الإنطلاقة الحقيقية لملف الترسيم بعد الإنتخابات الإسرائيلية

محادثات شينكر: دعم وتحذير... و"صواريخ"

02 : 20

في التقييم الرسمي للزيارة الأولى لنائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط السفير ديفيد شينكر أنّ "الأشخاص يتغيّرون في الولايات المتحدة الأميركية أما لائحة المطالب فتبقى كما هي، وبالتالي الرهان على تغيير الأشخاص هو رهان خاطئ والسياسة الأميركية تجاه لبنان والمنطقة لم تتغير في ثوابتها".

وإذا كان شينكر في موقع المستمع والمستفسر في بعض الأحيان لما يقوله الجانب اللبناني في مقاره الرسمية أو الوزارية أو القيادية، إلا أنه، حسب مصدر لبناني مطلع على مضمون بعض لقاءات شينكر، "ثبّت مرتكزات الموقف الأميركي من الملفات المطروحة القديم منها والجديد"، مؤكداً متانة العلاقات الأميركية - اللبنانية والسعي الدائم إلى تعزيزها وتطويرها في كل المجالات المتاحة، مع جهوزية أميركية للمساعدة والنظر الجدي في ما يطلبه لبنان، وخصوصاً استمرار برنامج المساعدات للجيش اللبناني".

ومما قاله شينكر، حسب المصدر، إن "الولايات المتحدة الأميركية استثمرت في الجيش اللبناني منذ العام 2005 وحتى يومنا الحاضر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار في مختلف المجالات لا سيما التدريب والتجهيز والتسليح، ونحن مستمرون بتعزيز قدرات الجيش اللبناني الذي أثبت في كل المراحل والمواجهات التي خاضها قدرة وكفاءة عاليتين، ونثمّن التعاون القائم بين قيادتي الجيشين الأميركي واللبناني، ونعمل كي يكون الجيش اللبناني القوة الشرعية التي تبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية من دون وجود لأي قوة مسلحة غير شرعية".

وأكد شينكر عندما سئل عن متابعة واشنطن وساطتها بشأن الحدود الجنوبية البرية والبحرية، استعداد بلاده "لاستئناف نشاطها في هذا الملف من حيث توقف يوم كان سلفه السفير ديفيد ساترفيلد ممسكاً بالملف، لأننا نرى في الاتفاق على ترسيم الحدود مصلحة لكل من إسرائيل ولبنان ومصدر راحة للولايات المتحدة، خصوصاً أن الاقتراحات التي سبق وقدمت من الجانبين جديرة بالمتابعة وأي اتفاق يتم التوصل إليه سيكون محل دعم بلاده"، وعندما سئل عن مهلة الستة أشهر وتلازم المسارين البري والبحري قال شينكر: "موضوع المهلة الزمنية ممكن تجاوزها ويجب ألا تشكل عائقاً أو أزمة، وإذا أردتم كجانب لبناني تلازم المسارين لا مشكلة لدينا، وإذا كان الجانب الإسرائيلي يريد المسار الواحد بإمكاننا حينها البحث عن حل وسط وقاسم مشترك بينكما للبدء بالمفاوضات".

وأوضح أنه "تم طرح موضوع الأحداث الأمنية الأخيرة من دون الدخول في تفاصيل العمليتين الاسرائيليتين والرد الذي حصل، حيث عبّر شينكر عن مخاوف بلاده من أن أي تصعيد يحصل يؤثر على الاستقرار والأمن في الجنوب اللبناني ويعرقل الجهود التي تبذل للحفاظ على هذا الاستقرار، معيداً الطرح الأميركي في شأن "حزب الله" باعتباره منظمة إرهابية ووجوب نزع سلاحه، متحدثاً عن الصواريخ الدقيقة والمعلومات التي تتردد عن هذا الموضوع وعن وجود مخازن ومصانع لها في لبنان، كان التأكيد اللبناني بأنه سبق وتمت مراجعة لبنان حول هذا الأمر وقامت الجهات اللبنانية المختصة بالتدقيق ولم تثبت صحة ادعاءات إسرائيل، فأكد شينكر وجوب أن تبقى المنطقة هادئة وأن لا مصلحة بحصول أي تصعيد عسكري أو تطور سلبي، فعمد الجانب اللبناني إلى لفت انتباه شينكر إلى أنه منذ العام 2006 تاريخ صدور القرار 1701 وحتى الأمس القريب لم يحصل أي حادثة أو خرق واسع من الجانب اللبناني للقرار الدولي، بينما إسرائيل تخرق القرار يومياً براً وبحراً وجواً ووصلت الخروقات في تسجيل رسمي إلى 17 ساعة في يوم واحد أي مشهد حرب حقيقية، ونتيجة للاعتداءات الأخيرة التي هدفت إلى تغيير قواعد الاشتباك كان الرد ولبنان متمسك بالتطبيق الكامل للقرار 1701 ونطالب بالانتقال من مرحلة وقف الأعمال العدائية إلى مرحلة وقف إطلاق النار وإلزام إسرائيل الالتزام بكامل مندرجات القرار، فرد شينكر بنصيحة: "من الأفضل عدم التصعيد حتى لا تتطور الأمور لاحقاً إلى مواجهة واسعة".

وأكد المصدر أنّ "ملف اللاجئين السوريين استحوذ على الحيز الأكبر من محادثات الرئاسة الأولى مع شينكر، حيث شرحت تفصيلياً هذا الملف بكل أبعاده وأعبائه الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، طالبة المساعدة في تسريع عودة اللاجئين إلى سوريا إذ إنّ أكثر من 360 ألف لاجئ عادوا ولم يتعرض أحد لهم بشيء أو إيذاء، ولبنان لم يعد قادراً على تحمل وجود مليون وستمائة ألف نازح على أراضيه، لذلك نطالب بمساعدتنا في إعادتهم وأن تعمد الأمم المتحدة لتقديم المساعدات للنازحين في سوريا لتشجيعهم على العودة، ونحن قادرون على التواصل مع الجانب السوري مباشرةً لترتيب هذا الأمر، هنا طرح شينكر المخاوف من المضايقات والمخاطر التي يتعرض لها النازحون العائدون، وقال: "المشكلة الأساسية أن هناك مخاوف جدية من ممارسات النظام السوري وهناك جهد يعمل ولكن لا ضمانات"، فكان الرد اللبناني أن "كل العائدين عادوا طوعاً وليس قسراً ولم تردنا شكاوى عن مضايقات، وخشيتنا أن يكون الموضوع أصبح سياسياً وليس أمنياً".

وختم شينكر محادثاته مع الجانب اللبناني بوعد أن تكون زياراته متكررة إلى المنطقة، وفهم أن الانطلاقة الحقيقية لملف الترسيم ستكون بعد الانتخابات الاسرائيلية وانتظار ما سينتج منها.