محمد دهشة

"نداء الوطن" ترصد مؤشّرات من الغضب الشعبي... يُنذر بانفجار اجتماعي قريب

شحّ المازوت يُقفل الطرقات غضباً بالإطارات المشتعلة... والمنطقة التربوية في سراي صيدا

13 تموز 2021

02 : 00

علي اليمن يقف على حافلته

شكلت بداية الاسبوع يوماً جديداً للمزيد من الانهيار في كل الاتجاهات: تقنين قاس بالتيار الكهربائي، شحّ اضافي بمادتي المازوت والبنزين، استمرار فقدان الادوية في الصيدليات وارتفاع الاسعار والغلاء إرتباطاً بسعر صرف الدولار، قابله غضب كبير من المواطنين وسائقي الشاحنات الذين نزلوا الى الطرقات فأقفلوها وطالبوا بتوفير المازوت ليتمكّنوا من العمل وتأمين قوت اليوم، فيما كانت السيارات تصطف طوابير طويلة امام محطات الوقود لتعبئة ما تيسر من البنزين.

وسط طريق السراي المؤدي الى ساحة الشهداء في صيدا، وعلى مقربة من نيران الاطارات المشتعلة، حيث كانت سحب الدخان الاسود تتعالى في السماء، وقف الصيداوي علي اليمن على سقف حافلته الصغيرة التي ركنها في منتصف المسرب، وهو يستشيط غضباً ويتصبب عرقاً وقد خلع ثيابه وقال بصوت عال: "لا نريد من أحد مساعدتنا، نريد مادة المازوت لصاحب المولد الخاص كي يتمكن من تشغيله وبالتالي انتظام العمل في مصالحنا، خسائرنا تتراكم يومياً، يريدون اذلالنا ولن نسمح بذلك، نحن نطالب بأبسط حقوقنا في الكهرباء والمياه والخدمات الاساسية، لم نعد قادرين على التحمل والخسارة أكثر، يكفي الغلاء وارتفاع الاسعار والدولار".

على بضعة امتار، وقف الفتى خالد الزين وهو يتكئ على عكازه بعد تعرضه لحادث سير من دراجة كهربائية، يتأمل النيران المشتعلة، ويقول لـ"نداء الوطن": "غضبنا بات احمر مثل النار، سينفجر عاجلاً ام آجلاً، لم تعد الناس تقوى على العيش وتأمين قوت اليوم، كل يوم ازمة وارتفاع اضافي بالاسعار والغلاء".

في المسرب الآخر من الشارع، جلست سيدة مع زوجها وبضعة محتجين على الارض وراحت تدعو الناس للنزول الى الشارع، وصبت جام غضبها على الصمت الذي سمح بولادة ازمة تلو اخرى، تساءلت "الى متى سيبقى الشعب صامتاً؟ آن الاوان ان نعبر عن رفضنا، لم نعد قادرين على شراء الحليب لاولادنا، الى اين سنصل لا أحد يعرف.. مصيرنا القاتم".

وهواجس ابناء المدينة انفجرت في اقفال الطرقات بالاطارات المشتعلة وحاويات النفايات وحتى بالطاولات والكراسي والعوائق الحديدية، بدأت من قبل سائقي الشاحنات عند منطقة الاولي مدخل صيدا شمالاً، ثم امتدت بالاطارات المشتعلة الى المستديرة القريبة من مهنية صيدا جنوباً، ثم الى شارع السراي المؤدي الى ساحة الشهداء، وصولاً الى شارع رياض الصلح قرب مطعم "المستشار" بالطاولات والكراسي، والسبب واحد: الاحتجاج على التقنين القاسي بالتيار الكهربائي واضطرار اصحاب المولدات الى التقنين الاضافي بعد نفاد مادة المازوت.

مؤشرات انفجار

وعلى وقع اقفال الطرقات، رصدت "نداء الوطن" جملة من المؤشرات الميدانية على بدء نفاد صبر الناس، غضبهم وغليانهم امام فقدانهم كل احتياجاتهم الرئيسية أولاها: خلال اقفال الطريق الرئيسي عند منطقة الاولي مدخل صيدا الشمالي، أوقف المحتجون سائق شاحنة محملة بالمازوت كانت متوجهة لتفريغ حمولتها في احدى المحطات في حاصبيا، قبل ان يتدخّل الجيش اللبناني على الفور ويعد السائقين بتأمين المازوت خلال ساعات، فجرى السماح له بإكمال طريقه.

ثانيها: إقدام مجهولين على تحطيم زجاج مؤسسة كهرباء لبنان الجنوبي في المدينة ليلاً احتجاجاً، كما يبدو، على التقنين القاسي بالتيار الكهربائي بعدما كتبوا كلمة "حرامي" على لوحتها الرئيسية، وقاموا بتشطيب بعضها بالطلاء الاسود، وحرص الموظفون على ازالة الزجاج المكسور فور وصولهم الى مركز عملهم صباحاً، فيما فتحت القوى الامنية تحقيقاً بالحادث.

ثالثها: مغادرة موظفي المنطقة التربوية في سراي صيدا الحكومي مكاتبهم، بعدما دخلوا اليها وتفاجأوا بانقطاع التيار الكهربائي، وقد غطت العتمة أروقتها إضافة إلى أجواء الطقس الحار، استحالت معها القدرة على أداء عملهم بأي شكل من الأشكال، لا سيما إنهاء جداول المتعاقدين وما عداها من المعاملات الإدارية الملحة التي تتم عبر أجهزة الكومبيوتر، فما كان من رئيس المنطقة الدكتور باسم عباس إلا أن أجرى اتصالاً بمكتب مدير عام وزارة التربية فادي يرق، ووضعه بمجريات المشكلة التي أوقفت عمل الإدارة قبل ان يغادر وجميع الموظفين.

رابعها: اطلاق رئيس تجمع اصحاب المولدات الكهربائية في صيدا والجوار علي بوجي الصرخة الاخيرة مؤكداً أن "مخزون مولدات صيدا من مادة المازوت نفد بالكامل وبدأت المولدات تتوقف قسراً وتباعاً عن العمل، وقد يتوقف معظمها في مدة اقصاها 24 ساعة، وناشد المعنيين القيام بتحرك ضروري وسريع حتى لا نصبح في العتمة على ابواب عيد الاضحى المبارك.


MISS 3