شربل داغر

رامبو من دون ناووس الخلود

25 كانون الثاني 2021

01 : 50

أحسنَ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باتخاذ قرار بإيقاف تلك المهزلة التي طاولت الشاعر الفرنسي ارتور رامبو.

فقد كان يتم التداول منذ شهور بنقل رفاتَي شاعر "فصل في الجحيم" والشاعر بول فيرلين الى "البونتيون" الفرنسي، كي يرقدا معاً في مثوى بعض "الخالدين" في تاريخ فرنسا.

لم يكن هذا المشروع بعيداً بالطبع عن مشاريع قضت، منذ سنوات قليلة، بتشريعٍ مزيدٍ للمثليين الجنسيين، بما فيها الزواج بين مثلي ومثلي، وبين مثلية ومثلية.

وهو ما يتماشى كذلك مع سياسات أوروبية متوائمة في النهج عينه...

أبطلَ الرئيس الفرنسي هذا المشروع بناء لطلب حفيدة متحدرة من بيت رامبو نفسه، ما أراح الشاعر نفسه (في ظني)، في مقبرته، في مدينته شارلفيل-ميزيير.

لقد كان مثل هذا المشروع يخص داعمِيه، لا سيرة الشاعر، الذي جمعتْه بالشاعر فرلين علاقة عاصفة انتهت بإطلاق الرصاص...

هذا المشروع يأتي بعد غيره، إذ راحوا، وفق العبارة المأثورة، "يقترعون على ثيابه" (أي رامبو).

هذا جعلَه أشبه بالممثل الأميركي الراحل جايمس دِين، في ملبوسات وقبعات وغيرها. وذاك رفعَه عنواناً لفندق، وغيرها الكثير. "يستعملونه" (وفق اللفظ الفرنسي)، اسماً وصورةً وسيرةً، فيما خرج من الشعر "بنعالٍ من ريح"، وأدار ظهره إلى سابق حياته.

عندما زرتُ مقبرته،

وضعتُ وردة حمراء فوق بلاطته الرمادية...

وأستعد حالياً - في ما يخصني- لصدور طبعة جديدة من كتابي عنه، وعن رسائله الموجعة، بما فيها رسائله إلى أخته "وهو يموت".

رامبو، بعد قرن وأزيد، لا يحتاج إلى شهادة ديمومة.

خالدٌ من دون "البنتيون"، وهذه المشروعات... هو "العابر الهائل" في كتاب الشعر، والذي يبقى الأعصى والأنضر فيه.

"المتحف الخيالي: هذا ما يناسب رامبو". هذا ما كتبتُ عنه قبل ثلاثين سنة وأزيد، وأضيف إليه من شعره:

"كان في سروالي الوحيد ثقبٌ عريضٌ (...)

وكنتُ أفرطُ القوافي

أثناء تجوالي".


MISS 3