، آملين في الحصول على دعم أميركي لموقفهم هذا، وهذا ما اكد عليه وزير الخارجية الفرنسي جان – نويل بارو بقوله "نعمل على إعداد شروط وقف النار ومراقبته وبعد ذلك لبدء مفاوضات سلام في أوكرانيا"، مضيفاً "تقع على عاتق أوروبا مسؤولية تقديم ضمانات لكي لا تتعرض أوكرانيا مستقبلاً لاعتداء جديد".



ويعتبر الأوروبيون أن الرئيس الأميركي  اتخذ خطوات عدة في الوقت نفسه من دون برنامج محدد وخريطة طريق لكل منها، أكان بالنسبة الى غزة أو النووي الإيراني او الحرب التجارية، وهو قدّم مسبقاً كل أوراقه التفاوضية لفلاديمير بوتين وتبنّى مطالبه لعدم انخراط أوكرانيا في الحلف الأطلسي ولعدم استرجاعها الأراضي التي ضمتها روسيا اليها ولتجريدها من السلاح وجعلها دولة محايدة، في حين لم يقدم الرئيس الروسي أي تنازل، لا عسكرياً ولا سياسياً. فجيشه يواصل التقدّم وان ببطء داخل الأراضي الأوكرانية، ويستهدف بشكل يومي بالقصف وبالمسيرات العمق الاوكراني موقعاً ضحايا بالعشرات، وهو لم يلتزم بعد بأي ورقة لوقف النار لا بل انه يضع شروطه الصارمة وفي طليعتها عدم قبول وجود أي قوة أوروبية لمراقبة وقف النار.



وبالمقابل يقدم بوتين نفسه على انه شريك للولايات المتحدة في محاولة منه لإيجاد حلول لأزمات إقليمية مثل ملف غزة وملف النووي الإيراني فيستقبل في موسكو في اليوم نفسه لزيارة الموفدين الاميركيين باريس، كلا من وزير خارجية ايران وأمير قطر. كما يلوح بوتين "بالإغراء" الاقتصادي امام ترامب، اذ كشفت معلومات صحافية انه عرض على الجانب الأميركي شراء طائرات الـ "بوينغ" التي جمدتها الصين كردّ على الرسوم الجمركية الأميركية، مقابل رفع العقوبات الأميركية لكي يتم تمويل هذه الصفقة من الأموال الروسية المجمدة.