ريتا ابراهيم فريد

The Voice Senior: الطرب يخترق الأخبار السلبية على الشاشات

18 تشرين الثاني 2020

02 : 00

أمام الواقع المأسوي الذي يمرّ به اللبنانيون إثر تفشّي فيروس الكورونا والأزمة الاقتصادية الخانقة، إضافة الى الوضع النفسي السيّئ الذي انعكس على الجميع جرّاء انفجار المرفأ، انطلق برنامج "ذا فويس سينيور" بنسخته العربية خلال الأسابيع القليلة الماضية عبر شاشتي الـMBC و"المؤسسة اللبنانية للإرسال"، مخترقاً الأخبار السلبية والمحزنة التي اعتدنا مشاهدتها على الشاشات، نحو أجواء مختلفة وأغانٍ طربية بأصوات رائعة.

وبعد النجاح الكبير الذي حقّقه برنامج "ذا فويس" بنسخته الأصلية، تلاه النجاح الباهر لـ"ذا فويس كيدز"، يعرض "ذا فويس سينيور" مواهب غنائية تجاوزت عمر الستين، آتية من مختلف الدول العربية، ومشبعة بإرث فنيّ عريق ومتنوّع.

لكنّ انتقادات كثيرة طالت البرنامج. منها ما اعتبره استخفافاً بالمُشاهد، بحيث أنّ معظم المشتركين هم من الفنانين المعروفين في العالم العربي، علماً بأنّ أحداً لم يُخفِ ذلك، بل على العكس، فإنّ عدداً كبيراً من المشتركين كشفوا بأنفسهم عن هويّتهم الفنية.

فالمشترك التونسي الحسين فضلاوي على سبيل المثال، أكّد أنه أمضى حياته يعزف ويغني، وأنّه التقى وغنّى مع الراحل كارم محمود والمطرب محمد ثروت. كذلك الأمر بالنسبة الى المشترك السوري صفوان عابد الذي أشار الى أنّه أستاذ في القدود الحلبية. أمّا المشتركة الجزائرية نادية فاختارت برنامج "ذا فويس" لتتويج مسيرتها الفنية التي انطلقت منذ العام 1973.

حتى أنّ أعضاء لجنة التحكيم تولّوا بأنفسهم التعريف عن هويّة بعض المشتركين. فسميرة سعيد أشارت الى أنّ المشترك عبد الرحيم الصويري مطرب موجود في كل مكان في المغرب وغنّى في معظم أفراحه، وهو معروف جداً. كذلك عرّف ملحم زين عن الفنان عبدو ياغي بأنه أستاذ وفنان كبير من لبنان.

وفي السياق، أطلق بعض النقاد انتقادات عدّة طالت بعض المشتركين أنفسهم، ووصلت حدّ الهجوم على البرنامج، إذ اعتبروا أنه لا يجوز لفنّان محترف أن يتحوّل الى هاوٍ بانتظار تقييم من أساتذة أقلّ منه خبرة واحترافية. علماً بأنّ تعليقات لجنة التحكيم بغالبيتها أتت على شكل إشادات ومديح بأصوات وأداء معظم المشتركين، وكانت بعيدة جداً عن أسلوب التنظير أو النقد أو حتى تلقين المشترك دروساً في الغناء.

هذه الإنتقادات صبّت بشكل خاص باتجاه مشاركة الفنان عبدو ياغي التي اعتبرها البعض "دعسة ناقصة"، وبأنه لا يجوز لأستاذ كبير يملك تاريخاً فنياً عريقاً، أن يشترك في برنامج للهواة وينتظر تقييم أعضاء لجنة يفوقها في الخبرة والتاريخ الفني.

وهُنا لا بدّ من الإشارة الى أنّ عدداً لا بأس به من المشتركين في النسخة الأساسيّة من برنامج "ذا فويس" كانوا من المحترفين، وبالتالي لا ضرر ولا عيب في ذلك. فالبرنامج منذ البداية قدّم نفسه على مستوى عالٍ جداً من الإحتراف. والجميع يذكر مشاركة الفنانة هبة طوجي والفنانة ألين لحود في برنامج "ذا فويس" في فرنسا، وهما محترفتان وموجودتان على الساحة الفنية اللبنانية والعربية. فلماذا نتقبّل مشاركتهما ولا نتقبّل مشاركة عبدو ياغي في برنامج يحمل باسمه "سينيور" تبريراً كافياً لهذه المشاركة؟

من ناحية أخرى، قد يكون الفنان عبدو ياغي أصاب في المشاركة في البرنامج. فرغم أنه صاحب تاريخ فني عريق، إلا أنّ الحقيقة المرّة تكمن في أنّ قسماً كبيراً من الجيل الجديد لا يعرفه، وربما يردّد بعض أغنياته من دون أن يعلم أنها لياغي، وبفعل مشاركته في "ذا فويس سينيور"، أتيح المجال للجيل الشاب أن يتعرّف إليه والى تاريخه وأهميّته في أرشيف الموسيقى اللبنانية.

كما أنّ البرنامج كشف عن نقاط إيجابية كثيرة في شخصية أعضاء لجنة التحكيم. حيث بدت سميرة سعيد شخصية قريبة الى القلب، مشاغبة بخفّة، وعفوية. فيما بدا هاني شاكر كما في أغنياته، صاحب شخصية حسّاسة ورقيقة. أما نجوى كرم فظهرت بوضوح كم أنها صاحبة نكتة على طريقتها الزحلاوية المعروفة بالطرافة. وكانت لافتة إشادات المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي بملحم زين، فهو فعلاً قمّة في التواضع والاحترام، وشخصيّته تعكس الخجل الجميل الذي يعشقه المُشاهد.

من ناحية أخرى، تشير معلومات مؤكّدة الى أنّ عبدو ياغي هو من سيفوز باللقب، وبالتالي سيكون ملحم زين هو مدرّب أفضل صوت ذهبي لهذا الموسم.

وبشكل عام، نجح البرنامج في إضفاء بعض الألوان الإيجابية بين كل السواد الذي يحيط بنا، وأثبت أنّ النجومية والموهبة الفنية ليستا مرهونتين بعمرٍ معيّن.


MISS 3