مايز عبيد

"صيّادون" للدولار في طرابلس... والصرّافون "بالعين الموس ع الحدّين"

16 آذار 2021

02 : 00

محلّات الصرافة مقفلة‬

أقفل الصرّافون محلاتهم في طرابلس منذ أيام، وجلسوا في بيوتهم. فسعر صرف الدولار في الواقع تجاوز 13 ألف ليرة لبنانية، والسعر الرسمي المفروض عليهم التعامل به 3900 ليرة. فهم، بحسب ما يؤكّدون "بالعين الموس ع الحدّين"، فلا المواطن يقبل التعامل بدولار 3900 ولا الدولة ترضى بأن يتعاملوا بحسب سعر السوق السوداء، وتقوم بملاحقتهم.

محلات الصرافة في محلة التل - طرابلس مقفلة جميعها تقريباً، خرقها صرّاف واحد فقط امس يعمل في هذا النطاق. هو يرفض الحديث عن الوضع بالكامل مكتفياً بالقول: "ما عم صرف دولار لا بيع ولا شراء... فقط يورو أو خليجي". بالمقابل، تنشط السوق السوداء ومن يعمل فيها. فعلى طول الخطّ الصيرفي في التلّ، هناك أشخاص يسألونك لدى مرورك "بدك تبيع دولار"؟ هؤلاء أيضاً جاهزون ليشتروا لا ليبيعوا، لإدراكهم أنّ الدولار في حالة ارتفاع مستمرّ وقد يصل في الأيام المقبلة إلى 20 ألف ليرة. وبعضهم تمركزوا أمام أبواب محلات الصرافة المقفلة لإدراكهم بأنّ ثمة من سيأتي، محاولين اصطياد دولارات من هذا أو ذاك وحسب سعر الصرف عبر التطبيقات. فالسوق السوداء اليوم هي التي تتحكّم بالدولار والتطبيقات هي التي تتحكّم بالتسعيرة. وإلى جانب هؤلاء تنشط عملية بيع وشراء الدولار من خلال مجموعات "واتساب" مخصّصة لهذا الغرض، يتم إدخال الأشخاص "الدولاريين" اليها من تجّار وأصحاب أموال، وطرح المبالغ بالدولار على هذه المجموعات ضمن مزاد يرسو على صاحب الرقم الأعلى.

أخبرنا أحد المواطنين في طرابلس أنه "اشترى يوم السبت الماضي 4000 دولار أميركي على سعر 12700 ليرة بينما كان سعر صرف الدولار على التطبيقات لا يزال 12300 ليرة وذلك يقيناً بأنّ هذا السعر سيرتفع أكثر، وهو ما حصل بالفعل". وللدولار اليوم تجّاره وخاصته الذين يعرفون بموعد صعوده وهبوطه، وبعضهم قد حقّق مبالغ خيالية من عملية بيعه مقابل الليرة اللبنانية كلما شهد ارتفاعاً أو انخفاضاً.

وحدهم الصرّافون الرسميون هم من أصبحوا خارج اللعبة، تطبق عليهم الدولة قراراتها عبر مصرف لبنان، وإذا خالفوها تعرّضوا للملاحقة. قرّروا قبل أيام إقفال محلاتهم بانتظار أيّ حلّ قد ينهي عصر الجنون في سعر صرف الدولار.

ويقول عضو مجلس الصرّافين، ممثّل الشمال في المجلس علاء عجم لـ"نداء الوطن": "في الحقيقة لم نعد قادرين على العمل في هذا الجو من الفوضى بالتسعير، وأنا منذ أكثر من شهر ونصف الشهر أوقفت التعامل بالدولار الأميركي لأنني غير مستعدّ للتعرض لملاحقات أمنية أو قانونية. المشكل يكمن في أنّ الدولة تريدنا أن نتعامل في السوق بسعر 3900 بينما سعر الدولار في الواقع والحقيقة هو أكثر من ذلك بكثير".

ويضيف: "الزبون اليوم يأتي إلى الصرّاف وهو يعرف كل الأسعار حسب التطبيقات. فكيف سيقبل التعامل حسب سعر الصرف الرسمي؟ سيعتبر أنّ الصيرفي في هذه الحالة يريد سرقته. نحن عبارة عن وسيط بين الشاري والبائع وليس بين الدولة والمواطن. بقينا 25 سنة نتعامل على دولار 1508 - 1510 وكنّا نعمل تحت سعر البنك 1515، ولو كنا نريد التلاعب بسعر الصرف لكنا تلاعبنا في حينه".

ويؤكّد عجم "أنّ المطلوب اليوم هو إعادة الثقة إلى الدولة والبنوك وسوق الصرافة وكل القطاعات؛ وأولى خطوات إعادة الثقة تكون بتشكيل حكومة". ويقول: "لسنا مستعدّين للبهدلة في هذه الظروف الصعبة خصوصاً وأنّ السوق صار عرضة لكل أشكال المضاربات عبر تطبيق "الواتساب" والمجموعات، وحتّى في الشوارع والطرقات. نحن لسنا سبب الأزمة، بل نعاني من سوء الأوضاع مثلنا مثل كلّ القطاعات في البلد".


MISS 3