القراءة... غذاء مثالي لدماغك!

12 : 00

Happy man reading a book with light bulb above head

الكتب لا تملأ الدماغ بل تغذّيه! في ما يلي أحدث المعطيات العلمية عن عجائب القراءة... يمكنك أن تأخذ مكملات زيت السمك أو تستهلك كمية كبيرة من الكركم، أو تشارك في دروس لغات، أو تشتري كتب الأحجيات، أو تخصص بضع ساعات للرياضة أسبوعياً... تكثر الخطوات التي يُفترض أن تُحسّن الذاكرة والوظائف المعرفية، ومن المتوقع أن تبلغ قيمة قطاع تدريب الدماغ وتقييمه مليارات الدولارات بحلول العام 2022، وفق تقرير بحثي مهم عن وضع السوق. لكنّ أسهل وأسرع وأرخص طريقة لتقوية الدماغ تبقى أمام أنظارك: القراءة!

من المعروف أن القراءة تفيد الدماغ، لذا تطلب الأمهات من أولادهنّ دوماً إطفاء التلفزيون وقراءة كتاب ممتع. لكنّ هذا النشاط العادي يستطيع تحسين أداء الدماغ بطرقٍ مدهشة وغير مسبوقة.

يُسجَّل أبرز أثر في المنطقة المرتبطة باستيعاب اللغات، أي القشرة الصدغية اليسرى. عند تحليل المواد المكتوبة (بدءاً من الرسائل والكلمات، وصولاً إلى العبارات والقصص بحد ذاتها)، تنشط الخلايا العصبية وتبدأ نقل تلك المعلومات كلها. تنشأ هذه العملية حين نحلل اللغة المحكية أيضاً، لكن تُشجّع القراءة بطبيعتها الدماغ على بذل جهد إضافي وتحسين أدائه. تقول ماريان وولف، مديرة "مركز عُسر القراءة والمتعلمين المتنوعين والعدالة الاجتماعية" التابع لجامعة كاليفورنيا، لوس أنجليس: "حين نقرأ، نحصل على وقت إضافي للتفكير. تعطينا القراءة استراحة فريدة من نوعها لفهم المعلومات والتفكير فيها. لكننا لا نحصل على أي استراحة مع اللغة الشفهية عموماً، كما يحدث عند مشاهدة فيلم أو سماع شريط مثلاً".

على صعيد آخر، تستمر منافع القراءة لوقتٍ طويل بعد ترك الكتاب. كشفت دراسة صغيرة أجرتها جامعة "إيموري" أن تحسّن الروابط الدماغية استمر لخمسة أيام. يوضح عالِم الأعصاب غريغوري بيرنز، المشرف الرئيس على الدراسة: "تُسمّى هذه الظاهرة "نشاط الظل"، وتكون أشبه بالذاكرة العضلية".

قد لا تتفاجأ حين تعرف أن الجزء الدماغي المرتبط باللغة يتدرب بفضل القراءة، لكنّ القراءة تُنشّط أيضاً الثلم المركزي، أي المنطقة المسؤولة عن النشاطات الحركية، لأن الدماغ عنصر ناشط بمعنى الكلمة. حين يقرأ هذا الأخير عن تمرين جسدي إذاً، تنشط الخلايا العصبية التي تتحكم بذلك التمرين أيضاً.

قد لا تحلّق في السماء حين تقرأ سلسلة Harry Potter، لكنّ دماغك يتصرف وكأنك تطير فعلاً. وكلما زادت المناطق الدماغية الناشطة لديك، يتحسن أداؤك المعرفي العام.

لكن ليست جميع تجارب القراءة متساوية. كشفت نتائج دراسة أولية أجرتها جامعة "ستانفورد" أن التعمق في قراءة الكتب الأدبية تحديداً يُدرّب الدماغ بوتيرة مكثفة. استعملت مسوحات دماغية تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي لمراقبة أدمغة أشخاص انغمسوا في روايات جاين أوستن، فرصدت زيادة في تدفق الدم نحو مناطق دماغية تسيطر على الوظائف المعرفية والتنفيذية. في المقابل، بدت الآثار أكثر ضعفاً عند القراءة لأسباب ترفيهية.

ماذا لو كنت لا تستفيد من القراءة أو تعاني من عسر القراءة، فتشعر بأنك لن تقرأ بوتيرة كافية لحصد هذه المنافع؟ يستطيع الكتاب حل هذه المشكلة أيضاً. راقب علماء من جامعة "كارنيجي ميلون" أولاداً بين عمر الثامنة والعاشرة، وكان مستوى قراءتهم أقل من المعدل. ساهمت مئة ساعة من حصص القراءة العلاجية في تحسين نوعية المادة البيضاء في أدمغتهم (إنه النسيج الذي ينقل الإشارات بين مناطق المادة الرمادية حيث تُعالَج المعلومات). في النهاية، استنتج الباحثون أن أدمغة هؤلاء الأولاد بدأت تُجدّد روابطها بطرقٍ تفيد الدماغ كله، وبالتالي لم تنحصر المنافع في القشرة الصدغية التي تُركّز على القراءة.لا بد من تغذية القدرة على التعمق في القراءة. حتى وولف التي تعتبر القراءة جزءاً من عملها ذكرت في كتابها الجديد Reader Come Home (دليل القارئ الأصلي) أنها لاحظت تلاشي قدرتها على التركيز على الكلمات المكتوبة لأننا أصبحنا أكثر ميلاً إلى القراءة على الشاشات الرقمية: "للأسف، نادراً ما يكون هذا الشكل من القراءة متواصلاً أو مستداماً أو مُركّزاّ". نتيجةً لذلك، لا مفر من نشوء حلقة مفرغة: من دون تدريب "عضلات" القراءة بشكلٍ مستمر، يخسر الدماغ قدرته على التحكم بالعمليات المعقدة التي تسمح لنا بالتعمق في القراءة.

لكن يمكنك حل هذه المشكلة بسهولة: يكفي أن تطفئ الهاتف والكمبيوتر وتخصص ساعة أو ساعتين للقراءة بكل بساطة!


MISS 3