جاد حداد

الحمية المفيدة لقلبك ليست القليلة الدهون بالضرورة

31 تشرين الأول 2020

02 : 00

مصادر الدهون التي نختارها وبقية المنتجات المستهلكة لها تأثير كبير... تفاجأ الكثيرون في الفترة الأخيرة من الفكرة المستجدة التي تعتبر الحميات قليلة الدهون غير فاعلة للوقاية من أمراض القلب مع أن معظم الهيئات الصحية المرموقة كانت توصي دوماً بهذا النوع من الحميات.

اتخذت التوصيات الغذائية هذا المنحى طوال أكثر من أربعين سنة. لكن خلال العقد الماضي، لم تعد "جمعية القلب الأميركية" وهيئات غذائية أخرى توصي الناس بالحد من كمية الدهون الإجمالية في حميتهم الغذائية. يوضح الدكتور إريك ريم، أستاذ في علم الأوبئة والتغذية في كلية "تي إتش تشان" للصحة العامة التابعة لجامعة "هارفارد": "يصبّ التركيز اليوم على النمط الغذائي الصحي بشكل عام. يعني ذلك أن تُركّز الحمية المنتقاة على استهلاك الخضار والفاكهة والحبوب الكاملة والفاصوليا، بالإضافة إلى كمية محدودة أو صغيرة من اللحوم والبيض والحلويات".

عملياً، يبدو أن زيادة استهلاك المنتجات النباتية الطبيعية أو المُصّنعة بالحد الأدنى تسهم تلقائياً في تخفيض كمية الدهون المستهلكة، لا سيما الأنواع المشبعة منها. يمكن إيجاد الدهون المشبعة بشكلٍ أساسي في اللحوم ومشتقات الحليب، وقد تؤدي إلى ارتفاع مستويات الكولسترول السيئ الذي يُعتبر من أبرز العوامل المُسبّبة لأمراض القلب. لكنّ التخلي عن جميع أنواع الدهون لا يعني بالضرورة تبنّي حمية قادرة على تخفيض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

الحميات قليلة الدهون لا تحقق الهدف

بدءاً من حقبة الثمانينات، حين خفّض مصنّعو الأغذية والمستهلكون كمية الدهون في منتجاتهم وحمياتهم الغذائية، استُبدلت هذه العناصر بالكربوهيدرات المُكررة. نتيجةً لذلك، زاد الناس استهلاك الخبز والمعكرونة ورقائق البطاطس قليلة الدهون والبسكويت والألبان المُحلاة وقليلة الدسم. لكن يؤدي الإكثار من هذه الكربوهيدرات عالية التصنيع إلى تدفق السكر في مجرى الدم، ما يعني إطلاق الأنسولين للتخلص من سكر الدم. قد تعني هذه العملية تراجع مستوى سكر الدم بدرجة فائقة وتجدد شعور الجوع لدى الناس بعد مرور بضع ساعات، ما يشجّعهم على الأكل المفرط واكتساب الوزن. كذلك، قد تُمهّد أي حمية ثابتة وغنية بهذه الكربوهيدرات غير الصحية لاختلال قدرة الجسم على التجاوب مع الأنسولين في نهاية المطاف، ما يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري. ومن المعروف أن البدانة والسكري يرتبطان بزيادة مخاطر أمراض القلب.

لكنّ الإفراط في استهلاك الكربوهيدرات المكررة ليس المشكلة الوحيدة. لا داعي لتجنب الدهون غير المشبعة، كتلك الموجودة في المكسرات والبذور والزيتون والأفوكادو والأسماك. هذه المنتجات تجعل وجبات الطعام لذيذة ومُشبِعة بدرجة إضافية وتسهم الدهون غير المشبعة في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية أيضاً.

ماذا عن الحميات شبه الخالية من الدهون؟

يدافع بعض الأطباء عن الحميات التي تتراجع فيها كمية الدهون بدرجة فائقة وتقتصر فيها نسبة الدهون على 10% من السعرات الحرارية. تستثني هذه الحمية جميع المنتجات الحيوانية (مثل اللحوم والدواجن ومشتقات الحليب والأسماك)، فضلاً عن الكربوهيدرات المكررة (بما في ذلك الطحين الأبيض والسكر الأبيض، وحتى عصير الفاكهة). لكن تخلو تلك الحمية أيضاً من بعض الدهون غير المشبعة، منها الزيوت المضافة والأغذية النباتية عالية الدهون مثل الأفوكادو والمكسرات.

كشفت دراسات صغيرة أن هذا النمط الغذائي قد يعكس مسار تراكم الصفائح المليئة بالكولسترول في الشرايين. يشتق جزء من تلك المنافع على الأقل من الألياف والمغذيات الأخرى الموجودة في كميات كبيرة من الخضار والفاصوليا والحبوب الكاملة، علماً أن هذه العناصر تبقى نادرة في الحمية الغربية النموذجية. لكن يصعب أن يلتزم معظم الناس بالحمية شبه الخالية من الدهون على المدى الطويل.

في معظم الحالات، تجمع الحمية المتوسطية بين أفضل الجوانب في هذين الخيارَين: تتمحور هذه الحمية حول المنتجات النباتية لكنها ليست صارمة بدرجة فائقة. يقول ريم: "لا تتطلب الحمية المتوسطية عادات غذائية متطرفة تُصعّب على الناس متابعة التواصل مع الآخرين. كما أنها تشمل خيارات لذيذة وتكثر الدراسات العيادية الطويلة التي تثبت قدرتها على تخفيض خطر الإصابة بأمراض القلب".

خطوات بسيطة لتطبيق الحمية المتوسطية

لتبنّي الحمية المتوسطية بسهولة، تقدّم لك خبيرة التغذية كاثي مكمانوس، مديرة قسم التغذية في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد"، توصياتها في ما يلي. اختر إحدى الخطوات التي تناسبك وجرّبها طوال أسبوع ثم أضف تعديلات تدريجية أخرى مع مرور الوقت:

غيّر أي نوع من الدهون التي تستعملها راهناً واستبدله بزيت الزيتون البكر: ابدأ باستعمال زيت الزيتون في الطبخ، بما في ذلك صلصات السلطات، وحاول أن تستبدل الزبدة على الخبز المقرمش بزيت الزيتون.

تناول السلطة يومياً: اختر خضروات ورقية مقرمشة وداكنة أو أي نوع من الخضروات الموسمية.

تلذذ بالمكسرات: بدل تناول كيس من رقائق البطاطس أو البسكويت، استهلك قبضة من المكسرات النيئة كوجبة صحية اعتيادية.

أضف الحبوب الكاملة إلى وجبات طعامك: جرّب البرغل، والشعير، وقمح الفارو، والرز الأسمر، والمعكرونة المصنوعة من حبوب كاملة. واختر الخبز الريفي السميك وتناوله من دون سكر مضاف أو زبدة.

أضف مجموعة متنوعة من الخضار إلى لائحة طعامك: زد حصة إضافية من الخضار إلى الغداء والعشاء كي تستهلك بين 3 و4 حصص يومياً. جرّب نوعاً جديداً من الخضار أسبوعياً.

تناول ثلاث حصص من البقوليات أسبوعياً على الأقل: تتعدد الخيارات المحتملة، منها العدس، والحمص، والفاصوليا الحمراء أو السوداء.

خفف استهلاك اللحوم: تناول الدواجن غير الدسمة بكمية معتدلة (بين 85 و115 غراماً). واكتفِ بتناول اللحوم الحمراء في المناسبات أو استعمل اللحوم كخيار جانبي مع كمية كبيرة من الخضار، كما في اليخنات والأطباق المقلية والحساء. كذلك، استهلك كميات إضافية من الأسماك وحاول أن تتناول حصتين منها أسبوعياً. لا بأس باستهلاك الأسماك المعلّبة أو الطازجة.

أوقف استهلاك المشروبات السكرية: استبدل المشروبات الغازية والعصائر بالماء.

خفف استهلاك التحليات الدسمة والغنية بالسكر: تبقى الفاكهة الطازجة أو المسلوقة من أفضل الخيارات. حاول أن تتناول ثلاث حصص من الفاكهة الطازجة يومياً واكتفِ باستهلاك الحلوى والمعجنات في المناسبات الخاصة.


MISS 3