جنى جبّور

بعد فشل اللقاح الصيني... تفاؤلٌ حذر

هل يُنقذ "فايزر" البشرية من كورونا؟

13 تشرين الثاني 2020

02 : 00

أي من اللقاحات سيصل الى لبنان أولاً؟ الألماني؟ الروسي؟ أو الأميركي؟ نحن في سباق محموم بين الدول يهدف الى تطوير لقاح فعّال ضد كورونا، أمّا لبنان فقد حجز مسبقاً حصته من اللقاحات، الّا أنّ مبدأ "كوني فكانت" لا ينطبق على هذه المعضلة، فالقصة بحاجة الى المزيد من الوقت. فهل "رح يبقى مين يخبر؟" حتّى ربيع سنة 2021، موعد اطلاق لقاح "فايزر" المنتظر في حال تمّت الموافقة عليه؟

انه الخبر الذي ينتظره العالم. بصيص أمل لاح في الافق بعدما أعلنت شركتا "فايزر" الاميركية و"بيونتيك" الالمانية أنّ اللقاح ضد كورونا المستجد الذي تعملان على تطويره أثبت فعاليته بنسبة 90 في المئة. وبحسب هذه النتائج، تحققت حماية المرضى بعد سبعة أيام من تلقي الجرعة الثانية و28 يوماً من تلقي الجرعة الأولى. الّا أنّ لقاح "فايزر"، ليس الاول من نوعه في هذا المجال، اذ انه يوجد الكثير من التجارب على العديد من اللقاحات، بدءاً من اللقاح الصيني (الذي بدأ تطويره منذ شهر حزيران) لمصلحة شركة "كانسينو" ووحدة البحوث العسكرية (تمت تجربته على 40 الف جندي تقريباً) إذ أظهرت النتائج مناعة ضد الفيروس في المرحلتين الأولى والثانية من الدراسة، مروراً باللقاح الروسي "سبوتنيك 5"، وصولاً الى ما بدأنا نسمعه اليوم حول لقاح "فايزر". فماذا يجري خلف كواليس السباق المحتدم لتطوير لقاح كورونا؟ يجيب الدكتور نيكولا زوين، بروفيسور مساعد في جامعة فلوريدا، الذي اهتم بمتابعة مستجدات الوباء منذ انتشاره مروراً بمراحل تطوير اللقاحات المطروحة، قائلاً "يوجد هستيريا عالمية في طريقة التعامل مع كورونا، فلم يشهد اي فيروس في العالم هذه التغطية الاعلامية غير المبررة أو اغلاق الدول للمطارات... فكورونا ليس الفيروس الاشرس، الا انه نال حصة الاسد من حيث الاهتمام به. بالعودة الى "فايزر"، فإن هذا اللقاح موجود منذ تشرين الاول، الّا انّ الشركة المصنّعة قررت عدم الاعلان عنه قبل صدور نتائج انتخابات الرئاسة الاميركية. وفي التفاصيل، إنّ اللقاح المطروح في طريقه الى ادارة الغذاء والدواء الأميركية " FDA" التي تحتاج عادةً، من 6 اشهر الى سنة للموافقة عليه أو رفضه، الّا أنها وعدت بتسريع وقت مراجعته من ناحية التأكد من أمانه. ولعب رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب دوراً في هذا الموضوع، اذ أنه وبحسب بروتوكول الـ"FDA"، يتم العمل على تصنيع اللقاح بعد الموافقة عليه، ولكن الادارة الأميركية (بطلب من ترامب)، سمحت لشركة "فايزر"، بتصنيع مخزون من اللقاح، لطرحه سريعاً في السوق بعد نيل موافقة الـ"FDA"، وفي حال رفضه تلتزم الشركة بتلف الكمية المصنعة، على أن تعوض الادارة الاميركية خسارتها. وهذه الخطوة تساعد في كسب الوقت، حيث يوجد حالياً ملايين الجرعات الجاهزة للاستعمال، ومن المتوقع أن يباشر العمل بها في ربيع الـ2021 في حال تمّت الموافقة على اللقاح".



البروفيسور نيكولا زوين



هل يدعو "فايزر" للتفاؤل؟

حتّى الآن، يوجد نحو 145 لقاحاً مرشحاً لفيروس كورونا قيد التجربة مخبرياً في كل أنحاء العالم، والكثير منها مرشح بالفعل لمرحلة الاختبارات على البشر، الا انّ العديد منها فشل في مرحلة ما. فهل يدعو "فايزر" للتفاؤل؟ يوضح زوين أنّ "ادارة الغذاء والدواء، ترفض أي دواء لم يسجل فعالية بنسبة 50 في المئة، وهذه النقطة تشير الى بصيص أمل حذر، اذ يجب التأكد من أمان هذا اللقاح، فاللقاح الصيني مثلاً توقف العمل فيه في البرازيل بسبب المشاكل التي سببها، كذلك لقاح جامعة "أوكسفورد". مع الاشارة، الى أننا ما زلنا نجهل حتّى الآن، فترة فعالية لقاح "فايزر"... فهل سيؤمن حماية لسنة أو لنصف سنة؟ التقديرات الحالية تشير الى انه سيكون فعّالاً لفصل واحد معين من السنة".



الدكتور حسان سعيّد



الى اي مرحلة تجارب

وصل اللقاح الجديد؟نجهل حالياً كل التفاصيل المتعلقة باللقاح أو النتائج المرجوة من التجارب، الّا أنّ شركتي "فايزر" و"بيونتيك " أكدتا أنهما ستصنعان ما يصل الى 50 مليون جرعة من اللقاح في العالم في العام 2020 وحتّى 1.3 مليار جرعة في العام 2021. لكن ثمة أسئلة بحاجة إلى إجابات، منها كيف يعمل هذا اللقاح؟ والى أي مرحلة تجارب وصل؟ وما مدى قرب العالم من القضاء على جائحة كورونا؟ فماذا يقول الاختصاصي في علم المناعة، والباحث في مركز الأبحاث التابع للمركز العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية الدكتور حسان سعيّد عن هذا الموضوع؟ يشرح سعيّد أنّ "اللقاحات تعمل عن طريق تعريض الجهاز المناعي لأجزاء من الفيروس أو البكتيريا، حتى يتمكن من تعلم كيفية حماية الجسم من تلك الجراثيم. ثم يقع تصنيع هذه اللقاحات عن طريق زراعة أو توليد أجزاء من الجراثيم، والتي غالباً ما يقع إضعافها أو جعلها غير نشطة لتعريض الجسم لهذا الفيروس أو البكتيريا بأمان وفعالية. وتعتبر اللقاحات ضرورية لمكافحة المرض، ليس فقط لكل فرد، ولكن أيضاً لمجتمعات بأكملها. كما تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن اللقاحات منعت ما لا يقل عن 10 ملايين حالة وفاة في جميع أنحاء العالم بين سنتي 2010 و 2015. ومع ذلك، فإن عملية صنع لقاح صعبة ومعقدة وتستغرق وقتاً طويلاً. إليكم ما تحتاجون معرفته حول كيفية عمل أنواع مختلفة من اللقاحات ومراحل إنتاجها الست والوقت الذي تستغرقه عملية تطويرها:



فهم عام للفيروس: تتم دراسة الفيروس في المختبر للتعرف على مميزاته وخصائصه، وكذلك كيفية تأثيره على الخلايا البشرية أو الحيوانية.

البحث عن اللقاح المرشح: بمجرد دراسة الفيروس، يحتاج العلماء إلى تحديد النهج الذي يجب اتخاذه. قد يشمل ذلك عمليات عزل الفيروس الحي أو إضعافه أو تعطيله، أو استخدام التسلسل الجيني الخاص به لإنشاء لقاح.

اختبار اللقاح في الدراسات قبل السريرية: وذلك باختباره أولاً على الحيوانات لتحديد استجابة البشر له، وفي هذه المرحلة، يمكن للباحثين تكييف اللقاح لجعله أكثر فعالية.

اختباره في التجارب السريرية: يقع إجراء هذه الاختبارات على البشر، بعد ثلاث مراحـل، الأولى على بضـــع عشـــرات من المتطوعين، والثانيـة على مئات الأفراد المعرضــين لخطــر الإصابــة بمرض المنتمين إلى "مجموعة ســكانية مستهدفة" والثالثة على عدة آلاف من الناس لتحديد سلامته وفعاليته.

الحصول على الموافقة القانونية: ينبغي على هيئات مثل إدارة الغذاء والدواء الأميركية الموافقة على اللقاح ومراجعة نتائج التجربة. ويجب أيضاً تطوير السياسات الخاصة باستخدامه، على سبيل المثال، من خلال تحديد من يتمتع بأولوية اللقاح.

وضع اللقاح في مرحلة الإنتاج ويمكن إنتاجه أولاً على نطاق صغير، ثم بكميات أكبر، قبل البدء في توزيعه.



لقاحات بالجملة قيد التطوير



لا يزال "فايزر" في التجارب الاولى من المرحلة الثالثة باعتراف الشركة المصنعة، ولكنه يبقى واعداً بتحقيق النتائج المرجوة وتجاوز المراحل كاملة حتى الربيع المقبل. وبحسب سعيّد "لا تزال معظم اللقاحات المرشحة لمكافحة فيروس كورونا، بحاجة الى موافقات من منظمة الصحة العالمية. وللأسف تلعب المصالح السياسية والاقتصادية دوراً في هذه الحالات كما هي الحال في عدم طلب المنظمة لبيانات حول اللقاح الصيني بعد تجربته على فئات من كبار السن والجنود. من جهة أخرى، يمكن الجزم بأنّ الافضلية تبقى للقاحات التي لا تتسبب بآثار جانبية أو التي تكون آثارها ضمن الحدود الدنيا. وهنا تكمن الخطورة، حيث لا يمكن لمس هذه التبعات خلال فترة قصيرة. يضاف الى ذلك، أهمية سعر اللقاح، فالافضلية تبقى للقاح الارخص ثمناً والأكثر توافراً، والذي يؤخذ بجرعات وكميات قليلة، ولكنه يضمن نتائج فعّالة، وهذا يعتمد بشكل مباشر على الشريط الوراثي للفيروس ومن ثم انتاج البروتينات الخاصة فيه أو من خلال ادخال التركيبة البروتينية مباشرةً. ويبقى الأهم، مدى الأمان في استخدام اللقاح من خلال ضمان تجاوزه المرحلة التجريبية الثالثة وتعريض نسب وفئات عمرية مختلفة له ومن دون آثار جانبية، حيث أن الكثير من المختبرات توقف عملها البحثي فور ظهور عوارض جانبية (مثل مختبرات البرازيل). أمّا الأسئلة التي تشغل الباحثين فهي تتعلق بمدى التحصين المناعي الناتج عن اللقاح...هل هو لأسابيع؟ لأشهر أو لسنوات؟ وماذا في حال ظهور تشكيلات جديدة من الفيروس نتيجة عمليــــات التعديل الوراثي؟"



6 مراحل أساسية يجب أن يجتازها أي لقاح



مـــن ســـيـــحـــصـــل عـــلـــى الـــلـــقـــاح؟

تزامناً مع انتشار خبر لقاح "فايزر"، أعلن وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أنّ لبنان "سيكون من بين الدول الأولى التي ستستفيد من هذا اللقاح لدى اعتماده قريباً من قبل منظمة الصحة العالمية بحسب التوقعات"، مضيفاً أنه "بالتنسيق مع وزير المال غازي وزني، تم تأمين المراسلات الضرورية لتحويل الدفعة الأولى من كلفة اللقاح بعدما أدّى التواصل المسبق الذي أجراه مع "Pfizer" قبل أسبوعين إلى حجز كمية من اللقاح لـ15 في المئة من اللبنانيين". وفي هذا الصدد، لفت د. سعيّد الى أنّه "لن يحصل الجميع على اللقاح بشكل مباشر، وستقرّر الدولة من يجب منحه الأولوية. ولكن بشكل عام، سيحجز العاملون في قطاع الرعاية الطبية مكاناً في أعلى قائمة الأولوية، لأنهم الأكثر عرضة، كذلك كبار السن المعرضون لخطر الإصابة الشديدة بالفيروس. أضف الى ذلك الأشخاص الأكثر تأثراً بتبعات الفيروس كما هي الحال مع أصحاب الأمراض المزمنة. وفي ظل عدم الوصول الى نتائج حاسمة أقله حتى الربيع المقبل يجب الاستمرار بأخذ الاحتياطات اللازمة من ارتداء كمامة وتعقيم اليدين والتباعد الاجتماعي".


MISS 3