إيفون أنور صعيبي

الخوف من التغيير يحرم الاتصالات الدم الجديد!

30 آب 2019

04 : 30

العقد القديم غير واضح ولا يضمن حقوق الدولة... والمطلوب المزايدة
في "الاتصالات" يتعدّى الواقع المرير مسألة الفساد المالي المعتاد في القطاع والذي يحكم عمليّات التلزيم ليتخطّاه ربّما الى مخاوف من احتمال حدوث خرق أمني. لكن هل يشرّع التلكّؤ خلف هذه الفرضية الاستمرار بتجديد عقد الشركتين المشغّلتين خلافاً للقانون بدلاً من السماح لشركات عالمية معروفة ان تقدّم صورة أفضل؟



أثيرت أخيراً مسألة التحضير لمناقصة عقد تشغيلي لشبكتي الخليوي مع شركة محلية متخصصة بتكنولوجيا المعلومات.

من هذا المنطلق يتم العمل على دفتر الشروط. وللمعالجة الجذرية بحسب الخبراء، لا بد من حلّين اثنين لا ثالث لهما: فإما ان نطلب من شركة اجنبية ان تدير الدفة وحدها وبالتالي نغلق الأبواب امام شركات وطنية مشهود لها بانجازاتها، أو يكون التوجه نحو السماح لشركات لبنانية ان تشكل ائتلافاً مع الشركات الأجنبية ذات الغالبية ونتيح لهذه الشركات الوطنية ان تخرج من السوق اللبنانية لتنافس في الأسواق العالمية الى جانب الشركات الكبرى.

فالشركات المحلية وحدها غير قادرة على التشغيل بسبب افتقارها الى الخبرات اللازمة، من هنا فان استقدام شركات عالمية ضرورة لا مفرّ منها ان اتُّبعت أقصى معايير الشفافية وتمّ تحييد السياسة عن الملف.

اما بالنسبة الى المعارضين فان قانون مقاطعة العدو الإسرائيلي واضح. وعليه فهؤلاء يرفضون المناقصة شكلاً وتفصيلاً لاعتبارات أمنية وتكتيكية موضحين انهم اعتادوا على التعامل مع الشركتين المشغلتين وبالتالي فان أي تغيير في الفترة الراهنة ليس مرغوباً.

في المقابل يوضح مرجع قانوني انه "على الشركات العالمية الراغبة بالاشتراك في المناقصة ان تحظى بافادة من وزارة الاقتصاد تشير من خلالها الى مقاطعتها للعدو الإسرائيلي. وان وضعت شروط واضحة واتبعت إجراءات عادلة ونظمت منافسة شفافة عندها لا بد ان يفوز الأفضل وتكون الدولة صاحبة الحق السيادي الرابح الأوحد. لذا لا بدّ من اجراء مناقصة جديدة تلحظ مصلحة الدولة وتحفظ حقوقها المالية ولا تترك مجالاً للتحايل والغش".

"ألفا" و"تاتش"

كثيرة هي الامور التي يتميز بها لبنان عن محيطه. ولعل ابرزها الفوضى العارمة في ملف من المفترض ان يدرّ على الدولة مبالغ طائلة. اذ تتبع الشركتان الحاليتان الفا وتاتش الى اوراسكوم وزين. وتجدر الإشارة الى ان اوراسكوم لم تعد تعمل الا في السوق اللبنانية في حين ان زين كويتية الأصل غائبة عن الساحتين الإقليمية والعالمية. الى ذلك فان الخدمات التي تقدمها الشركتان ضعيفة ولا تلبي حاجات السوق.

حازت الشركتان الفا وتاتش مناقصة العقد التشغيلي للخلوي في 29/03/2004 . كان ذلك على أساس قرار مجلس الوزراء بتاريخ 26/02/2004 الذي خالف قانون المحاسبة العمومية وقانون المناقصات. ومنذ العام 2004 يتم تجديد العقد الخلوي علماً انه يقضم الكثير من الأموال المفترض ان تكون للدولة.

"العقد القديم غير واضح ولا يضمن حقوق الدولة لذا فان المطلوب هو المزايدة وعليها يجب معرفة لماذا شريك محلي؟ ان المزايدة مرتبطة بنسبة الإيرادات التي تجنيها الدولة من المداخيل. هذا الامر لم يلحظه العقد الحالي لاعتبار ان المشغلين يحسمون مصاريفهم ويتركون الفتات للدولة بدل ان تكون نسبة الدولة من مجموع الإيرادات"، يوضح مرجع قانوني مختص.

ويضيف: "ان اللجان الوزارية تعتبر جسماً مساعداً لمجلس الوزراء لكنها لا تزخر بكيان مستقل. هذه اللجنة نفذت في العام 2004 المناقصة التي رفض ديوان المحاسبة التصديق عليها وابدى ملاحظاته بشأنها، وها هم اليوم يعيدون الكرّة عينها. تقوم لجنة وزارية بوضع دفتر الشروط علماً ان ذلك مخالف للمواد 64 و65 و66 من الدستور لاعتبار ان ذلك لا يصب ضمن صلاحيات مجلس الوزراء ولا حتى رئيس الحكومة.

ان القطاع اليوم بحاجة الى "مزايدة" تقدمها الشركة التي تؤمن إيرادات اكثر للدولة. لذا من المفترض ان يتم اعتماد إجراءات عالمية للتلزيم مرتكزة على "ان يعطى العقد للذي يعطي نسبة اكبر للدولة".

نقاط ضعف العقد القديمتتمثل ابرز مشاكل العقد الحالي بفسخ العقد مع Libancell وCelis قبل انتهاء مدته ما انتج سمسرة لهاتين الشركتين كبدل عن العطل والضرر ثم حولوا العقد من BOT الى عقد تشغيل ليصبح هذا النموذج الأسوأ والذي شوه الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ثم تعاقدوا مع Zein وOrascom.

ينص العقد على ان حصة الدولة محددة بصافي الإيرادات أي بعد ان تقوم الشركتان بحسم نفقات التشغيل بالإضافة الى النفقات الرأسمالية التي يحق للوزير وليس ديوان المحاسبة او مجلس الوزراء ان يقررها. بهذه الطريقة وبدلاً من ان تذهب الإيرادات الى الميزانية العامة يتم اختراع نفقات ملغومة وسمسرات وهذا ما ارتكز عليه وزير الاتصالات محمد شقير لشراء مبنى بـ 75 مليون دولار.

اما من يراقب النفقات؟ فشركات خاصة تتقاضى اتعابها من الشركتين وبالتالي فهي ليست جهة مؤهلة للنظر بالنفقات بل على ديوان المحاسبة ان يقوم بهذه المهمة.



فرصة للشركات اللبنانية

تفيد المعلومات التي حصلت عليها نداء الوطن ان شركة محلية تتواصل مع شركة اتصالات عالمية للدخول في المناقصة. بسبب افتقار الشركات اللبنانية الى الخبرات المطلوبة لا يمكن لهذه الأخيرة ان تحظى بالغالبية بل انها تحصل على الأقلية. لذا على لبنان ان يسمح لطاقاته ان تخرج من الدوامة المحلية وهذا ما لن يتحقق الا من خلال مشاركة شركات اجنبية.

تغتصب اللجان الوزارية دور مؤسسات الدولة خصوصاً إدارة المناقصات وديوان المحاسبة وهي في احيان كثيرة تتحايل على القوانين علماً ان لا وجود كيانياً لها منفردة. وهذا ما يفتح أبواباً للطعن بالصفقات الحكومية امام مجلس شورى الدولة ويكبد الخزينة العامة مبالغ طائلة سنوياً. وهذه هي نتيجة التدخلات السياسية في أكثر الملفات دقة. لذا فليُلغَ قانون المحاسبة العمومية او يُعدّل. ولتقفل هذه المؤسسات او لتقم بأعمالها...وفي خضمّ كل ذلك فليتم التوقف عن الوقوف حاجزاً امام تطوير الطاقة اللبنانية وفتح الاسواق العالمية. صحيح ان غالبية الصفقات مشبوهة ولكن بعض الشركات اللبنانية مشهود لها بمصداقيتها لا سيما في تكنولوجيا المعلومات وهي المحرك الرئيسي لاقتصاد المعرفة، والذي كلما زادت حدّة المنافسة فيه، ازداد حيويّة وانتاجية وازدادت معه محفزات النمو.


MISS 3