بشارة شربل

"ساحر الترقيع"

29 تموز 2021

02 : 00

لا يملك الرئيس ميقاتي عصا سحرية. هكذا قال، وهو محق، لكن بما أنه ارتضى ان يأتي "بدلاً عن ضائع" فسنحاسبه كرئيس حكومة فارع الظلّ كامل الدسم. يعني، لا تتمسْكن يا دولة الرئيس ولا تلعب لعبة خفض التوقعات لحفظ خط الرجعة والحدّ من الخيبات!

الرئيس ميقاتي جزء من "المنظومة". هو أذكى من أن ينكر، ونحن أنبَه من أن نصدّقه إذا حاول. لكن الوقائع المستحيلة جعلته "المنقذ" بعدما بالغ "العهد" وحليفه الاستراتيجي في غيّهما فأفشلا محاولتين، فوطأنا جهنم وصار "الكحل أحلى من العمى".

محقّ الرئيس ميقاتي في رفضه ترؤس "حكومة انتخابات". فهو أطول مَن في "نادي الأربعة"، وأكثر سنّي حصد أصواتاً في صناديق 2018، وأفحش ثراء من "مليونيرية" النادي "الفقراء"، والاتهامات في حقه محدودة اذا حصلت المقارنات وجرى القياس. لذا يحق له التصدي لمهمة إنقاذ، يتوّجُه نجاحُها على زعامة السُّنة ويعيده مظفراً الى السراي بعد الانتخابات، فيذكره اللبنانيون بالخير عرفاناً بعدما صار البلد برمَّته "دار أيتام".

إنجح دولة الرئيس و"مغفورة لك خطاياك". فنحن في أدنى سلّم الحياة. أصدقاؤك وأحبابك في "النادي" و"المنظومة" على السواء أوصلونا الى تسوّل الدواء واشتهاء الكهرباء، وحبيبُك حاكم مصرف لبنان ساحر يستطيع خفض الدولار خمسة آلاف بدل ان يطلق مناصروك النار ابتهاجاً بتكليفك وتسليمك راية "أهل السنة" في الحفاظ على الصلاحيات.

أعجبَنا الرئيس ميقاتي أم لم يعجبنا، هو أفضل من يستطيع "ترقيع" الوضع المهترئ، فلا الثورة استطاعت إرغام "مافيا السلطة" على التنحي أو الذهاب فوراً الى انتخابات بعد ثورة 17 تشرين، ولا "المنظومة" شعرت بتأنيب ضمير بعد ارتكابها جريمة 4 آب، مفسحة في المجال أمام رئيس حكومة يلملم الجراح ويشكل فريقاً اختصاصياً حقيقياً للانقاذ من خارج صفقات النذالة والمحاصصات.

"هيدا الموجود، ومن الموجود جود". لكن - بعد أن "يتحنن" علينا جبران بالتوقيع على مراسيم التشكيل - يستطيع الرئيس ميقاتي تحويل "اليانصيب" الى خيار جدي، وجعل اقامته الصعبة في السراي أملاً حقيقياً، إذا باشر فعلاً برنامج الاصلاح حسب مبادرة الرئيس الفرنسي، وضرب بيده على طاولة مجلس الوزراء للذهاب فوراً الى "صندوق النقد"، مانعاً أي وزير من التفوّه بتفاهات "التوجه شرقاً" بعدما ثبت ان الصين لا تساعد أبداً بـ"بلاش"، وأن روسيا ماكينة تخريب وليس بناء، وأن ايران نموذج لا تتمناه للأعداء.

قد يكون ميقاتي فرصة لمنع "الارتطام الكبير" الذي يعتبره ضرورة كي "ننهض من بين الرماد"! لكنه بالتأكيد فرصة أخيرة للعهد المشؤوم... أيام قليلة ونرى هل يستفيق أهل المنظومة فتتشكل حكومة اختصاصيين أم يعودون الى الحسابات الاقليمية ومماحكات الحقائب والصلاحيات، فيصلح ما قيل عن ذَنَب وُضع في القالب 40 سنة وبقي الإعوجاج!


MISS 3