جاد حداد

النشاط الجسدي يكافح عواقب قلّة النوم؟

14 تموز 2021

02 : 00

خضعت التداعيات السلبية لقلة الحركة والحرمان من النوم لأبحاث منفصلة وتم توثيقها في مناسبات عدة، لكن تَقِلّ الدراسات التي ركزت على العواقب المتداخلة لهذه العوامل وتأثيرها على معدل الوفيات.نُشرت نتائج الدراسة في "المجلة البريطانية للطب الرياضي" وهي تحلل الرابط المشترك بين النشاط الجسدي والنوم من جهة ومخاطر الوفاة لأسباب عامة وخاصة من جهة أخرى.

النشاط الجسدي والنوم الصحي

تابعت دراسة طويلة الأمد أكثر من 380 ألف رجل وامرأة في منتصف العمر كانوا قد شاركوا في "البنك الحيوي البريطاني". ملأ المشاركون استبيانات وشاركوا في مقابلات وأجروا قياسات جسدية لتقييم وضعهم الصحي في بداية الدراسة، فضلاً عن قياس مستويات النشاط الجسدي وسلوكيات النوم.

أُقصِي أفراد من الدراسة إذا أشارت تقييماتهم الأولية إلى وجود تاريخ بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، وانقطاع التنفس أثناء النوم، والفئة الثالثة من البدانة. قيّم الباحثون البيانات المرتبطة بالنشاطات الجسدية ولخّصوها عبر استعمال مذكرة أيضية. تشير هذه المذكرة إلى عدد السعرات الحرارية المحروقة خلال كل دقيقة من النشاط الجسدي.

صُنّفت النشاطات الجسدية الفردية بناءً على توجيهات منظمة الصحة العالمية وشملت ما يلي:

• نشاطات مكثفة (1200 دقيقة أسبوعياً على الأقل).

• نشاطات متوسطة (بين 600 و1200 دقيقة كحد أقصى أسبوعياً).

• نشاطات خفيفة (تمارين معدومة أو أقل من 600 دقيقة أسبوعياً).

حدّد الباحثون فئة أخرى ترتبط بغياب النشاطات المعتدلة والمكثفة أسبوعياً لتقييم آثار النشاطات الجسدية غير الكافية. لا تقتصر عواقب قلة النوم على نوعية النوم أو مدته، لذا استعمل الباحثون مقياساً جديداً لتقييم النوم الصحي.

استخدم العلماء خصائص النوم، أي النمط الزمني (الميل إلى السهر أو الاستيقاظ في الصباح الباكر)، ومدة النوم، والأرق، والنوم نهاراً، والشخير، لتقييم وضع المشاركين على مقياس يمتد من صفر إلى 5. شملت فئات قياس النوم درجات صحية (4 وما فوق) ومتوسطة (2 أو 3) وضعيفة (صفر أو 1).

استعمل الباحثون هذه المقاييس إلى جانب معلومات أخرى كشف عنها المشاركون واستخلصوا 12 معادلة تجمع بين النشاط الجسدي والنوم.

ثم تعقب الباحثون صحة المشاركين حتى أيار 2020 أو يوم وفاتهم لتقييم خطر الوفاة لديهم لأي سبب، أو نتيجة عوامل محددة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض القلب التاجي، والجلطة الدماغية، وجميع أنواع السرطان. ثمة رابط مستقل بين هذه العوامل الشائعة وقلة النوم والحد الأدنى من النشاطات الجسدية.

نتائج الدراسة

توفي حوالى 15500 مشارك خلال فترة المراقبة. ارتبط 26% من حالات الوفاة تقريباً بأي نوع من أمراض القلب والأوعية الدموية، و58% بجميع أنواع السرطان، و12% بمرض القلب التاجي، و2% بالجلطة الدماغية النزفية، و3% بالجلطات الدموية. استبعدت البيانات المتوفين خلال أول سنتين من الدراسة وكل من توفي بسبب فيروس "كوفيد - 19".

تكشف نتائج الدراسة أن تراجع معدل النوم لدى المشاركين يتزامن مع زيادة خطر الوفاة لأي سبب أو لأسباب مرتبطة بأنواع من أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتات الدماغية الناجمة عن الجلطات الدموية. كذلك، ارتفع خطر الوفاة لأي سبب أو لأسباب مرتبطة بأمراض القلب أو أي نوع من السرطان لدى من كانوا ينامون لمدة غير كافية ولا يمارسون نشاطات جسدية معتدلة أو مكثفة، مقارنةً بمن اعتادوا على الرياضة المكثفة والنوم الصحي.

على صعيد آخر، سُجّلت أفضل العلامات الصحية على مستوى النوم لدى النساء، والمجموعات الأصغر سناً والأكثر نحافة والأفضل مادياً، والفئات التي كانت تستهلك كمية إضافية من الفاكهة والخضار، وتتراجع مدة جلوسها، ولا تعاني من مشاكل نفسية، ولا تدخّن، ولا تشرب الكحول بقدر الآخرين، وتتابع نشاطاتها الجسدية. يعترف الباحثون بأن الدراسة كانت محدودة على بعض المستويات، فهي مبنية على مراقبة المشاركين، ما يعني أنها لا تقيم رابطاً سببياً مؤكداً بين مختلف العوامل.كذلك، اتكلت الدراسة على بيانات مشتقة من كلام المشاركين واستبعدت عوامل مؤثرة مثل المهنة، وحجم الأسرة، والتغيرات المحتملة في نمط النوم والنشاطات الجسدية مع مرور الوقت.

في النهاية، يقول الباحثون: "برز رابط بين قلة النوم وارتفاع مخاطر الوفاة لأسباب محددة أو عامة، وقد تفاقمت هذه المخاطر بكل وضوح تزامناً مع تراجع النشاطات الجسدية".

تكشف نتائج الدراسة أيضاً أن مستويات النشاطات الجسدية التي تلتزم بالحد الأدنى الموصى به من منظمة الصحة العالمية أو تتفوق عليه تسهم في تبديد الروابط السلبية مع قلة النوم والوفاة.

أخيراً، يستنتج الباحثون أن الأدلة الناشئة تدعم تأثير النوم والنشاط الجسدي معاً على الوضع الصحي، ويشددون على ضرورة إجراء دراسات مستقبلية تشمل النوم بمساعدة الأجهزة وتقييمات جسدية أخرى لاستهداف العاملَين معاً.


MISS 3