مايز عبيد

رقعة الفقر تتّسع ونار الثورة في طرابلس تحت رماد الوجع

9 كانون الأول 2020

02 : 00

ساحة الشراع في طرابلس

لا بدّ لأي مراقب للأوضاع في مدينة طرابلس إلا أن يتساءل: لماذا لم تشتعل هذه المدينة غضباً حتى الآن بأمّها وأبيها؟ وهل هناك استعدادات تجرى خلف الكواليس من أجل اليوم المشهود؟ كلّ الوقائع تشير إلى أنّ المدينة الأفقر على ساحل المتوسط تعيش حالياً ما يسمّى بهدوء ما قبل العاصفة. فمتى تهبّ العاصفة؟

فأحدث المؤشّرات تشي بأنّ نسبة الفقر قد لامست 80% من سكان المدينة. وفي الأصل، وحتّى قبل ثورة 17 تشرين، كان ما نسبته 55% منهم يعيشون تحت خط الفقر؛ وآلاف الشباب والشابات يعانون البطالة الكاملة.

وفي حين أثّرت أحداث تشرين من العام الماضي والـ "كورونا" والإقفال على أوضاع السكان المعيشية والإجتماعية، إلا أنه من المتوقع أن يؤدي رفع الدعم المرتقب عن المواد والسلع الأساسية، ولا سيما الطحين والبنزين وغيرهما، إلى انهيار شبه كامل للقدرة الشرائية للعائلات، وسط كمّ من الأزمات الاجتماعية التي تعيشها المدينة وأبناؤها بشكل عام، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: أزمة السكن والإيجارات، وأزمة البطالة المستشرية والفقر الذي يتوسّع في كل اتجاه في أحياء المدينة، حتى بتّ ترى عائلات تشتري البيض بالألف والألفين واللحمة بالـ 3 آلاف والخمسة آلاف وما إلى ذلك من مواد ارتفعت أسعارها أضعافاً، وصارت تفوق قدرة العائلات الفقيرة.

ساحة النور

الى ساحة النور، "ساحة الثورة" في طرابلس، ما زال هناك شبّان ينزلون بشكل شبه يومي للتعبير عن غضبهم من تردّي الأوضاع على كافة المستويات. لكنّ هذا الحراك يبقى دون مستوى ما تشهده الأزمة الاقتصادية من تطورات، والخِناق الذي يطبق على المدينة وأهلها.

المعترضون في الساحة يؤكدون "أن حجم الغضب والإنفعال قد فاق كل التصورات.

لا شك أن الناس اليوم منشغلة بلقمة العيش ولكن إذا رُفع الدعم الكامل كما تحضّر له هذه السلطة الفاسدة، فعندها لن تقوى حتى على الحصول على لقمة العيش وبالتالي لن يكون أمامها إلا الشارع والثورة التي لن تبقي ولن تذر".

وفي الكواليس اليومية للمدينة، يجري الحديث عن "تظاهرة واسعة ومسيرة حاشدة وكبيرة يتم الإعداد لها لتضم فقراء المدينة من مختلف المناطق والأحياء، ومن المفترض أن تنطلق في الأيام المقبلة، رفضاً للأوضاع التي وصلت إليها البلاد بسبب الطبقة الحاكمة التي تحاول أن تحمّل هذا الشعب كل موبقاتها".

في المقابل، هناك غضبٌ واسع في المدينة على نوابها، الذين لا حراك لهم ولا وجود بينما يئنّ أبناء المدينة ويعانون. وسط كل هذا التعب والأنين الطرابلسي، تتحدث المعلومات عن استعداد نواب من المدينة وعدد من فاعلياتها السياسية لمغادرة لبنان قريباً لتمضية عطلتي الميلاد ورأس السنة في الخارج.

في هذه الأثناء، يُبدي الطرابلسيون وأبناء الشمال استياء من التأخير في تركيب وتجهيز المستشفى الميداني الخاص بـ"كورونا" من الهبة القطرية والذي أعلنت عنه وزارة الصحة، ويضمّ 300 سرير للمدينة و200 سرير لمنطقة الضنية.

وبينما أعلنت وزارة الصحّة بأن التأخير مردّه إلى عدم الاتفاق على المكان وتأمين التجهيزات اللازمة بسبب تأخّر منظّمة الصحّة العالمية في الرد على احتياجات الوزارة للتجهيز، فإن شريحة واسعة من أبناء المدينة تعتقد بوجود محاولة لتطيير المستشفى الطرابلسي من أساسه.


MISS 3