هذه الاستراتيجية قد تُحقق نتائج عكسية وتمنعك من تحسين صحتك...
من المعروف أن الرياضة والحمية الغذائية المناسبة والسيطرة على الضغط النفسي والاستفادة من نوم سليم هي ركائز أسلوب الحياة الصحي. لكن من الأفضل ألا تُضاف المكملات الغذائية إلى هذه اللائحة لأن الأدلة العلمية التي تدعم منافعها لا تزال قليلة. مع ذلك يأخذ الكثيرون كمية مفرطة من المكملات ويجعلونها جزءاً أساسياً من خططهم الصحية.
وفق استطلاعات صحية جرت بين العامين 2017 و2018، اعترف 25% من المشاركين في عمر الستين وما فوق بأخذ أربعة مكملات أو أكثر. حتى أن هذه الكمية هي الحد الأدنى من المكملات التي يأخذها بعض الناس. تقول جوان دويل بيترونغولو، صيدلية في مستشفى "ماساتشوستس" العام التابع لجامعة "هارفارد": "أقابل دوماً مرضى يأخذون بين 7 و20 نوعاً من المكملات يومياً. هم يترددون في التخلي عنها لأنهم يظنون أن المكملات فعالة بقدر الأدوية الطبية".
استراتيجية محفوفة بالمخاطر
تترافق المكملات الغذائية مع مخاطر صحية تلقائية، إذ تحمل المقادير فيها مجازفات كبرى. رغم العناصر المدوّنة على الأغلفة، لا يمكن التأكد من محتوى المكملات. لا تفرض "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية على شركات التصنيع الكشف عن محتوى منتجاتها قبل بيعها أو إثبات فعاليتها أو أمانها. يحتوي البعض على أدوية خفية أيضاً. وفق تقرير بتاريخ كانون الثاني 2021، تذكر دراسة حول عشر منتجات تَعِد بتحسين الوظيفة الدماغية أن هذه المكملات تحتوي على أدوية طبية خطيرة وغير مصادق على استعمالها.
قد تؤثر المكملات على مفعول الأدوية، حتى أن بعضها يزيد أثرها أو يضعفه. توضح دويل بيترونغولو: "قد تؤدي أحماض الأوميغا 3 الدهنية والفيتامين E والجينسنغ والجنكة بيلوبا مثلاً إلى زيادة أثر النزيف عند أخذ مسيلات الدم. كذلك، قد تزيد نبتة سانت جون مستويات مضادات الاكتئاب، مثل الفلوكستين (بروزاك) أو السيرترالين (زولوفت) أو السيتالوبرام (سيليكسا)، في الدم، ما يؤدي إلى ظهور آثار جانبية".
الكميات الكبيرة لا تزيد المنافع!
قد تُسبب أي كميات مفرطة من المكملات الغذائية مخاطر صحية متعددة وتترافق مع مشاكل إضافية. يصعب التحكم بهذا الكم من الحبوب أصلاً، ما يعني أنك قد تفوّت عن غير قصد جرعات ضرورية من الأدوية الطبية.
على صعيد آخر، قد يجد الجسم صعوبة في التعامل مع هذه الأصناف كلها. إذا كنت تأخذ كمية كبيرة من المكملات الغذائية، قد تمنع العناصر الموجودة في الأقراص أو الكبسولات الجسم من امتصاص المقادير الناشطة، ما يعني أن المنتجات لن تعطي المفعول المنشود. يصاب البعض أيضاً بمشاكل في المعدة أو آثار جانبية أخرى لهذا السبب.
كذلك، يميل الناس أحياناً إلى المبالغة في أخذ المغذيات. غالباً ما تكون الحمية الصحية كافية لتلقي الكمية الغذائية الموصى بها من معظم الفيتامينات والمعادن. من خلال تناول حبة متوسطة من البطاطا الحلوة المشوية مثلاً، يمكنك الحصول على 1110 ميكروغرام من الفيتامين A، أي ما يفوق الكمية اليومية الموصى بها للراشدين بعد عمر الخمسين (700 للنساء، و900 للرجال).
لكن تحتوي أنواع كثيرة من الفيتامينات المتعددة على ألف ميكروغرام من الفيتامين A. إذا كنت تأخذ نوعاً من الفيتامينات المتعددة ومكملات أخرى تحتوي على الفيتامين A أو تتناول حبوب الفطور المُدعّمة والعصائر وألواح البروتين أو المشروبات المخفوقة، قد تزيد الكمية التي تستهلكها بثلاثة أو أربعة أضعاف. ثمة رابط بين زيادة استهلاك الفيتامين A وهشاشة العظام وكسور الورك، حتى أن أي كمية مفرطة قد تُسبب مشاكل في الكبد.
يكون الإفراط في أخذ مكملات أخرى خطيراً أيضاً. قد تنشأ مشاكل قلبية عند استهلاك كمية مفرطة من الكالسيوم، ويحصل نزيف في الدماغ بسبب فرط الفيتامين E، وتتضرر الأعصاب بسبب الفيتامين B6.
ما الحل؟
تكلم مع الصيدلي أو الطبيب قبل البدء بأخذ أي نوع من المكملات الغذائية للتأكد من أنه لا يؤثر على وضعك الصحي أو أدويتك الأخرى.
إذا كنت تأخذ نوعاً من الفيتامينات أو المعادن، راجع غلاف المنتجات. يجب أن تعرف الكمية الإجمالية من كل واحد من المغذيات وتحتسبها مع أي مكملات أخرى تأخذها، بالإضافة إلى مجموع المغذيات التي تتلقاها في العادة من حميتك الغذائية. في النهاية، يجب أن تقارن الرقم النهائي بالكمية اليومية الموصى بها.
ماذا عن الفيتامينات المتعددة؟
قد تساعدك الفيتامينات المتعددة لسد الثغرات في حميتك الغذائية، مع أنها لن تكون فعالة بقدر المغذيات الموجودة في الطعام. لكنك قد تواجه المخاطر إذا دفعتك حبة فيتامين واحدة إلى تلقي حبوب كثيرة أخرى بسبب انضمامك مثلاً إلى منتدى صحي أو تأثّرك بالإعلانات التي تستهدف المستهلكين مباشرةً. لا يعني ذلك أن جميع المكملات ليست مفيدة، بل تعطي مكملات محددة منافع عدة للبعض وتبقى مخاطرها محدودة. الأهم هو عدم المبالغة في الكمية المستهلكة!
