جاد حداد

المناعة ضد كورونا تدوم لستة أشهر على الأقل؟

20 تشرين الثاني 2020

02 : 00

وفق دراسة جديدة، يبدو أن دم المصابين بحالات كورونا خفيفة أو معتدلة أو خالية من الأعراض يحتفظ بخلايا مناعية تستطيع التعرّف على الفيروس بعد ستة أشهر على التقاط العدوى!

حتى الآن، أصيب أكثر من 55 مليون شخص بفيروس كورونا المستجد حول العالم. لكن لا تزال الحالات المؤكدة لالتقاط العدوى مجدداً نادرة جداً رغم وجود أدلة على حصول تراجع حاد في عدد الأجسام المضادة للفيروس في دم معظم الأفراد بعد التقاط عدوى خفيفة أو خالية من الأعراض.

حين تتعرف الخلايا التائية المساعِدة على أي فيروس، تقوم بتنشيط الخلايا المناعية الأخرى لتصنيع أجسام مضادة أو القضاء على الخلايا المصابة.

يقول المشرف على الدراسة بول موس، اختصاصي في أمراض الدم في جامعة "برمينغهام" البريطانية: "هذه النتائج تجعلنا نتفاءل بحذر حول قوة ومدة المناعة التي تنتجها عدوى كورونا، لكن يبقى هذا الجانب جزءاً بسيطاً من الأحجية. يجب أن نكتشف معلومات كثيرة بعد، قبل أن نفهم بالكامل طريقة تفاعل المناعة مع "كوفيد - 19".

لا يطرح البحث الجديد أدلة مباشرة حول قدرة الخلايا التائية التي رصدها العلماء على حماية الناس من التقاط العدوى مجدداً.

صدرت استنتاجات الدراسة على موقع "بيو آر كسيف"، لكنها لم تخضع لمراجعة موضوعية ولم تُنشَر في مجلة علمية بعد.

عينات دم شهرية

بين آذار ونيسان 2020، وافق مئة شخص تعافوا حديثاً من "كوفيد-19" على المشاركة في الدراسة. كانت أعراضهم خفيفة أو معتدلة أو معدومة ولم يحتج أي منهم إلى علاج في المستشفى. بلغ أكبر المشاركين 65 عاماً وأصغرهم 22 عاماً، منهم 77 امرأة.

قدّم المشاركون عينات دم مرة في الشهر، ما سمح للباحثين بتعقب التغيرات في مستوى الأجسام المضادة التي تستهدف ثلاثة بروتينات فيروسية مختلفة.

بعد مرور ستة أشهر، بقيت الخلايا التائية المساعِدة في دم جميع المشاركين وتجاوبت مع الفيروس. تتفاعل الخلايا عبر إنتاج جزيئة الإنترلوكين 2 المناعية التي تُعتبر بالغة الأهمية لمحاربة الالتهابات الفيروسية.

مقارنةً بمن لم يواجهوا أي أعراض، كانت استجابة الخلايا التائية لدى من أصيبوا بأعراض معينة أقوى بنسبة 50%.

يكتب الباحثون في تقريرهم: "قد تعطي المناعة الخلوية المُدعّمة الفئة التي واجهت أعراض المرض حماية مضاعفة ضد التقاط الفيروس مجدداً في المستقبل. لكن ربما كانت نوعية استجابة الخلايا التائية عند التقاط العدوى للمرة الأولى (في الحالات الخالية من الأعراض) كافية لتوفير حماية عيادية معينة. لهذا السبب، لا بد من تقييم قابلية المصابين بالفيروس (مع أعراض أو بدونها) لالتقاط العدوى مجدداً مع مرور الوقت".

يقول البروفسور بول مورغان، مدير "معهد أبحاث مناعة الأنظمة" في جامعة "كارديف" البريطانية لم يشارك في البحث الجديد: "ارتبطت قوة استجابة الخلايا التائية للبروتينات الفيروسية الثلاثة المختلفة ببلوغ مستويات الأجسام المضادة ذروتها خلال الأشهر الستة السابقة، ما يعني أن هذين الجزأين من جهاز المناعة (أي الخلايا المُنتِجة للأجسام المضادة والخلايا التائية) يتعاونان في ما بينهما للرد على الفيروس".

تفاؤل بشأن اللقاح

تعطي هذه الدراسة أملاً باكتساب مناعة دائمة بفضل لقاحات كورونا التي تهدف إلى إعادة إنتاج الاستجابة المناعية التي يبديها أي شخص يلتقط الفيروس.

توضح إليانور رايلي، أستاذة في علم المناعة والأمراض المُعدية في جامعة "إدنبرة" في بريطانيا لم تشارك في البحث الأخير: "إنها أنباء سارة جداً وهي تنذر بنتائج إيجابية على المدى الطويل في مجال تطوير اللقاحات واحتمال اكتساب وقاية طويلة الأمد تمنع الإصابة بالفيروس من جديد. لكن تجدر الإشارة إلى أننا لم نتأكد بعد من اكتساب المشاركين في هذه الدراسة حماية كاملة ضد التقاط العدوى مجدداً".

أخيراً، تبقى الدراسة محدودة على بعض المستويات نظراً إلى صغر حجمها وتراجع عدد الرجال الراشدين الأكبر سناً والمصابين بحالات حادة من العدوى فيها.

مع ذلك، يستنتج مورغان في النهاية: "هذه النتائج تزيد ثقتنا بأن التقاط فيروس كورونا قد يطلق مناعة قوية ومبنية على الخلايا التائية، أقله في هذه المجموعة التي تشمل أشخاصاً أصغر سناً ومصابين بحالات خفيفة أو خالية من الأعراض، وقد تدوم هذه المناعة رغم تراجع مستوى الأجسام المضادة. يشدد العلماء على ضرورة قياس مناعة الخلايا التائية على نطاق أوسع وإضافة تلك القياسات إلى تقييمات الاستجابة للقاحات حين تصبح متاحة".