حجارة و"مولوتوف" في أعمال عنف خطرة

"السلام الهش" يهتزّ في إيرلندا الشمالية

02 : 00

تحدّثت الشرطة عن اضطرابات لم يشهد لها مثيل منذ سنوات (أ ف ب)

بعد اشتباكات جديدة بين "مثيري الشغب" والشرطة في إيرلندا الشمالية، كرّرت الحكومة البريطانية أمس دعوتها إلى الهدوء، إذ يُخشى أن يُقوّض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "السلام الهش" في المقاطعة، فيما استمرّت المواجهات بين الشرطة التي استخدمت خراطيم المياه، ومتظاهرين قاموا برشقها بالحجارة وزجاجات حارقة، حتّى وقت متأخر من ليل الخميس - الجمعة في بلفاست.

وعلى الرغم من دعوات لندن ودبلن وواشنطن إلى وقف أعمال العنف، اشتعلت العاصمة بلفاست مجدّداً. وفي حي غربي، استُهدفت شرطة مكافحة الشغب التي علقت بين فكَّيْ كماشة بين الجانبَيْن، بزجاجات حارقة وحجارة عندما حاولت منع مئات المتظاهرين الجمهوريين من التوجّه نحو الوحدويين. وتمّ صدّهم باستخدام خراطيم المياه.

وأعمال العنف التي أوقعت أكثر من 70 جريحاً حتّى الآن في صفوف الشرطة، أعادت إلى الذاكرة الإضطرابات التي تسبّبت بمقتل 3500 شخص خلال 3 عقود في مواجهات دامية بين الجمهوريين ومعظمهم من الكاثوليك أنصار الوحدة مع إيرلندا، وبين الوحدويين البروتستانت المدافعين عن الإنتماء إلى المملكة المتحدة.

وتحدّثت الشرطة عن اضطرابات لم يشهد لها مثيل "منذ سنوات"، محذّرةً من وجود مراهقين بين المحتجّين "يُشجّعهم" راشدون ومجموعات شبه عسكرية. وقام الشبان الذين وضعوا كمامات وكان بعضهم ملثمين برشق حواجز الطرق التي أقامتها شرطة مكافحة الشغب بسيّارات "لاند روفر" مدرّعة، بالحجارة والطوب ومفرقعات وزجاجات حارقة. وكان دخان كثيف يتصاعد في بعض الأماكن بعد انفجار زجاجات الـ"مولوتوف".

وصدّت الشرطة المسلّحة بهراوات ودروع المشاغبين، كما استخدمت خراطيم مياه ضخمة عندما حاولت مجموعة من الرجال اقتحام حاجز بسيارة مخرّبة بالقوّة. ودعت الشرطة بمكبّرات الصوت المتظاهرين إلى التفرّق تحت طائلة توقيفهم.

وفي مواجهة هذا التصعيد، كرّرت الحكومة البريطانية التي أرسلت وزير إيرلندا الشمالية براندون لويس، دعوتها إلى التهدئة التي ظلّت حتّى الآن حبراً على ورق، فيما شدّد وزير النقل غرانت شابس على قناة "سكاي نيوز" على أن "العنف ليس الوسيلة لحلّ المشكلات"، معتبراً أن الوضع "مقلق جدّاً".

وكانت لافتة دعوة شقيقة ليرا ماكي، الصحافية التي قُتِلت خلال المواجهات في 2019 في لندنديري، نيكولا ماكي، للمسؤولين السياسيين في إيرلندا الشمالية إلى "بدء حوار مع أولئك الذين يقولون إنّهم غير راضين لدرجة يختارون العنف"، معتبرةً أن البعض "تجاهلهم" والبعض الآخر "أشعل النار". وتابعت: "نحتاج إلى قيادة جيّدة وحكيمة قبل أن يُقتل أحد".

ومنذ اتفاق "الجمعة العظيمة" المبرم العام 1998 يسود "سلام في الظاهر"، كما تقول فيونا ماكماهون البالغة 56 عاماً من سكان المقاطعة. وتُضيف: "إنّها مشكلة متجذّرة وليست فقط ناجمة عن بريكست". لكن "بريكست" ساهم في زعزعة التوازن الهش في المقاطعة من خلال إعادة فرض الرقابة الجمركية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وتفادياً لعودة الحدود بين المقاطعة البريطانية وجمهورية إيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، يتمّ إجراء هذه العمليات في موانئ إيرلندا الشمالية. لكن هذه القواعد الجديدة تُحدث خللاً في المبادلات التجارية ويُندّد بها الوحدويون باعتبارها حدوداً بين إيرلندا الشمالية والمملكة المتحدة، وخيانة من جانب لندن.

وإذ قال جون أودود، النائب المحلّي من حزب "شين فين" الجمهوري لـ"بي بي سي": "هناك وسائل سياسية للتطرّق إلى البرتوكول" الإيرلندي الشمالي، أضاف: "دعونا لا نُحاول إيجاد أعذار للمجموعات الإجرامية التي لا ينبغي أن تكون موجودة بعد 23 عاماً على اتفاق الجمعة العظيمة".

وساهم في زيادة التوتر قرار سلطات إيرلندا الشمالية عدم ملاحقة أعضاء في حزب "شين فين" حضروا في حزيران جنازة بوبي ستوري، الشخصية البارزة في الجيش الجمهوري الإيرلندي، في انتهاك صارخ لقيود "كورونا".

وكانت مجموعات من الوحدويين ومن القوميين قد تواجهت الأربعاء عند بوابة في جدار السلام بين حيَّيْهم. وكتب على الأبواب شعار "لم يكن هناك، يوماً، حرب جيّدة أو سلام سيّئ". لكن البوابات فُتِحَت وحصلت مواجهات شرسة بين الجانبَيْن. وبدأت أعمال العنف الأسبوع الماضي في مدينة لندنديري قبل أن تمتدّ إلى أحد أحياء الوحدويين في بلفاست والمناطق المحيطة بها خلال عطلة عيد الفصح.