جاد حداد

الأشعة فوق البنفسجية تقضي على فيروسات كورونا البشرية؟

29 كانون الأول 2020

02 : 00

اكتشف الباحثون في دراسة جديدة أن الأشعة فوق البنفسجية في مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء قد تقضي على فيروس كورونا البشري (HCoV-OC43) بسرعة وفعالية. إذا اكتشفت الأبحاث المستقبلية أنها تهاجم أيضاً المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة 2، قد تصبح هذه التقنية طريقة غير مكلفة لتطهير الأسطح وأنظمة التهوئة والمياه في المستشفيات والمواقع الصناعية.

لكن رغم هذا الاكتشاف، تحذر جامعة تل أبيب في بيان صحافي من مخاطر هذه التكنولوجيا ولا توصي باستعمالها في أماكن السكن.

بات معروفاً أن فيروس المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة 2 الذي يُسبب "كوفيد-19" قد ينتشر عبر الرذاذ التنفسي والأسطح الملوّثة بإفرازات من الأنف والفم والعين.

وفق مقالة نشرتها مجلة "البحث البيئي"، كان الفيروس موجوداً في عينات الهواء المأخوذة من مناطق مثل غرف المستشفيات والمصاعد، وكان قابلاً للقياس أيضاً في الأماكن المكتظة أو المساحات التي تفتقر إلى التهوئة. كذلك، بقي الفيروس موجوداً لأيام عدة على أسطح شائعة مثل الفولاذ المقاوم للصدأ والبلاستيك.

نظراً إلى ضرورة اكتشاف طرق فعالة لتطهير الأسطح من فيروس كورونا المستجد، قرر الباحثون استكشاف مدى قدرة الأشعة فوق البنفسجية في مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء على تعطيل فيروسات كورونا البشرية.

تجربة واعدة

استعمل الباحثون فيروس كورونا البشري من نوع HCoV-OC43 كبديل عن فيروس المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة 2 واختبروا أنواعاً مختلفة من مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء (كانت أطوالها الموجية متنوعة وتم قياسها بوحدة النانومتر) لمعرفة مدى قدرة الأشعة فوق البنفسجية فيها على تعطيل الفيروس.

بعد تعريض كميات فيروسية موضوعة في أنابيب داكنة للأشعة فوق البنفسجية في مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء، اكتشف العلماء أن الأطوال الموجية التي تبلغ 285 نانومتراً كانت فعالة جداً في تعطيل الفيروس وشبه مساوية لفعالية الأطوال الموجية التي تصل إلى 265 نانومتراً، ما أدى إلى تعطيل 99.9% من فيروس كورونا خلال أقل من 30 ثانية.

كذلك، كانت فيروسات أخرى حساسة بالقدر نفسه تجاه هذه الأطوال الموجية، ما يشير إلى احتمال أن تكون هذه التكنولوجيا مفيدة ضد أنواع عدة من فيروسات كورونا البشرية، بما في ذلك الفيروس الجديد. يعتبر الباحثون هذه النتائج مهمة لأن المصابيح التي يبلغ فيها الطول الموجي 285 نانومتراً لا تطهّر الأماكن من فيروسات كورونا فحسب، بل إنها أقل كلفة وأكثر عملية من النوع الآخر.

تقول البروفيسورة هاداس ماماني التي شاركت في الإشراف على الدراسة: "اكتشفنا أن القضاء على فيروسات كورونا عملية سهلة عند استعمال مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء التي تبث أشعة فوق بنفسجية".

لكن بما أن الباحثين استعملوا فيروس HCoV-OC43، تهدف الأبحاث المستقبلية إلى التأكد من هذه النتائج عبر اختبار المصابيح نفسها على الفيروس الذي يسبّب عدوى "كوفيد - 19".

ما سبب استعمال فيروس بديل؟

يقول المشرف على الدراسة يورام غيرشمان: "يتطلب فيروس كورونا الجديد مختبراً تبلغ فيه السلامة البيولوجية المستوى الثالث كي ينتشر (لكن من دون تحليله) لأن المرض الذي يسببه يكون أكثر حدّة بكثير. أما فيروس HCoV-OC43 المستعمل في التجربة، فيكتفي بمختبر تبلغ فيه السلامة البيولوجية المستوى الثاني. في فترة الدراسة، كان مركز علم الفيروسات المطلوب في المستشفى يخضع للتجديد ولم نرغب في تأجيل التجربة. من الشائع أن تُستعمَل العاثيات في هذه التجارب: إنها فيروسات تنقل العدوى إلى الجراثيم، لا البشر، ويستطيع الباحثون استخدامها في مختبر تبلغ فيه السلامة البيولوجية المستوى الأول. كذلك، كان الفيروس البديل الذي استعمله الباحثون في الدراسة ينتمي إلى فيروسات بيتا كورونا التي تشتق منها المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة 2، وهو يشبهها من حيث الحجم والتركيبة".


خيار أكثر أماناً؟


زاد وباء "كوفيد - 19" نطاق استعمال المطهرات في الأماكن العامة والمنازل الخاصة. يرصد بحث جديد في مجلة "العلوم البيئية ورسائل التكنولوجيا" ارتفاعاً في نسبة مركّبات الأمونيوم الرباعية في عيّنات الغبار المأخوذة من المنازل بعد بدء الوباء. هذه المركّبات هي مواد كيماوية موجودة في منتجات التنظيف والتطهير وتُسبّب أضراراً تناسلية وتنفسية.

وبحسب مراجعة في مجلة "البحث البيئي"، قد يؤدي استخدام كميات كبيرة من المواد الكيماوية في المطهرات إلى إيذاء الحياة البرية والمدن. نظراً إلى مخاطر العناصر الكيماوية، قد تكون أنظمة التعقيم في الأشعة فوق البنفسجية داخل مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء المُصمّمة باحتراف خياراً أكثر أماناً لتطهير الأسطح والهواء والماء.

تضيف ماماني: "نجح الباحثون في القضاء على الفيروسات عبر استعمال مصابيح أقل كلفة وأكثر سهولة، وهي تستهلك مستوى أقل من الطاقة ولا تحتوي على الزئبق مثل المصابيح العادية. نتوقع أن يترافق بحثنا مع تداعيات تجارية واجتماعية نظراً إلى احتمال استعمال مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء في جميع مجالات حياتنا بسرعة وأمان".


MISS 3