روي أبو زيد

صرعه الكورونا بعدما انتقل إليه من ممرّضه

الياس رحباني... ثالث عمالقة الرحابنة هوى

5 كانون الثاني 2021

02 : 00

"ما يهمني هو المساهمة في التثقيف وأن أظهر للعالم مدى مستوانا الفني الرفيع. أنا صريح دائماً مع جمهوري وأشكره على كلّ الحب الذي يملأ قلبي فرحاً، على الرغم من كل الحزن في أعماقي والذي يرافقني منذ وفاة والدي حين كنت في الخامسة".

هذا ما قاله ذات يوم الأخ الأصغر للأخوين رحباني الياس، وها هو اليوم ينضمّ الى شقيقيه عاصي ومنصور اللذين سبقاه ليكوّنوا معاً سيمفونية خالدة في السماء.

عائلة رحباني في حزن شديد، فقد سلخ منهم فيروس كورونا عزيزاً على قلبهم غادرنا أمس عن 83 عاماً، بعدما أدخل مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي في بيروت قبل نحو عشرة أيام بعد انتقال عدوى كورونا إليه من ممرضه. لا يسع أولاد الراحل أو أبناء اشقائه أو حتى أحفادهم التعبير عن مدى تأثرهم الشديد. هتفوا بصوتٍ فيه غصّة: "غادرنا بطلٌ حقيقي بالفن والثقافة والإنسانية. الياس رحباني حمّلنا إرثاً كبيراً سنبقى أوفياء له".




وفور صدور نبأ رحيل آخر عمالقة الفن الرحباني علّق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على الخبر قائلاً: "اليوم، لم يغب عنّا بل انتقل من تراب لبنان ليعانق أبدية وطن ما رآه إلا وطن الجمال والحق، وما غنّاه إلا حلماً و"هدايا في العلب".. ستبقى موسيقى وأغاني الراحل الكبير شاهدة على ان الفن الاصيل وحده ينتصر على الموت على ما كان يردده دائماً". واعتبر رئيس "حزب الكتائب" سامي الجميّل أنّ "صفحة من صفحات لبنان الحلو طويت. لبنان الحرف والكلمة الصافية، لبنان الإبداع النقي واللحن السيادي، لبنان غناء الحناجر والتراث المعتّق. الياس رحباني ستبقى مدرسة في فن الاوطان، وداعاً"، فيما علّق نديم الجميل: "وعد يا لبنان نحمل الخبرية ونمشي بالساحات نحكيها بغنية عن بشير اللي كان صوتو ملوا الزمان تعصف معو الكرامة وحرية الانسان من أجمل ما لحّن وكتب الموسيقار الكبير الياس رحباني يللي عم يخسرو لبنان اليوم".

وقال وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى في الراحل: "بخسارته تفتقد الاغنية اللبنانية الحديثة والمسرح الغنائي احد اهم اعمدته التي رفعها الى مصاف العالمية، محققاً شهرة بناها بتحليقه خارج السرب بشخصية فنية منفصلة وسمت مشواره الفني ذا البصمة المختلفة التي مزجت بين اللحنين الشرقي والغربي". الوزير السابق ملحم الرياشي، لم يخف تأثره بنبأ رحيل الموسيقار فكتب بأسىً: "حيث تسكن الموسيقى، تسكر الملائكة، ويبيت الفرح وتنبض الحياة قوة. الياس رحباني عزف ليلَهُ وأخذ طفولتنا في كيس الميلاد... وارتحل. الله معك يا اغلى الياس؛ الكبار لا يرحلون!".


اشتهر بمعزوفاته التي وصلت إلى العالمية



الياس هو الشقيق الأصغر للأخوين عاصي ومنصور رحباني اللذين شكّلا مع فيروز الركن الأساس في الأغنية اللبنانية في القرن العشرين. ولد العام 1938 ببلدة أنطلياس شمال بيروت، وينتمي إلى عائلة طبعت تاريخ الموسيقى والمسرح في لبنان. كان ملحناً وموزعاً وكاتب أغنيات وقائد أوركسترا، وفي جعبته أكثر من 2500 أغنية ومعزوفة، بينها نحو 2000 أغنية عربية. أبرز من كتب أو لحّن لفيروز وصباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين وملحم بركات وماجدة الرومي وجوليا بطرس وغيرهم، ألّف موسيقى تصويرية لـ 25 فيلماً منها أفلام مصرية، فضلاً عن المسلسلات، والمعزوفات الكلاسيكية على البيانو، أشهرها موسيقى فيلم "دمي ودموعي وابتسامتي" وفيلم "حبيبتي" و"أجمل ايام حياتي" ومسلسل "عازف الليل".

ولرحباني من زوجته نينا خليل ولدان هما غسان وجاد المعروفان في الفن وصناعة الموسيقى في لبنان والعالم العربي. واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بردود الفعل من سياسيين وفنانين وإعلاميين نعت الراحل مشيدةً بمسيرته الفنية التي استمرّت عقوداً طويلة، أثرى خلالها المكتبة العربية بآلاف الألحان والمقطوعات الموسيقية.

وعلّقت الفنانة ماجدة الرومي على رحيله بقولها: "كبيرٌ من بلادي خسرته الأغنية اللبنانية والموسيقى العالمية اليوم. أعطى أجمل الألحان وأبدع وتميّز وحلق عالياً في سماء الجمالات الموسيقيّة العالمية. هو من أطلق صوتي والى جانبه العظيم الأستاذ سعيد عقل بأغنية "عم بحلمك" الرائعة الاستثنائيّة الباقية فينا الى الأبد والباقية في خزانة الكنوز الفنيّة اللبنانية ما دمنا ودامت لنا الهويّة الغنائية اللبنانية".

خاطب الفنان سامي كلارك رحباني قائلاً: "كنت أبي الروحي وأخي ومرشدي في مسيرتي الفنية خاصة عندما أتعثر وأخطو خطوات ناقصة. لم تفارق وجهك الإبتسامة. أتذكر يا الياس حين كنّا نتهاتف ونشكو أمورنا لبعضنا البعض و"نفش خلقنا" ونحلم بمشاريع لم نكن نؤمن حتى بتحقيقها لاننا مظلومون في وطننا؟ كنت أكبر من وطنك وحكامه الظالمين، كنت الإنسان المتواضع والشعبي، الراقي والمعلم، القدير والمبدع. لم تمت بل حلّقت في سماء الخلود والإبداع".


آخر صورة له مع عائلته في عيد الميلاد



تواصلنا مع الفنان غسان سالم الذي قدّم أخيراً ألبومه الغنائي الثالث: "الياس رحباني يقدّم غسان سالم" مجدداً أجمل أغاني رحباني وألحانه، فأعرب عن شديد حزنه لخسارة "والده الروحي".

ورأت الفنانة نجوى كرم في وفاة رحباني "خسارة كبيرة للبنان"، فيما كتب الفنان راغب علامة: "قطعة رومانسية كبيرة رحلت من بلدنا الجريح وراح الكثير من الأغاني التي تزرع الفرحة والراحة والحب، وراح عمود من أعمدة بعلبك".

من ناحيتها، اعتبرت الفنانة إليسا أنّ "لبنان يخسر ثالث العمالقة من آل رحباني، الموسيقار العظيم الياس رحباني. فنان صادق ومحب ومبدع بكل ما للكلمة من معنى، وإنسان لا يتكرر بموهبته وأعماله التي ستبقى خالدة الى الأبد".

ورأت الفنانة نانسي عجرم أنّ "يوم غياب رحباني هو حزين على لبنان الإنسان ولبنان الفنان، خصوصاً وأنّ الموت يأخذ منا أناساً نحبهم. الياس رحباني أعمالك باقية معنا وغيابك سيترك فراغاً كبيراً".

واعتبرت نوال الزغبي أنّ "الياس رحباني رمز من رموز لبنان الحلو، وبغيابه نخسر أحد أبرز المبدعين وخاتمة الرحابنة الكبار". وقالت فيه الفنانة كارول سماحة: "رحل الآن كبير من بلادي وأخذ معه أجمل حقبة موسيقية في تاريخ الأغنية اللبنانية. وداعاً الياس رحباني، ‏شكراً لعطائك، ولوفائك لوطننا لبنان".

أما الممثلة كارمن لبس فعلّقت: "وداعاً الياس رحباني. جزء كبير من مجد وتاريخ لبنان الفني رحل.. جزء من فرح لبنان والإيجابية غاب عنّا وغادرنا".

وتوجّهت هيفا وهبي الى رحباني قائلة: "قدّمت الحياة والفرح والحب في كل أعمالك. حتى أنّ الفن اللبناني سيشتاق لك".

وقال الإعلامي والشاعر زاهي وهبي: ‏"رحل ثالث الأخوين رحباني، الموسيقار الضاحك الباحث دوماً عن طرفة يكسر بها حدّة الأيام التي ما عادت تبهجه أو ترضيه، رحل آخر عنقود الزمن الوارف الجميل ‏وداعاً الياس رحباني".

من جهتها أعربت الفنانة ليال نعمة عن حزنها الشديد لغياب الموسيقار قائلةً: "في ليل الوطن، يغيب ضوء الكبار! مع موسيقاه تطعّمنا بالأمل ضدّ جرثومة الاحباط واليأس والملل. وسنبقى نحلم بلبنانه ونردد "عم نحلمك يا حلم يا لبنان"، ونغني الحب مع طير الوروار...".


MISS 3