جاد حداد

حول سلامة مرسال الحمض النووي الريبي في لقاح "فايزر"

16 آذار 2021

02 : 00

تزداد الأدلة التي تثبت أن برامج التلقيح تحمي جزءاً من أكثر الناس عرضة لفيروس كورونا كونها تُخفّض حالات العدوى الحادة وتمنع الوفاة.

تذكر دراسة بريطانية مثلاً أن جرعة واحدة من لقاح "فايزر – بيونتيك" تُقلّص احتمال دخول المستشفى بسبب "كوفيد - 19" لدى الراشدين فوق عمر الثمانين بنسبة تصل إلى 79.3%.

وتشير دراسة بريطانية أخرى إلى وصول نسبة فعالية اللقاح إلى 89% بعد 14 يوماً على تلقي الجرعة الثانية. لكن لم يخضع هذا البحث بعد لتقييم علماء آخرين.

في الولايات المتحدة، اكتشفت دراسة في العام 2021 أن جرعتَين من لقاح "فايزر" أو لقاح آخر مبني على مرسال الحمض النووي الريبي ومن إنتاج شركة "مودرنا" تسهمان في الوقاية من العدوى لدى الراشدين بنسبة 88.7%.

من المفاجئ إذاً أن تثير "وكالة الأدوية الأوروبية" في تشرين الثاني 2020 بعض المخاوف من عدم احتواء الدفعات التجارية من لقاح "فايزر" على جزيئات سليمة من مرسال الحمض النووي الريبي بقدر ما هو متوقع.

تعليمات لتصنيع البروتين


تكون كل جزيئة من مرسال الحمض النووي الريبي في اللقاح عبارة عن نموذج جيني يحمل تعليمات لتصنيع بروتين فيروسي واحد. حين تستلم الخلايا البشرية مرسال الحمض النووي الريبي، تستعمله لإنتاج ملايين النسخ البروتينية. إنها أجزاء حميدة من الفيروس، لكنها تطلق استجابة مناعية لحماية الفرد من أي عدوى مستقبلية قد يُسببها كامل الفيروس.

كتب دان كروميلين، أستاذ في علم الصيدلة الحيوية في جامعة "أوتريخت" في هولندا، وزملاؤه في تقريرهم في "مجلة علم الصيدلة" في كانون الأول 2020: "تُعتبر جزيئة مرسال الحمض النووي الريبي الكاملة والسليمة أساسية لتحديد فعاليتها حين تُستعمل على شكل لقاح".

ذكر العلماء أيضاً أن أبسط تراجع في طول شدفة مرسال الحمض النووي الريبي قد يبطئ عمل الخلية أو يمنعها من تصنيع البروتينات الفيروسية بالشكل المناسب.

تكشف الرسائل الإلكترونية الداخلية أن "وكالة الأدوية الأوروبية" عبّرت عن قلقها في تشرين الثاني 2020 من أن تحتوي دفعات لقاح "فايزر" المُعدّة للاستعمال التجاري على كمية أقل من مرسال الحمض النووي الريبي السليم مقارنةً بالدفعات السابقة التي استُعمِلت في التجارب العيادية. بقي 55% فقط من جزيئات مرسال الحمض النووي الريبي في تلك الدفعات التجارية المبكرة على حاله.

رسائل إلكترونية مسرّبة


انتشرت مخاوف "وكالة الأدوية الأوروبية" علناً نتيجة هجوم إلكتروني ضد نظام الحواسيب في الوكالة في كانون الأول 2020.

أرسل مجهولون رسائل إلكترونية مسرّبة إلى عدد من الصحافيين، بما في ذلك "المجلة البريطانية الطبية" التي نشرت للتو تحقيقاً عن مخاوف الوكالة.

يبدو أن شركة "فايزر" عالجت جميع المسائل التي أثارتها "وكالة الأدوية الأوروبية" وقد صادقت هذه الأخيرة على اللقاح في 21 كانون الأول 2020. وفق إحدى الرسائل المسرّبة بتاريخ 25 تشرين الثاني 2020، نقل مصدر لم يتم الإفصاح عنه في الولايات المتحدة خبراً إيجابياً إلى الوكالة: "تكشف أحدث الدفعات أن نسبة مرسال الحمض النووي الريبي السليم عادت إلى 70 أو 75%، ما يجعلنا نشعر بتفاؤل حذر حول إمكانية معالجة المشكلة عبر جمع بيانات إضافية".

يذكر تقرير "المجلة البريطانية الطبية" أن "وكالة الأدوية الأوروبية" و"إدارة الغذاء والدواء" الأميركية و"الخدمة الصحية الكندية" تعاونت في ما بينها للمصادقة على اللقاحات وطرحت معايير مشتركة.

أصل المشكلة

ذكرت مصادر "الخدمة الصحية الكندية" للمجلة البريطانية الطبية أن شركة "فايزر" أجرت تحقيقات حول "السبب الأصلي" للمشكلة في الدفعات التجارية. تقول مصادر في "وكالة الأدوية الأوروبية": "حصلت تعديلات معينة لضمان تحسين جودة المنتجات وتماشيها مع معايير الدفعات المُعدّة للتجارب العيادية".

كذلك، كشف مسؤولون في "الخدمة الصحية الكندية" أن الوكالات الطبية الثلاث استنتجت في المرحلة اللاحقة أن "شيئاً لا يدعو للقلق على مستوى سلامة الحمض النووي الريبي أو أي خصائص أخرى في المنتجات".

يثق المنظمون إذاً بسلامة وفعالية جميع اللقاحات المبنية على مرسال الحمض النووي الريبي والمستعملة راهناً، لكن ثمة أسئلة عالقة حول المعايير المعتمدة للمصادقة على هذه التقنية الجديدة نسبياً.

حين طلبت "المجلة البريطانية الطبية" من شركات التصنيع وبعض المنظمين الوطنيين التعليق على الموضوع، لم يكشف أي منهم نسبة الجزيئات السليمة التي يعتبرونها مقبولة في مرسال الحمض النووي الريبي.

في المقابل، ذكرت مصادر في "إدارة الغذاء والدواء" و"وكالة الأدوية الأوروبية" و"الخدمة الصحية الكندية" أن التفاصيل المرتبطة بالمعايير المقبولة تبقى سرية. وشددت "وكالة الأدوية الأوروبية" على أن كمية البروتينات التي تستطيع شدفة قصيرة من مرسال الحمض النووي الريبي إنتاجها "ستكون أقل من أن تطرح خطراً على سلامة الناس".

ذكرت الوكالة أيضاً أن شركة "فايزر" عالجت مخاوفها بشأن كمية مرسال الحمض النووي الريبي السليم في اللقاح: "تخضع كل دفعة من اللقاحات للاختبار في مختبر المراقبة الطبية الرسمي [معهد بول إيرليخ] في ألمانيا قبل صدور المنتج النهائي. نتيجةً لذلك، خضعت نوعية جرعات اللقاحات المطروحة في أسواق أوروبا لاختبارات مزدوجة للتأكد من التزامها بالمعايير المتفق عليها مع السلطات التنظيمية".


MISS 3