رحلة لقاح "كورونا" أكثر تعقيداً للخاضعين للزرع

02 : 00

بفعل تناول أدوية لخفض التفاعلات المناعية والحفاظ على الأعضاء المزروعة، لا يتجاوب الأشخاص الذين خضعوا لعمليات زرع مع اللقاحات بالطريقة عينها كسائر الأفراد... لذا فإن الخروج من الجائحة يبدو أكثر تعقيداً لهؤلاء. وتؤكد أندريا لوبيز روبليز التي خضعت لعملية زرع كبد في سن السنتين: "لن أقول وداعاً للإجراءات الصحية قبل أن يتلقى الجميع اللقاحات". وتعيش هذه الشابة البالغة 25 عاماً حياة شبيهة بمن يصارعون الموت في خريف العمر. وهي لا تتوانى عن ارتداء قمصان قصيرة تظهر ندوبها. وتقول: "عليّ الاعتناء بكبدي يومياً وأدرك تماماً أنني مدينة له بحياتي". وتحمل معها باستمرار سائلاً لتعقيم اليدين ولا تنزع الكمامة من نوع "اف اف بي 2" عن وجهها إلا لارتشاف بعض السوائل.

وتشكل عمليات الزرع مفخرة وطنية في إسبانيا مسقط رأس أندريا، إذ يتصدر البلد قائمة أبرز بلدان العالم على صعيد عمليات وهب الأعضاء منذ أكثر من ثلاثة عقود، مع ما يزيد عن 116 ألف عملية زرع (أكثر من 50 ألف واهب) منذ 1989. وسجّلت إسبانيا منذ عامين رقماً قياسياً تاريخياً تمثّل بوجود 48,9 واهباً لكل مليون نسمة.

حتى قبل انتشار "كورونا"، كانت ماغدالينا موسكال تلتزم التدابير الوقائية المتمثلة في وضع الكمامة والابتعاد عن الناس وعدم تبادل القبل. وتروي الشابة المصابة بتليّف كيسي والتي خضعت لزرع رئتين سنة 2008، أنها تعيش منذ زمن بعيد في فقاعة خاصة يشكّل فيها أي عنصر غريب تهديداً عليها. وتقول: "فجأة بات الجميع يعيشون واقعي الشخصي". وهي تلقت اللقاح المضاد لفيروس كورونا في أيار، وتجهل ما إذا كان جسمها طوّر مناعة ضد الفيروس. وتوضح ماغدالينا: "سنكون أكثر اطمئناناً عندما تصبح نسبة التلقيح بين السكان 100%". وهي تقصد بـ"نحن" الأشخاص الذين خضعوا لعمليات زرع إذ إنهم مضطرون لتناول الأدوية مدى الحياة تفادياً لخطر رفض الجسم للعضو المزروع، لكن آثار هذه العقاقير قد تعيق عمل اللقاحات.

وبيّنت دراسة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية أنّه من أصل 658 شخصاً خضعوا سابقاً لعملية زرع أعضاء وتلقوا أخيراً لقاح كورونا، 54% لا غير يملكون "أجساماً مضادة بكميات قابلة للرصد".

وتؤكد إيستيلا باز أرتال رئيسة قسم العلاجات المناعية في مستشفى "12 أكتوبر" في مدريد أن العلاج الذي يخضع له المرضى الذين أجروا عمليات زرع "يجنبهم بلا شك خطر رفض جسمهم للعضو المزروع لكنه يعيق أيضاً أي استجابة مناعية لديهم، خصوصاً للحماية من الجراثيم والفيروسات". وتوضح أنّ "نسبة كبيرة منهم لا يكوّنون أي أجسام مضادة أو خلايا دفاعية بعد تلقي اللقاح المضاد لكورونا". لكن الطبيبة الإسبانية تؤكد على ضرورة تلقّي اللقاح".


MISS 3