عماد موسى

الاستقالة... شجاعة

3 كانون الأول 2020

02 : 00

كل رؤساء الجمهورية الذين تعاقبوا على الحكم دخلوا أقوياء وخرجوا ضعفاء. بشارة الخوري دخل قوياً وخرج بالقوة الشعبية فاستقال في منتصف ولايته الثانية فجر 18 أيلول 1952. الرئيس شمعون حكم بعد ثورة، وخرج إثر ثورة. الرئيس فرنجيه جاء في عرس ديموقراطي وخرج والبلد في مأتم. الرئيس أمين الجميل انتخب بإجماع وخرج بانقسام.

ثلاثة رؤساء تم التجديد لهم: الرئيس بشارة الخوري بإرادة أكثرية مطواعة، الياس الهراوي بإرادة حافظ الأسد، وإميل لحود بقرار من بشّار الأسد.

كل رؤساء الجمهورية عشقوا السلطة ما عدا اللواء فؤاد شهاب. العام 1952 انتخب رئيساً لحكومة انتقالية، فلم يغادر مكتبه في قيادة الجيش وفي العام 1958 "أُرغِم" على الترشّح لإنقاذ الجمهورية، وقرر الإستقالة مع زوال الظروف الإستثنائية عقب انتخابات العام 1960، لكن أكثرية النواب (80 نائباً) رفضت، وتولى ألبير مخيبر بنفسه، حرق ورقة الإستقالة في صربا.

ما فعله اللواء فؤاد شهاب العام 1952 فعل نقيضه العماد ميشال عون في العام 1988، وما أقدم عليه فخامة الأمير في العام 1960، لن يقدم عليه "الرئيس القوي" لا في نهاية الـ 2020 ولا في نهاية الـ 2021 ولا قبل نهاية الجمهورية بدقيقة. الإستقالة غير واردة حتى في أحلام عماد الجمهورية.

وما فعله بشارة الخوري، تحت ضغط الشارع، لم يكن حتى مجرّد احتمال في بال العماد إميل لحود، فلم يأبه لعريضة حملت تواقيع أكثر من مليون لبناني وصرخوا بوجهه "فلّ"، ولا اهتمّ لمطالب المجتمع الدولي ولا عنت له شيئاً عريضة وقعتها أكثرية نيابية اعترفت فيها بأنها جددت له بالإكراه، لا بل استمر متمسكاً بكرسيه ولم يرفّ له جفن مع توالي الإغتيالات التي طاولت رموزاً وقيادات تنتمي إلى قوى 14 آذار تمسّك بالكرسي حتى آخر دقيقة. وكما أسلافه، غادر بعبدا مرتاح الضمير.

قبل نصف قرن ونيّف وتحديداً في 28 نيسان 1969 استقال الرئيس الفرنسي شارل ديغول من منصبه وأعلن اعتزاله العمل السياسي وذلك عقب الاضطرابات الاجتماعية والطلابية التي شهدتها فرنسا في العام 1968. الجنرالان إميل لحود وميشال عون أهم بكثير من الجنرال ديغول على ما يبدو.

إن فشل الرئيس، أي رئيس، في الحكم وفي إدارة البلاد وفي إنقاذها من الإفلاس وفي ترجمة الوعود إلى أفعال،

وإن فشل الرئيس، أي رئيس في كسب ثقة المجتمع الدولي وفي الحد من التسيّب والفساد وفي مساعدة شعبه لا في مشاركته الإعتراض،

وإن فشل الرئيس في الإصلاح والتغيير، على الرغم من وجود أكثرية برلمانية إلى جانبه،

فعليه أن يتواضع ويستقيل ويعتزل.

الإستقالة خطوة شجاعة... إذا لن ننتظر شيئاً.