جنى جبّور

«لبن» في عرضٍ شهري على تطبيق «زوم»

«المسرح الافتراضي»... متنفّس وبديل مبتكَر

15 كانون الثاني 2021

02 : 00

«إعادة تمثيل» بالأداء الحيّ
أصبحت كل الأشياء باهتة بلا طعم ولا لون في ظل انتشار الجائحة التي أثّرت على كل القطاعات من دون استثناء... ولكن تأثيرها على المسرح، كان تأثيراً وجودياً. الّا أنّ بعض المنصات الالكترونية أتاحت للممثلين تقديم عروضهم عبر الانترنت، أمام جمهور إفتراضي على «شاشة» مسرح إفتراضية. فهل يمكن للمسرح أن يحيا «عن بعد»؟

أنتج العالم الالكتروني فسحة «الأونلاين» للهروب من مقصلة العزلة التي فرضها علينا فيروس كورونا، ولكنها لا تُشبع اللهفة وحب اللقاء والحوار الحي الذي يعشقه الممثلون والمشاهدون على خشبة المسرح. إلّا أنّ ذلك لم يمنع جمعية «لبن» من الاستمرار بنشاطاتها لنشر ثقافة المسرح الارتجالي في لبنان وخارجه، بهدف بناء مجتمعات سليمة عبر الفن.

مسرح «إعادة تمثيل» افتراضي

تنظم «لبن» عرض «مسرح إعادة التمثيل» شهرياً منذ 2013 من دون انقطاع. والعروض المقدمة مساحة آمنة للتعبير، بمشاركة جميع فئات المجتمع اللبناني وهي قصص حقيقية يعاد تمثيلها بطريقة فنية مبنية على الارتجال. في آذار 2020، اضطرت الجمعية للتوقف عن نشاطاتها لمدّة شهر بسبب التدابير الوقائية التي فرضتها الجائحة، ففكرت بطريقةٍ ذكية للاستمرار في عملها، مطوّرة مسرحها وناقلة إياه من الخشبة الحقيقية الى الشاشة الافتراضية عبر منصة «زوم».

في الشكل، لا يشبه المسرح الافتراضي الخشبة الحقيقية. ولكن يلاحظ المشاركون في عرض «لبن» الأخير تفاعل الجمهور أو «المشاركين» مع بعضهم ومع الممثلين. كلّ ما يحتاجه المشارك والممثل على حد سواء، هو شاشة هاتف أو «لابتوب»، وتسجيل اشتراكه عبر «الزوم»، ليبدأ العرض بـ 36 مشاركاً، اهتم بتقديمه 5 من أعضاء الجمعية. تقيم نور ورداني جواً من التفاعل بين الجميع مستمعةً الى من يرغب في مشاركة تجربته. يجسد بعد ذلك 3 ممثلين وهم يونس بو خزام، غاليا صعب وليليان شريم، قصة المشارك، مرتجلين الكلمات ومعبّرين عنها بلغة الجسد فيما يرقصون على وقع أنغام البيانو والغيتار التي يعزفها محمد إيبّو، تحت اشراف إبراهيم خليل المسؤول عن الأمور التقنية لهذا «العرض المسرحي».

يستمر العرض ساعةً تقريباً وتعرض فيه 4 قصص صغيرة وطويلة، ويمكن لكلّ شخص المشاركة بعد رفع «شكل اليد» الظاهر في التطبيق، فتفح ورداني «الفيديو» للمشارك ليخبر قصته. وتتنوع المواضيع بين الأمل بالسنة الجديدة والخوف من الكورونا والوضع الاقتصادي ومشاكل العمل وغيرها.





شوق للخشبة

يستمتع المشاركون بالعرض الافتراضي. يشعرون بالراحة خلال تعبيرهم، بحسب يونس أبو خزام، عضو مجلس إدارة جمعية «لبن» ومسؤول التواصل التقني في الجمعية، الذي أكّد أنّ «التفاعل عن بعد» مختلف جدّاً عن الأداء المباشر. «ومع ذلك نحاول كسر هذا الحاجز وطوّرنا أداءنا لنتمكن كممثلين من التواصل والتفاعل مع المشاركين»، ولا يخفي أبو خزام «اشتياقه للتفاعل الحقيقي مع الجمهور»، ويأمل في «عودة الحياة الى طبيعتها لتنظيم عرض «اعادة تمثيل» حقيقي في المناطق اللبنانية أو على خشبة مسرح استوديو «لبن» في الحمرا».

يحتاج العرض الافتراضي الى مجهودٍ إضافي. لا يمكن إعادة تمثيل أكثر من 6 قصص في العرض الواحد مقابل 12 قصة بالمسرح الحقيقي. ولا يتعدّى عدد المشاركين إفتراضياً الخمسين شخصاً، بينما يلامس عدد الجمهور الحقيقي أحياناً نحو 120 شخصاً. كذلك، يواجه هذا النوع من العمل كثيراً من التحديات أبرزها تداعيات بطء خدمة «الانترنت» الرديئة في لبنان، إضافةً الى الضغط المادّي، فكل العروض مجانية للجمهور، فيما تدفع الجمعية رسوم اشتراك بالتطبيقات للقيام بنشاطاتها الافتراضية.

مسرح افتراضي مستمرّ بعد الجائحة

تبقى المواجهة بين الممثل والمتلقي المعادلة الأساسية للمسرح. وقد تكون العروض الافتراضية نوعاً من التعويض الموقت، الّا أنّ مديرة جمعية «لبن» فرح ورداني تكشف أنّ هذا النوع من العروض سيستمر حتّى بعد انتهاء التعبئة العامة والجائحة، وتقول: «اكتشفنا خلال هذه التجربة، أن لدينا جمهوراً خارج لبنان، من مغتربين وجالية لبنانية ومشاركين من الوطن العربي ومن الغرب أيضاً. لذلك سنستمر بعروضنا الافتراضية، لا بل سنخصص عروضاً شهرية لجمهورنا في الخارج. إضافةً الى ذلك، سمح «الأونلاين» بمشاركة متنوعة أكثر، اذ يمكن لأيّ شخص مشاهدة عرضنا أينما كان في مختلف المناطق اللبنانية».


MISS 3