شربل داغر

عن "الربيع العربي" في ذكراه العاشرة

1 شباط 2021

02 : 00

لم تولِ وسائل الإعلام المختلفة عناية كبيرة بالذكرى العاشرة لـ"الربيع العربي"، ولِما أُطلقَ عليه، هنا وهناك، اسم: "الثورات العربية".

كما لو أنها ذكرى عديمة العبرة، أو سقطت في الإهمال لعدم جدواها، أو حتى لمجرد تذكرها.

زال البريق، وأرتدّت الحناجر والسواعد والخطى إلى انكفاء، إلى خيبة، إلى مرارات، إلى خسارات شديدة.

مع ذلك يمكنني القول إنّ هذا الربيع بدأ في الشتاء واقعاً، لا في فصل البراعم الواعدة.

حدث أنني كنت في مصر، ثم في تونس، قبل اندلاع التظاهرات العارمة.

في القاهرة، في غداء مع د. جابر عصفور وأدباء مصريين اصدقاء، صدمتُ الجميع عندما تحدثتُ عن مرجل يغلي، وعن جهلي بحقيقة ما سيخرج منه.

أمّا في تونس فقد انتبهتُ، في غداء مع صديقي د. سمير التريكي، وأحد الناشرين التونسيين، إلى أنّ هذا الأخير كان يتلفت يميناً وشمالاً قبل أن يدلي بآراء معارضة لسياسات الرئيس بن علي.

مع ذلك، لم أتوقع، بعد شهور ثلاثة من اندلاع "الربيع" (وهو موثق ومنشور)، إمكان حدوث "الثورة"، ولا "الديموقراطية"، بل الوقوع في... الحرب الأهلية، مع ملاحظة عدم إمكان حصول هذه في تونس وحدها.

هكذا تحدثتُ، حينها، عن "حَراك"، وهو ما يجعلني أكتب، اليوم، أنه... مستمر. لم يؤتِ بثمار، ولم يحقق إنجازات مؤكدة، ولم يستجمع بالضرورة حاصلاً إيجابياً في تراكم الخبرة والتقدم والبناء.

لكنه مستمرٌ، ما يشير إلى أنّ البنية العميقة لا تزال قيد التموج البطيء، وأن ما نعرفه منذ عشر سنوات مخاض أكيد، لكنه بطيء، وعسير.

ذلك أنّ هذه المجتمعات لم تعرف غير الغلبة سبيلاً للحكم ولديمومته خصوصاً.

وأنها لا تزال تعتبر السياسة "مُلكاً خاصاً"، لا شأناً عاماً.

الحراك مستمر، ويأتي بنتائج ايجابية، قيد الاختبار، بدليل قيام التجربة السودانية الحالية، القلقة ولكن اليقظة.


MISS 3