طهران تتّهم إسرائيل وتتوعّد بالرد... وحاملة طائرات أميركية إلى الخليج

تصفية "سليماني النووي"

02 : 30

فخري زاده

نهاية تشرين الثاني تبدو شبيهة إلى حدّ كبير ببداية كانون الثاني الماضي، يومها، وتحديداً فجر اليوم الثالث من إنطلاقة العام، استيقظ العالم على خبر تصفية الولايات المتحدة الأميركية لـ"مهندس" التوسّع الإقليمي الإيراني، قائد "فيلق القدس" آنذاك الجنرال قاسم سليماني، بضربة جوّية قرب مطار بغداد الدولي. وبالأمس، تمّت تصفية "مهندس" البرنامج النووي الإيراني و"عقله المدبّر"، الذي يوصف بأنه "سليماني النووي"، العالِم محسن فخري زاده الذي يشغل رسميّاً منصب رئيس إدارة منظّمة الأبحاث والتطوير في وزارة الدفاع الإيرانية.

وإغتيال فخري زاده، المُدرج اسمه على لائحة العقوبات الأميركية منذ العام 2008 على خلفية "نشاطات وعمليات ساهمت في تطوير برنامج إيران النووي"، حصل تحت أعيُن النظام الأمنية قرب طهران وفي وضح النهار، ما يُظهر انكشاف الساحة الداخلية الإيرانية إستخباراتيّاً ويُبرز مدى اتساع رقعة الخروقات الأمنية في قلب العاصمة طهران التي تُحاول جاهدةً الظهور في موقع القوّة أمام أعدائها، خصوصاً في "ربع الساعة" الأخير من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفتوحة على كلّ الإحتمالات العسكرية التي قد تُطمئن تل أبيب لسنوات عدّة، نوويّاً وباليستيّاً وجيوسياسيّاً.

وحصل الإستهداف المحكم لزاده لدى انتقاله بسيّارته على طريق في مدينة أبسرد في مقاطعة دماوند شرقي طهران، في حين أفاد مراسل التلفزيون الرسمي الإيراني من مكان العملية بأنّ شاحنة صغيرة من طراز "نيسان" وضعت على متنها متفجّرات، انفجرت أمام سيّارة فخري زاده، قبل أن يقوم مسلّحون بإطلاق النار عليها. وأظهرت صور من مكان الهجوم عرضها التلفزيون، سيّارة سوداء إلى جانب الطريق اخترق الرصاص زجاجها الأمامي. وبدت علامات دماء بقربها على الإسفلت.

وبعد بلبلة إعلامية حول مصيره وتضارب في الأنباء، أكدت الدفاع الإيرانية أن فخري زاده أُصيب "بجروح خطرة" بعد استهداف سيّارته من مهاجمين "إرهابيين" اشتبكوا بالرصاص مع مرافقيه، مشيرةً إلى أنّه قُتِلَ في المستشفى بعدما حاول الفريق الطبي إنعاشه، فيما سارعت طهران إلى توجيه أصابع الإتهام إلى إسرائيل بالوقوف خلف العملية، متوعّدةً بـ"انتقام قاسٍ" من منفذيها.

وفي هذا الصدد، وبُعيد وقت قصير من تأكيد وفاة "سليماني النووي"، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن "هذا العمل الجبان، مع مؤشّرات جدّية لدور إسرائيلي، يُظهر نوايا عدوانية يائسة لدى المنفّذين"، في وقت أكدت فيه صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نقلاً عن 3 مسؤولين استخباراتيين، مسؤولية الدولة العبرية عن تصفية فخري زاده، في حين سبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي رفض مكتبه التعليق على الإغتيال، أن وصف العالِم بأنّه "أب البرنامج النووي العسكري الإيراني"، قائلاً أيضاً: "تذكّروا هذا الإسم... فخري زاده".


علامات الدماء ظاهرة على الإسفلت قرب سيّارة فخري زاده (التلفزيون الرسمي الإيراني)



وتوالت ردود الفعل من القادة العسكريين الإيرانيين على إطاحة "أبو القنبلة النووية الإيرانية"، إذ توعّد رئيس الأركان العامة للقوّات المسلّحة اللواء محمد حسين باقري بـ"إنتقام قاس"، معترفاً بأنّ عمليّة الإغتيال هذه "شكّلت ضربة مرّة وقويّة لنظام الدفاع في البلاد". وقال: "لن نرتاح حتّى نُطارد ونُعاقب منفّذي اغتيال الشهيد محسن فخري زاده". كما تحدّث وزير الدفاع أمير حاتمي عن وجود "ارتباط تام" بين "هذا الإستشهاد واستشهاد اللواء سليماني"، مشيراً إلى أن العالِم أدّى دوراً في "الدفاع النووي"، في حين رأى مستشار المرشد الأعلى للشؤون العسكرية والضابط البارز السابق في "الحرس الثوري" حسين دهقان أن عملية الإغتيال نفّذتها إسرائيل للدفع نحو "حرب شاملة".

وكتب دهقان عبر "تويتر": "في الأيّام الأخيرة لحليفهم المُغامر (ترامب)، يُحاول الصهاينة زيادة الضغط على إيران للتسبّب بحرب شاملة"، وتابع: "سيكون ردّنا كالصاعقة على رؤوس قتلة الشهيد المظلوم وسيندمون عمّا فعلوه"، فيما أكد القائد العام لـ"الحرس الثوري" اللواء حسين سلامي بدوره أن الإنتقام من متسبّبي اغتيال فخري زاده "بات على جدول الأعمال".

وفي المقابل برزت تقارير إعلامية تُفيد بأنّ البنتاغون أمر بإعادة تحريك مجموعة حاملة الطائرات "نيميتز" إلى داخل مياه الخليج العربي، بينما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى ضبط النفس وتفادي أي أعمال قد تؤدّي إلى تصعيد التوتّر في المنطقة.

وقاد فخري زاده برنامجاً يُدعى "آماد" أو "الأمل" بالعربية، والذي تعتبر إسرائيل ودول غربيّة أنّه عبارة عن مشروع يرمي إلى وصول إيران لحيازة سلاح نووي. ووصف ديبلوماسي غربي العالِم الإيراني خلال حوار مع وكالة "رويترز" قبل 4 سنوات، قائلاً: "إذا اختارت إيران بناء سلاح نووي، فسيكون فخري زاده أبا القنبلة النووية". وهذا الإغتيال هو الأحدث في سلسلة عمليّات اغتيال طالت خلال الأعوام الماضية عدداً من العلماء الإيرانيين في المجال النووي.


MISS 3