عدا عن تدنيه الى ( 0.6 - ) في المئة، فان انخفاض النمو يعيد الشكوك في كل بنية الموازنة وأرقامها التقديرية. إذ أن النمو السلبي يؤدي الى تراجع الايرادات وبالتالي الى ارتفاع نسبة عجز الموازنة من الناتج المحلي الى أكثر من 7.59 في المئة المشروطة دولياً لفك أسر تدفقات "سيدر" المالية. ووفقا لـ "معهد التمويل الدولي"، فان الاقتصاد اللبناني يمر "بنقطة تحول" خصوصاً مع امتلاكه واحدة من أعلى أعباء الديون في العالم، تقدّر بحوالى 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي ظل تخفيض وكالة فيتش للتصنيف الائتماني مؤخرًا تصنيف ديونه السيادية إلى CCC، وإعلان وكالة التصنيف الائتماني المنافسة S&P عن فترة سماح مدتها ستة أشهر قبل تغيير تصنيفها الحالي، بالنظر إلى الإصلاحات المقترحة. ومن المقرر بحسب المعهد "أن يتقلص الاقتصاد اللبناني للعام الثاني على التوالي، حيث يواجه صعوبات في ارتفاع أسعار الفائدة، والصراع السياسي، والمتأخرات في الإنفاق والخلافات حول الإصلاحات المالية والهيكلية اللازمة لإصلاح العجز".
الانكماش 2.2%
تتقاطع هذه التقديرات مع تقرير معهد "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، الذي أشار بوضوح في تقريره الأخير الى أن "نسبة الانكماش في الاقتصاد اللبناني قدرت في النصف الاول من هذا العام بـ 2.2 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. وان الانتعاش المتواضع المتوقع في النشاط الاقتصادي في النصف الثاني من هذا العام لن يكون كافياً لتعويض الانكماش الكبير في النصف الأول".
ملتزم ولكن!
على الرغم من كل المشاكل، فان "معهد التمويل الدولي"، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، لا يعتقد أن لبنان سيتخلف عن الوفاء بالتزاماته، "بالنظر إلى أن لديه احتياطات دولية كبيرة، ونظاماً مصرفياً قوياً، وسجلاً حافلاً في سداد الديون المقومة بالعملات الأجنبية. كما أن المصرف المركزي يُصنّف بحسب "المعهد"، من بين أكبر 20 شركة حائزة على الذهب على مستوى العالم، حيث تقدر قيمة المعدن الاصفر بـ 14 مليار دولار. وهو يحتل المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لناحية موجوداته من الذهب. الا انه في مذكرة منفصلة الأسبوع الماضي، أعربت مؤسسة " Capital" عن شكوكها بشأن خطة الإصلاح، مشيرة إلى ارتفاع تكلفة التأمين ضد التخلف عن سداد الديون السيادية عن طريق مقايضة العجز عن سداد الائتمان.
الحلول المرجوة
سوداوية الواقع لا تنفي وجود حلول، فبحسب كل الجهات الدولية ومؤسسات الابحاث العالمية، فان الخروج من النفق يعتبر أمراً سهلاً، شرط البدء بإصلاحات جدية تترافق مع فرض ضرائب أعلى وعبء أقل على الإنفاق، وليس استسهال فرض الضرائب غير المباشرة التي تتحمل عبئها الطبقتان الفقيرة والمتوسطة كما يحصل حالياً. كما أن التقارير الدولية لا تنسى أهمية التركيز أو البدء باصلاح قطاع الكهرباء، وتخفيف العبء في القطاع العام من خلال تسهيل التقاعد وتخفيف الاعداد، والاستغناء التدريجي عن المؤسسات العامة من خلال الشراكة مع القطاع الخاص.