جاد حداد

VENISE N'EST PAS EN ITALIE...كوميديا ممتعة بامتياز!

31 آب 2019

00 : 00

يتمحور Venise n’est pas en Italie (البندقية ليست في إيطاليا) حول رحلة جماعية، ويقدم كوميديا عائلية مليئة بالحنان والازدراء، ويعالج مواضيع الإرث العائلي وتحقيق الذات. عائلة "شامودو" غريبة الأطوار لأقصى حدّ! الأب "برنار" المرح يجعل عائلته تعيش في مقطورة، والأم "آني" تصبغ شعر ابنها "إيميل" باللون الأشقر لأنها تعتبره أجمل بهذا اللون! حين تقوم "بولين"، التلميذة التي يحبها "إيميل"، بدعوته إلى البندقية لتمضية العطلة، يطير من السعادة. لكن تتعلق المشكلة الوحيدة برغبة والديه في مرافقته لخوض رحلة لا مثيل لها.

الفيلم مقتبس من رواية كتبها المخرج إيفان كالبيراك بنفسه ثم تحولت إلى مسرحية. يكشف العمل عن موهبة توماس سولفيريس الذي يستطيع وحده أداء عشرات الأدوار.

في النسخة السينمائية، يتخلى المخرج وكاتب السيناريو عن الحوار الداخلي للبطل الأساسي، وينتقل من نص يتمحور حول مراهق إلى قصة عائلة، مع أن دور الفتى المراهق يبقى محورياً. يواجه هذا الأخير شخصيات أو أحداثاً تعيق مشاريعه، فيصبح أكثر نضجاً ويتغيّر بشكلٍ ملحوظ. باختصار، سنشاهد عائلة مجنونة!

بعدما استمتع كالبيراك بطرح موضوع صراع الأجيال في L‘étudiante et Monsieur Henri (التلميذة والسيد هنري)، يبدو أنه لم يخسر شيئاً من نزعته إلى خلق صدام بين الطبقات الاجتماعية بعد أربع سنوات، وميله إلى ابتكار قصص خيالية ومضحكة انطلاقاً من مواقف متشابكة. "إيميل" تلميذ لامع في الخامسة عشرة من عمره (يؤدي دوره هيلي تونا ويعطيه جاذبية فائقة تجمع بين الخجل والسذاجة). كما أنه يحب والديه اللذين يريدان الأفضل له.

لكنه عالق بين أب مجنون، وأم تبالغ في حمايته (يقدّم بونوا بولفورد وفاليري بونتون هذين الدورين بحيوية فائقة وجنون ممتع)، وشقيق مستعد دوماً لمضايقته ويحلم بعائلة تشبه عائلة صديقته "بولين"، أي عائلة راقية تعزف الموسيقى الكلاسيكة وتتصرف بصرامة وتمنع المواقف العاطفية المفرطة (يؤدي دوره أوجين ماركوس الجذاب، ومن المتوقع أن يلفت أسلوبه الساخر وملامحه الملائكية الجمهور النسائي). هو يخجل إذاً من والديه!

حتى "إيميل" يخجل قليلاً منهما. وحين تقترح عليه "بولين" حضور حفل موسيقي ستقدّمه في البندقية، لا يتردد في الموافقة. لكنّ سعادته لن تدوم طويلاً لأن والديه يقرران مرافقته لخوض رحلة غير متوقعة بالمقطورة طبعاً. يؤدي لقاؤهما بوالد "بولين" إلى سوء تفاهم متكرر، لكنهما يضفيان جواً من الفكاهة الممتعة أينما ذهبا.

يصف الفيلم في المقام الأول عائلة فرنسية عادية يمكن أن يشاهد الجميع فيها جزءاً من تاريخه، كما أنه يشيد بالروابط العائلية بغض النظر عن طبيعتها. يمكن اعتباره إذاً عملاً ترفيهياً ممتعاً بشخصيات مقنعة.

بين الأشعار والسخرية، يتّضح موضوع جدّي تُجسّده هذه العائلة الغريبة ويتعلق بأثر التربية على انفتاح الأبناء أو انغلاقهم على أنفسهم. كيف يمكن أن يحتفظ الفرد بتربيته وإرثه العائلي الإيجابي ويتخلى في المقابل عن السلبيات؟ يكمن سحر القصة في هذه المسيرة المبنية على سبل غير متوقعة، علماً أنها تشتق جزئياً من سيرة الكاتب الذاتية، وهذا ما يجعلها مقنعة وصادقة.

لكننا قد نتخيّل للحظة أنه انجرّ وراء حبّه للمزاح لدرجة أن يبالغ في الكوميديا أحياناً. أمام المشاهد الجنونية المتواصلة، قد نشعر في لحظات معينة بمنحى كاريكاتوري مفرط، لكن تخفّ وطأته لحسن الحظ بفضل الأجواء العامة التي تبقى حيوية ومليئة بالحب. تترسخ هذه الأجواء بفعل شخصيات مدروسة ومغامرات غريبة وأحداث ترفيهية ممتعة!


MISS 3