رفيق خوري

لبنان المُحرج في منطقة مفخّخة

18 أيلول 2019

14 : 49

لبنان ليس في معزل عن تطورات دراماتيكية تتلاحق في الصراع الأميركي – الإيراني الذي يشمل الحلفاء والوكلاء في المنطقة. والتطورات المرئية وغير المرئية ليست فقط أمنية وعسكرية بل أيضاً مالية وسياسية وديبلوماسية. أميركا التي تمارس السياسة عادة بالعنف على طريقة البايسبول، تمارس مع إيران، حتى إشعار آخر، سياسة "الضرب على الجيوب". وإيران التي من تقاليدها ممارسة السياسة بهدوء لاعب الشطرنج تلعب أحياناً بعنف لاعب البايسبول. وليس قصف المنشآت النفطية في السعودية بعشر طائرات مسيرة سوى نقلة نوعية على رقعة الشطرنج، ولكن على طريقة البايسبول. إذ أحدثت الغارة أعطالاً أوقفت إنتاج خمسة ملايين برميل يومياً، ودفعت أميركا وعدداً من دول المنطقة والعالم إلى فتح المخزونات الإحتياطية.

ولا أحد يعرف كيف ترد الرياض على ما هدد سيادتها وأمنها والإلتزامات حيال الشركاء. ولا كيف ترد أميركا التي التزمت الدفاع عن السعودية على ما زعزع أمن النفط العالمي. لكن الكل يتصور أن أصحاب القرار يضعون في حساباتهم ثمن الرد وكلفة عدم الرد. والكل يدرك خطورة الحرب، ويسمع خطاب طهران عن "خمسة جيوش عقائدية" حاضرة للدفاع عنها، فيرى المنطقة مفخخة وقابلة للتفجير بعد عقود من العمل فوق الأرض وتحتها.

وكما في الشطرنج كذلك في البايسبول: مستقبل لبنان والعراق وسوريا واليمن ودول الخليج على المحك. لبنان الرسمي محرج أكثر من العراق الرسمي. ولبنان الشعبي منقسم أكثر من العراق الشعبي. وهما يشاركان البقية في مواجهة أسئلة مقلقة وأجوبة غير مطمئنة.

لبنان الرسمي محرج مع أميركا التي تطلب من لبنان في موضوع "حزب الله" وصواريخه ما تعرف أنه يضعه في ورطة من دون أن تكون مستعدة لإخراجه منها. ومحرج مع إيران التي تريد له أن يكون في محورها بشكل كامل ومعلن وجبهة أمامية لها من دون حساب لما يلحق به من دمار في حرب الدفاع عنها. ومحرج مع السعودية التي تقود محوراً عربياً يواجه المحور الإيراني، وتطالبه بالوقوف إلى جانبها كبلد عربي أو أقله بممارسة "النأي بالنفس" فعلياً، من دون أن تكون على المسرح قوة عربية فاعلة.

ولبنان الشعبي منقسم بين فريق يعلن أنه مع إيران وآخر هو ضمناً مع السعودية وأميركا. وثانياً بين قطاع يتخوف من أن يؤدي الإستقطاب الأقليمي إلى تدمير الفرصة الأخيرة لمساعدتنا على إنعاش الوضع الإقتصادي والمالي المأزوم، وقطاع يرى "لبنان أولاً" ويخاف على بقايا الإقتصاد من السياسة المحلية السيئة. والباقي زجليات واستعراضات.


MISS 3