جاد حداد

The Chamber... العنصرية تحت المجهر

8 كانون الأول 2020

02 : 00

يروي فيلم The Chamber (غرفة الغاز) قصة محامٍ شاب من شيكاغو اسمه "آدم هول" (كريس أودونيل). يريد "آدم" أن يقصد الجنوب لاستلام دعوى الاستئناف الأخيرة في جريمة قتل حُكِم على المرتكب فيها بالإعدام. القاتل هو "كايهال" (جين هاكمان)، عضو في الجماعة العنصرية "كو كلوكس كلان" أُدين بجريمة تفجير قنبلة في مكاتب محامٍ يهودي في مجال الحقوق المدنية. قُتِل ابنا المحامي الصغيران أيضاً، وهو تشوّه ثم انتحر. يكشف الفيلم سريعاً أن "آدم هول" هو حفيد "كايهال". كان والد "آدم" قد انتحر بدوره (بسبب أعمال العنف التي ارتكبها "كايهال" أمامه على الأرجح).

حصلت جرائم القتل خلال الستينات واستمرت دعاوى الاستئناف طوال سنوات، لكن اقترب موعد تنفيذ الإعدام الآن. يقصد "آدم" الجنوب ويكتشف أسراراً قديمة عن عائلته بفضل عمّته (فاي دوناواي) التي شاهدت "كايهال" منذ سنوات وهو يطلق النار على رجل أسود من جيرانه إلى أن أرداه ميتاً. يكتشف "كايهال" سريعاً هوية محاميه الجديد ويردّ بسلسلة من عبارات الكراهية والعنصرية.

قد تكون العبارات التي تفوّه بها "كايهال" مألوفة بالنسبة إلى الأجيال السابقة، لكن اختفى جزء كبير منها من الاستعمال الشعبي في الولايات المتحدة اليوم، حتى أن بعض المشاهدين الشباب قد يسمعها للمرة الأولى. ما سيكون تأثيرها على هذه الفئة من الجمهور؟ يصوّر The Chamber جماعة "كو كلوكس كلان" واجتماعاتها السرية وأزياءها الغريبة بطريقة سلبية لكن مشوّقة. يعتبرها الفيلم حركة إجرامية وعنصرية ومجهولة الهوية، لكن لطالما كانت هذه الخصائص من النقاط الجاذبة إليها، ما يعني أنها ليست جماعة مملة أو غبية.






يتعلق الموضوع الأساسي في الفيلم بالعائلة التي تركها وراءه "سام كايهال" المُسنّ: ابنه انتحر، وحفيده يحلم بحصول معجزة في يوم الإعدام، وابنته (دوناواي) تزوجت من مصرفي محلي وتقول إنها أبلت حسناً نسبةً إلى "حثالة البيض الفقراء"، لكنها تتساءل "ماذا سيحصل حين يكتشف العالم أنني ابنة هتلر"؟ تكشف لقطات الماضي أن "كايهال" قتل والد رفيق ابنه الأسود، فأحدث صدمة نفسية لدى أولاده وتناقلت مختلف الأجيال اللاحقة في عائلته مشاعر الندم اللامتناهية.

بما أن الممثل جين هاكمان الذي يوحي بأعلى درجات الاحترام واللياقة هو الذي يؤدي دور "كايهال"، يسهل أن نستنتج أن السجين لن يدخل غرفة الغاز وهو يهتف بشعارات جماعة "كو كلوكس كلان". لو كان الفيلم يريد تقديم شخصية شريرة غير قابلة للإصلاح، لاختار القيّمون عليه ممثلين مثل كريستوفر واكين أو دينيس هوبر أو مايكل إيميت وولش أو أي ممثل آخر يستطيع تجسيد شخصيات كريهة بامتياز. هاكمان ممثل مدهش لكنّ الموسيقى التصويرية في هذا الفيلم تُضعِف المعالم السيئة في شخصيته عبر ضخ مشاعر من الحزن والتأمل.

يقدم أودونيل من جهته أداءً صادقاً ومقنعاً بدور المحامي، لكنه أصغر من أن يعطي مزايا إضافية لهذه الشخصية. بما أنه يكره العنصرية، ما الذي يدفعه إلى الدفاع عن جدّه؟ هل يكره عقوبة الإعدام أكثر من العنصرية، أم أنه يتمنى أن يعبّر جدّه عن ندمه وهو على شفير الموت؟ تبدو مواقف الفيلم من عقوبة الإعدام مربكة أصلاً. يقدّم هاكمان مناجاة فردية طويلة بطريقة لامعة، فيصف آثار الغاز السام في الجسم. لكن يوحي الفيلم في مشاهد أخرى بأن بعض الناس يستحق هذا العقاب.

يسود ارتباك معيّن أيضاً في طريقة تجسيد علاقة "كايهال" بمتآمر آخر اسمه "رولي ويدج" (رايموند باري). من دون الكشف عن تفاصيل مفرطة، يمكن القول إن ولاء "كايهال" لهذا الشخص يخدم الحبكة لكنه ليس منطقياً جداً. وبما أن "كايهال" أمضى سنوات في السجن وهو يتفوه بشعارات جماعة "كو كلوكس كلان"، من غير المبرر أن يحني رأسه بهدوء في أحد المشاهد وهو يودّع رفاقه السجناء السود المحكومين بالإعدام فيما تظهر ملامح الحزن على وجهه. لا شيء مقنع في سلوكه ولا في مواقف هؤلاء السجناء في هذا المشهد.

في بداية عصر الأفلام المصنّفة للكبار فقط، كانت الجهات المعنية تحرص دوماً على إضافة أفكار لها أهمية اجتماعية معينة لتبرير المحتوى الجنسي المفرط. يسهل أن نتذكر تلك الفترة عند مشاهدة فيلم The Chamber. تبدو المواقف من اليهود والأميركيين من أصل أفريقي في هذا العمل أشبه بمواد "إباحية" عن الكره. قد ينتهي الفيلم بمعاقبة الشخص الشرير، لكن قد يشعر البعض مع اقتراب النهاية بأنه حصل مسبقاً على ما كان يبحث عنه حين قرر مشاهدة هذا الفيلم.


MISS 3