جاد حداد

Yes Day... فيلم عائلي عادي وخفيف

27 آذار 2021

02 : 00

لا شيء مرعب في الحياة أكثر من تحمّل مسؤولية الأولاد وحمايتهم حين يتعلّمون المشي أو يضعون الأغراض في أفواههم أو يستكشفون العالم من حولهم. حتى أن الأهل قد يشعرون أحياناً بأن العالم كله يتآمر لإيذاء أولادهم. ثم تبدأ مرحلة المدرسة المتوسطة وتتخذ المخاطر المطروحة على الأبناء بُعداً جديداً. أمام هذا الوضع، قد يميل الكبار إلى رفض مطالب أولادهم لحمايتهم.

إنها المعضلة التي تواجهها "أليسون توريس" (جينيفر غارنر) في فيلم Yes Day (يوم النَعَم). هي تتعامل مع ثلاثة أولاد يحاولون التصدي لأسلوبها الرافض وإصرارها على قول "لا" لجميع مطالبهم. "أليسون" ليست راضية على ما يحصل أيضاً وسرعان ما تبدأ التفكير بالعوامل التي أوصلتها إلى هذا الوضع بعدما كانت معتادة على الموافقة على كل شيء. هي قابلت "كارلوس" (إدغار راميريز) ووجدت فيه الشريك الذي يستحق أن توافق على كل ما يطلبه. لم تكن ترفض له أي طلب، بما في ذلك نشاطات مثل القفز بالمظلة أو تسلّق الصخور.

لكن حين أنجب الثنائي الأولاد، أصبح الرفض سيّد الموقف وجزءاً أساسياً من الحياة العائلية وأساس جميع القرارات. تشعر "أليسون" في مرحلة معينة بالتعب من مواقفها الرافضة وترغب في التعويض عن المشاكل التي كانت تفتعلها مع "كارلوس"، فهو الرجل الصارم في العمل والأب الذي يريد أن يكون ممتعاً حين يعود إلى منزله. في غضون ذلك، لا تريد "أليسون" أن تتقبل فكرة أنّ أولادها يكبرون وما عادوا يتكلون عليها بالقدر نفسه.

حين يُبلغها المعلمون في المدرسة بأن أولادها يشعرون بأنهم يختنقون من رفضها الدائم أو أنهم سجناء بمعنى الكلمة، يقترح عليها مستشار التوجيه في المدرسة (نات فاكسون) تنظيم "يوم النَعَم"، ما يعني أن يضطر الأبوان للموافقة على كل شيء في هذا اليوم. لكن يترافق هذا الاتفاق مع بعض الشروط: يجب أن يستحق الأولاد ذلك اليوم عبر المشاركة في الأعمال المنزلية وتحسين علاماتهم في المدرسة، ويجب أن تكون طلباتهم محصورة بهذا اليوم (لا يمكنهم أن يطلبوا اقتناء كلب مثلاً!). كذلك، يجب ألا تكون مطالبهم خطيرة أو غير قانونية، ويُفترض أن يلتزموا بميزانية معقولة وأن تبقى طلباتهم محصورة في مساحة معينة. "كايتي" (جينا أورتيغا) هي الابنة الكبرى للزوجَين "توريس". تبلغ هذه الفتاة 14 عاماً ولا تتردد في رفع مستوى الرهان: إذا رفضت والدتها أي طلب خلال "يوم النَعَم"، سيُسمَح لها بالذهاب إلى مهرجان موسيقي خلال الأمسية نفسها مع أصدقائها من دون أن يرافقها شخص راشد. وإذا خسرت الرهان، سترافقها "أليسون" إلى المهرجان.





ترتكز هذه التجربة إذاً على ما يقوله الأهالي دوماً لأولادهم: كل شيء مقبول شرط ألا يتأذى أحد! تكون الأجواء ممتعة فعلاً لفترة، فيأخذ الأولاد أجهزة الأبوَين، ويغيرون شكل الأم ويلبسونها ملابس براقة، ويتناولون كمية كبيرة من المثلجات على الفطور.

سبق وتعاون المخرج ميغيل أرتيتا مع جينيفر غارنر التي شاركت في الإنتاج في فيلمAlexander and the Terrible, Horrible, No Good, Very Bad Day (ألكسندر واليوم المريع والرهيب والسيئ). لا يضاهيه هذا العمل من حيث الحيوية أو الأفكار لأن الشخصيات هذه المرة تبدو أقل جاذبية والحبكة أقل تعقيداً. يتكل Yes Day على أحداث جنونية متلاحقة ونكات بسيطة، منها تعليقات طفل لا يجيد القراءة بعد ولكنه يقول أموراً أكبر من عمره، فضلاً عن مواقف فكاهية تترافق مع فوضى مشابهة لأجواء الرسوم المتحركة.

مع ذلك، يبقى هذا الفيلم عائلياً وترفيهياً وتطغى عليه أجواء فوضوية كوميدية ومشاهد مُرضِية. حتى أنه يحمل رسائل إيجابية وجوانب عاطفية. تقدم غارنر كالعادة أداءً جميلاً ومن الممتع أن نشاهد "أليسون" وهي توافق على كل شيء مجدداً، لا سيما في لعبة "كابلوي" التي تُستعمل فيها بالونات ماء. ثمة كيمياء جميلة بين غارنر وراميريز وتجمعهما علاقة لافتة مع الأولاد الثلاثة، ويؤكد هذا التقارب بينهم على استمتاعهم بالتمثيل معاً.

على غرار عائلة "توريس"، يتّسم طاقم الممثلين الثانويين بتنوع منعش ويشمل مهارات كوميدية رائعة مثل نات فاكسون، وفورتشن فايمستر بدور سائقة سيارة الإسعاف، وجيمس كايسون بدور مالك متجر المثلجات، وأرتورو كاسترو بدور الشرطي اللطيف. تتعدد الأحداث غير المتوقعة: ستثق "أليسون" فجأةً بشخص غريب، وسيتخلى عاملان أساسيان عن عملهما، وسيوقف فنان مشهور حفله الموسيقي لتسهيل متابعة "يوم النَعَم"... ستكون الأجواء ممتعة إذاً لدرجة أن يحلم المشاهدون في النهاية بعيش يوم مماثل!


MISS 3