لماذا يعرض العمل في هذا الوقت تحديداً؟
في زمن اليأس والإحباط والحديث عن زوال لبنان، أعتقد أننا بحاجة للعودة الى ذواتنا وجذورنا، والإطّلاع على تاريخ الأبطال الذين استوطنوا أوكار النسور فزرعوا المنحدرات و"نيشنوا" على قمم الجبال. هؤلاء صمدوا بقوّة إيمانهم وبفضل إرادة الثبات بأرض لبنان. من هذا المنطلق، نسلّط الضوء اليوم على "لبنان" هذا الجبل المقدّس الذي يحمل قضيّة وشهادة وتراثاً ويتحلّى بالرجاء كي يستمرّ ويشعّ وينهض من حالة الموت الموجود فيها.
هل بات الإيمان اليوم حبل الخلاص الوحيد الذي يتمسّك به اللبنانيون؟
لم يبق لنا سوى الإيمان والرجاء بيسوع. وفي ظلّ هذه الصعوبات الكبيرة تبقى عيوننا شاخصة على المصلوب كي يحمينا وينقذنا.
كيف أعددت للوثائقي وما الرسالة التي أردت إيصالها من خلاله؟
بدأت البحث في الكتب والمقالات المرتبطة بالحياة القدسية عموماً وفي لبنان خصوصاً. كما غصت في سِيَر القديسين النسّاك. وفي المرحلة الثانية كتبت الوثائقي كتابةً تلفزيونيّةً واخترت الضيوف الذين تناولوا الموضوع من جوانبه المختلفة، كلٌّ بحسب دراسته واختصاصه. وفي النهاية قرّرنا والمخرج المبدع يوسف بو نافع أماكن التصوير وأعدنا ترتيب الحلقة. ويبقى الهدف من هذا الوثائقي الذي يسلّط الضوء على تراثنا وتاريخنا ونضالنا توجيه رسالة رجاء بلبنان وإيمان بيسوع المسيح.
ما الذي استوقفك خلال البحث والتصوير؟
وهل واجهتك عقبات معيّنة خلال التنفيذ؟ استوقفتني المشهدية بأكملها: الوادي المقدّس، غرف النسّاك وحياتهم، الوثائق التاريخية التي تختصر الحقبات النورانية التي استبسل لبنان في الدفاع عنها. كان هدفنا الرئيس استكمال التصوير من دون تعرّض أحد من فريق العمل للإصابة بفيروس "كورونا". والحمدلله أُنجز الوثائقي على خير ما يرام. وفي السياق نفسه، أحيّي رهبنات لبنان التي شرّعت لنا قلوبها، أديارها و"قلّاياتها" ورافقتنا بكلّ خطوة لإنجاز الوثائقي كما يجب.
لماذا اخترت التحدث عن النسّاك وما الجديد الذي سيحمله الوثائقي؟
يحيط لغزٌ كبيرٌ حول الحياة النسكية ما يدفعك لطرح أسئلة عدة. صادفت أطبّاء وأغنياء تركوا كلّ شيء في هذه الحياة كي يجدوا الفرح الحقيقي. كنت بمهمة بحث عمّا رآه هؤلاء للتخلّي عن الأمور الأرضية كافة والعيش في "قلّايتهم" وحيدين لأكثر من 20 عاماً. الحياة النسكية ليست سهلة، إذ على الناسك الصلاة لمدة 14 يوماً ناهيك عن تناول وجبة واحدة خالية من اللحم يومياً. ولماذا على الناسك ارتداء المسح أو النوم على صخرة أو قطعة حطب؟ يعيش هؤلاء في موجة مليئة بالسلام والفرح تربط الأرض مباشرةً بالسماء.
برأيك هل كان النسّاك سيثورون مع الشعب في هذا الزمن الرديء؟
يعيش النسّاك في ثورة مستمرّة على الباطل والشر، ويحملون بصلاتهم اليومية لبنان الجريح وأبناءه المضطهدين والمظلومين. نحن كمسيحيين نؤمن بقوّة الصلاة التغييرية التي تستطيع تحويل واقعنا المرّ الى آخر أكثر فرحاً.
أخبرنا عن باكورة اختباراتك التي اكتسبتها من كلّ عمل قمتَ به!
غيّرت هذه الوثائقيات حياتي بشكل عام، خصوصاً أنها مُرتكزة على أبحاث وصلوات وتأمّل بحياة القديسين الأبطال وتاريخ الكنيسة العظيم. أشكر الله على هذه النعمة، خصوصاً أنني أعيش اختبارات روحيّة مختلفة في كلّ وثائقي أقدّمه. لذا أتضرّع الى الله وأقول له: "يا رب ضلّ عايش بنعمة إنو إحكي عنك" في كلّ دقيقة أعيشها وكلّ عمل أقوم به.
برأيك هل سيمسّ هذا الوثائقي القلوب الضعيفة أو القلقة؟
إن لم يمسّها فما الذي سيفعل؟
علينا التسلّح بالإيمان دوماً وتسليم حياتنا لله عن ثقة بأن الغد سيكون أفضل من اليوم.
ما الموضوع الذي ستتناوله في الوثائقي المقبل؟
سنأخذ استراحةً بسيطة بعد إنجاز الوثائقي متّكلين على الله لمتابعة مسيرتنا.