جاد حداد

Gemini Man... ممتع لكن سطحي

7 تموز 2021

02 : 00

في فيلم Gemini Man (التوأم)، يلعب ويل سميث دور "هنري بروغان"، القاتل البارع الذي يعمل لصالح وكالة استخبارية تديرها "جانيت لاسيتر" (ليندا إيموند). يكون "بروغان" بارعاً لدرجة أن يصيب هدفه على متن قطار متحرك من على بُعد مئات الأقدام. تظهر مسارات ذلك الهدف في القطار بأسلوب عنيف باتجاه الشاشة وبسرعة لا يمكن تصورها. يصاب الشخص الذي يستهدفه "بروغان" في العنق بدل الرأس. تبقى هذه الإصابة قاتلة، لكن يعتبرها "بروغان" المسمار الأخير في نعش مسيرته المهنية. نتيجةً لذلك، يقرر هذا الأخير التقاعد ويعود إلى رصيف القوارب حيث استُبدِل الشاب الذي اعتاد على استئجار قاربه العادي منه بامرأة اسمها "داني زاكارفيسكي" (ماري إليزابيث وينستيد). وكما يفعل الجواسيس دوماً، يبدأ "بروغان" بالتشكيك بهذا التغيير. هل أرسلها أحد لتعقبه؟ أم أنها موظفة لدى زميل "لاسيتر" وعدوها، "كلاي فيريس" (كلايف أوين)؟

لا يكون شيء مثلما يوحي به للوهلة الأولى في هذا النوع من الأفلام طبعاً. حين تتعرض مجموعة متلاحقة من الزملاء للقتل ثم يعرف "بروغان" أن آخر شخص استهدفه لم يكن إرهابياً بل مجرّد عالِم، يبدأ مغامرة جديدة مع "داني" التي تكون عميلة مثله كما هو متوقع. وحين تفشل محاولات "لاسيتر" لإضعاف قوة "بروغان" بشكلٍ مريع، يتفوق عليها "كلاي" ويبتكر كائناً يُسمّى "التوأم". لا داعي ليكون الشخص منجّماً كي يتوقع أن يكون هذا الكائن النسخة الأصغر سناً من ويل سميث. هو يحمل اسم "جونيور". يقدّم المخرج آنغ لي أداءً ممتازاً حين يكشف عن شخصية "جونيور" ويصوّر المعركة اللاحقة بالدراجات النارية: إنه المشهد الأكثر تشويقاً في الفيلم كله.



يدرك صانعو العمل أن المشاهدين يريدون في المقام الأول مشاهدة المعركة بين نسختَين من ويل سميث، لذا يحرصون على عرض مشاهد قتالية عدة بين "بروغان" البالغ من العمر 51 عاماً والنسخة المصغرة منه. يتفوق "بروغان" الكبير دوماً لأن حكمته المتزايدة والخبرة التي اكتسبها مع مرور الوقت تمنعانه من تكرار الأخطاء التي ارتكبها في شبابه، وهي الأخطاء التي يرتكبها "جونيور" للمرة الأولى. لكن تحصل المعركة الثانية للأسف في سرداب مظلم حيث خضعت التأثيرات لمونتاج سريع على ما يبدو، لذا قد يعجز المشاهدون عن تحديد الطرف الذي يضرب الآخر. كذلك، لن يدرك "بروغان" أن "جونيور" نسخة مطابقة منه قبل مرور وقت طويل. ربما يتعلق السبب بعظام الخد الجديدة لدى نسخته الشابة!

يخدم السيناريو الجوانب التكنولوجية المتعددة التي يتلاعب بها المخرج أكثر من أي عناصر بشرية أخرى، وهو من كتابة بيلي راي، ودارين ليمكي، وديفيد بينيوف الذي شارك في Game of Thrones (صراع العروش). تستعمل القصة شخصية "بروغان" المنغلقة والمجرّدة من العواطف كأداة متعمدة لتجنب التعمق في الشخصيات والعلاقات. يشارك في هذا العمل أيضاً بينيديكت وونغ بأدائه المميز دوماً لقول عباراته الفكاهية الاعتيادية واستغلال طبيعته المرحة. إنه الشخص المثالي لأداء دور الصديق المقرب من الشخصية الرئيسية. أما ماري إليزابيث وينستيد، فيتسنى لها في هذا الفيلم أن تشارك في مشاهد قتالية كبرى بدل أن تلعب دور الفتاة المساعِدة النموذجية. لكن لا يظهر أيٌّ منهما كأفراد مكتملين من حيث الشخصية والقصة. تشكّل العلاقة التي تجمع بين "جونيور" و"كلاي" محاولة للربط عاطفياً بين الشخصيات، لكنّ الحبكة الخاصة بعلاقتهما تبدو أشبه بنسخة من قصة The Boys From Brazil (الفتيان من البرازيل) للكاتب إيرا ليفين، لكن من دون استنساخ هتلر هذه المرة. يثير المنطق الكامن وراء مشروع "جونيور" وأسباب استنساخه مشاكل تفوق أهميته الفعلية.

لا يحاول هذا الفيلم في أي لحظة أن يدّعي أنه أكثر من عمل ممتع وعابر لتسلية المشاهدين. حتى أن هذا الجانب الترفيهي الواضح يبدو مبالغاً فيه أحياناً لأنه مباشر أكثر من اللزوم. ورغم الحوارات المريعة التي يضطر الممثلون لقولها في معظم المشاهد، لا يمكن إنكار المتعة التي يقدمها هذا الفيلم. قد يكون آنغ لي المخرج الوحيد القادر على إعطاء أفلام الحركة الثقل العاطفي الذي ميّز أعماله الدرامية الأخرى مثل Brokeback Mountain (جبل بروكباك). لكنّ رغبته في التطرق إلى المواضيع التكنولوجية المعاصرة في الفترة الأخيرة تنتج حتى الآن تجارب فارغة وسطحية لدرجة أن يجد البعض صعوبة في مشاهدتها. في النهاية، قد يُشجّع هذا المشروع آنغ لي الذي أخرج أعمالاً بارزة مثل The Wedding Banquet (مأدبة الزفاف) على مراجعة خياراته.


MISS 3