منجم تاريخي للملح يتحوّل مركز نقاهة للمتعافين من كوفيد

02 : 00

داخل منجم قديم للملح في جنوب بولندا يعود للقرن الثالث عشر وعلى عمق 130 متراً تحت الأرض، يقوم بولنديون بتمارين لياقة بدنية وسط أجواء حماسية "ساحرة" للمساعدة على التخلص من بعض الأعراض المستمرة بعد شفائهـــــم من كوفيد - 19.

وتقول يادفيغا نوفاك: "عندما أتيت إلى هنا، سُحرت بهذا المكان"، فيما ينشغل زملاؤها في الحصة التدريبية.

ويصنَّف منجم فياليتشكا من الأقدم في العالم، وهو مدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. كما يشكّل معلماً سياحياً، لكنه أيضاً منتجع صحي لمعالجة المرضى المصابين بمشكلات رئوية منذ حوالى مئتي عام.

وبات المكان يستقبل مرضـى كوفيد - 19 الذين ترسلهم المؤسسات الصحية العامة لتمضية فترات نقاهة تمتد لثلاثة أسابيع، إضافة إلى زبائن من جهات خاصة.

ينزل المرضى إلى البئر في المنجم عبر مصعد ضمن مجموعات من عشرة أو خمسة عشر شخصاً ويمشون على طول أنفاق الملح متّبعين مسارات كانت تسلكها القطارات في الموقع. وفور دخول غرفة بحيرة فيسيل البالغ ارتفاعها 15 متراً والمجهّزة بشرفات خشبية، يخضع المشاركون تحت إشراف طبيب إلى فحوص تنفس وتحمية.

وتقول أخصائية العلاج الفيزيائي أغاتا كيتا: "كقاعدة عامة، يعاني مرضى كوفيد أعراضاً أخطر بكثير من المصابين بالربو العادي".

وتصدح في القاعة الكبيرة الشهقات الصادرة عن ممارسة تمارين التنفس، داخل موقع محفور في الصخر أشبه بمسرح سريالي. كما يختبر بعض المرضى قدراتهم التنفسية من طريق صنع فقاعات صابون أو القيام بحركات رياضية معيّنة وسط أجواء ودية تعلو فيها أحياناً الضحكات خلال تمارين أشبه بألعاب مسلية.

ويعتبر العلماء أنّ حوالى 15 % من المرضى السابقين يعانون أعراض "كوفيد طويل الأمد"، بما يشمل التعب وتراجع التركيز وأوجاع الجسم ومشكلات تنفسية. وتصدّرت بولندا برامج إعادة التأهيل والبحوث بشأن "كوفيد الطويل الأمد"، من خلال إطلاقها أولى المؤسسات المخصصة للمرضى في مرحلة ما بعد التعــافي من كورونا.

وحدّد أطباء أكثر من 50 عارضاً جسدياً ونفسيّاً مستمرّاً لدى الأشخاص الذين تعافوا من كوفيد. ويوضح يان شتشيغييلنياك من مستشفى غلوخولازي أنه "إضافة إلى الأعراض الرئوية، ثمة أيضاً آلام في العضلات والمفاصل واختلالات في التوازن والتنسيق وفقدان للذاكرة والتركيز وأعراض متصلة بالضغط النفسي والاكتئاب".

وتكتسي العلاجات بالملح شعبية كبيرة في أوروبا الوسطى والشرقية، رغم انقسام العلماء حيال مزاياها واعتبار بعضهم أن منافعها المزعومة وهمية.

وتؤكد ماغدالينا راماتوفسكا وهي طبيبة في فياليتشكا أن فترة النقاهة داخل منجم الملح لها انعكاسات إيجابية خصوصاً بفضل الهواء النقي في المكان من دون أي مسببات للحساسية، في بيئة ممتازة للمجاري التنفسية.

وتقول "الرطوبة هنا مرتفعة وثمة القليل من التيارات والكثير من الهواء المالح الذي يتصــدى للالتهابات والجراثيم".

MISS 3